الى متى وحتى متى ادامة منهج استغباء الشعب واستثمار الجهل والتخلف وديمومتهما لدى الشعب ، غريب هذا التحول لدى المدعين من ابناء الاسلام السياسي وهم يروجون فينا صورتين متناقضتين بين الامس واليوم ، صور الانبياء والصالحين وجدناها حاضرة يوم كانت المقارعة مع الطاغوت البعثي ، واليوم ابشع صور الانتهازية والفساد هي التي هيمنت في خطاب واداء ممن كانوا يتغنون بصور الانبياء والصالحين يوم امس ، لقد عذرنا اولئك الصحابة الذين خالفوا امر رسول الله بالبقاء على الجبل بعدما اكتوينا بفساد ساستنا الاسلاميين....
يخرج الاعلام علينا بشخوص سياسية او قانونية متزلفة للسلطان بل السلطان نفسه ليروجوا علينا اكذوبة لا تنطلي الا على اهل الجهل والتخلف وما اكثرهم بحمد وعاظ السلاطين ، هذه الاكذوبة تتلخص بايجاد علاقة مباشرة او غير مباشرة بين ارادة الشعب وبين اختيار او تحديد رئيس الوزراء ، فالمعروف لكل ذو مسكة عقل ان نظامنا نظام برلماني وليس على الشعب من مسؤولية او ارادة الا اختيار نواب يمثلونه في مجلس النواب ، والى هنا تنتهي مسؤولية الشعب ولا يحق له اختيار رئيس وزراء او رئيس جمهورية او رئيس مجلس النواب ، بل الاختيار والارادة ستتحول بالمطلق الى اعضاء مجلس النواب دون غيرهم ، وهنا نظم الدستور للنواب عملية اختيار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ، وبالتالي فان الشعب حينما يعطي لمرشح ما مليون صوت واخر مئة الف صوت فهما سيان بنظر الدستور ولا ميزة لاحدهما على الاخر ، نعم استطاعت الكتل السياسية بفسادها ان تنظم قانون انتخابي لتعطي الاصوات الفائضة الى جماعة ومحسوبي النائب الذي فاضت لديه ، وهنا مكمن الخلل الذي سلط امعات واذناب ديدنهم كلمة موافج لصاحب مكرمة الاصوات الفائضة ، تسلط هؤلاء الامعات في اخطر موقع في نظامنا الديمقراطي والذي يعتبر البيت الذي تخرج منه جميع مفردات العملية السياسية الا وهو مجلس النواب...
المؤسف والمرعب حقا ان يتم خداع الشعب باعتبار ان الانتخابات الاتحادية هي انتخاب لرئيس الوزراء ؟؟ ، بينما الدستور وواقع الحال يصدمك بحقيقة عدم مدخلية الشعب باختيار رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية او رئيس مجلس النواب بل الامر يناط الى الكتلة الاكبر واعضاء مجلس النواب حصرا كما نص الدستور ، ولنفرض جدلا ان احد المرشحين حاز على اكثر الاصوات في الانتخابات قياسا الى النواب الاخرين ولكن كتلته ليست الكتلة الاكبر فهل يستطيع ان يدعي او يطالب برئاسة الوزراء ام يرغمه الدستور على الصمت وصرف النظر حفظا لكرامته واحتراما لنفسه لكي لا يصبح اضحوكة بمطالبته هذه....
نعم ان تحديد الولايات لرؤساء السلطات من اهم التشريعات التي تصب في صالح الشعب ، لان الثقافة المتخلفة والمتحركة والتي يراد لها ان تبقى مهيمنة على الشعب سوف تصاب بمقتل اذا ما تم تشريع هذا القانون ، وبمعنى ان المصلحة العامة للشعب والعراق وبغض النظر عن الدستور – ليس من اختصاصنا بل من اختصاص القضاء – هي في تنمية وعيه ومعرفته الحقيقة والحقوق والواجبات ، واما البقاء في فلك ثقافة القائد الفذ والضرورة المستمدة من ثقافة القبيلة ونظام مشيختها فهذا هو ما يدمر العراق كدولة وكشعب.....
ونصيحة لمن يطرح الطروحات المتخلفة المستمدة من رحم ثقافة الديكتاتورية بدون ان يعي او يقصد سوء ان يدخل دورة في فهم الديمقراطية والتشبع بثقافتها وممارستها على الصعيد الذاتي قبل ان يطرح اراءه او يتصدى لمنصب في دولتنا الديمقراطية الوليدة .
مقالات اخرى للكاتب