لم يكن قضاء الخالص او (تيلتاوه) كما كانت تسمى في السابق بالقضاء العاجز ان ينجب الينا هكذا طلبة يتفوقون علميا الى درجة الإشباع العلمي بحيث يتم إعفاء جميع طلبة احدى المدارس المتوسطة من الامتحانات النهائية من خلال استحصالهم على درجات النجاح المتفوق العابر لتأدية الامتحان النهائي كما أشارت الى ذلك الأنباء الواردة عبر الوكالات الخبرية العراقية على لسان قائمقام القضاء السيد عدي الخدران مبينا ان (105) طالبا من متوسطة الوسيلة للبنين مجموع عدد الطلبة الكلي الذين تم إعفائهم من أداء الامتحانات النهائية بسبب حصولهم على درجات عالية وهو ما يعني ان تلك الدرجات تفوق معدل 95% للمادة الواحدة .
أود القول هنا إن هذا القضاء الذي يتعرض الى محاولات التطهير العرقي والهجمات الوحشية وقلة الخدمات التي تكاد تكون ميتة تماما بسبب تعامل إدارات المحافظة السابقة معها كما يبدو للناظر ومع ذلك كله نجد ان الروح العلمية والإصرار على التفوق العلمي بهذا الشكل الذي قد يكون فريدا في العراق يتحول الى نوع من التحدي على إثبات هذا العناد على الفكر والتشبث بروح المعرفة التي ينشدها كل مجتمع ، عندما نقف عند هكذا نوع من الطلبة لابد لنا ان نعي حالة مهمة في ممارستنا المسؤولية سواء على مستوى المحافظة كحكومة محلية او على مستوى العراق كحكومة مركزية متمثلة بوزارة التربية من اجل الوقوف مع هكذا نوابغ هم في مقتبل العمر ونستغل تلك القيمة العلمية وهذه الثروة لنطورها ونجعل منها مشاعل تنير للوطن فنقدم جميع احتياجات هؤلاء الطلبة لا أن ندير ظهورنا اليهم لنقتل رغبتهم العلمية واندفاعهم الى المستقبل، ولا نريد أن نقول على الوزارة ان تقوم ببناء المدارس النموذجية التي تحتوي على اخر تكنولوجيا المعلومات في وقت ما زالت المدارس الطينية قائمة في بعض المناطق العراقية ولكن لابد من الالتفات وان كان نظريا وتقديم ما ممكن إداريا على مستوى ما طلبته سلطة القضاء بتحويل هذه المتوسطة الى ثانوية نموذجية للمتميزين بما تحويه من عقول وكفاءات قادرة على أن تنتج شيئا لهذا العراق ، ومن المؤكد ان بلدنا فيه هكذا نماذج متفوقة في أماكن أخرى منه ونستطيع ان نخلق ثروة علمية باحتواء كل تلك الطاقات لنحصل في النهاية على جيل قادر ان يصنع المستحيل بعقليته المنفتحة .
أتمنى من محافظ ديالى والحكومة المحلية ان تقوم بواجبها تجاه هكذا طلبة متفوقين بل أكثر من ذلك ان يقوم وزير التربية بنفسه في الذهاب الى هذا القضاء وتكريم هؤلاء الطلبة وجعلهم يشعرون بأن الدولة تهتم بهم وبتفوقهم وانه نجاح للبلد وليس لقضاء معين او مدينة بذاتها ولا حتى على المستوى الشخصي ، للأسف دور الوزارة كما يتضح لا يرتقى الى المستوى المطلوب منه في ملاحقة المتفوق وتكريمه كما حصل لأحد طلاب الإعدادية من أصول عراقية في كندا عندما حل مسألة في الرياضيات لم يتم حلها لأكثر من ثلاثمائة عام وكرمته وأعطته أكثر مما يتصور وظهر في وسائل الإعلام أكثر مما ظهر به رئيس وزرائهم الكندي.
في هذا الإطار أرى ان هؤلاء الطلبة المتفوقين يعيدون علينا أمجاد الراحل مصطفى جواد ذلك الرجل الذي كان نبراسا للعلم والمعرفة حيث انطلقت معارفه العالية من قضاء الخالص او يوم ذاك كما كان يتلفظها المرحوم مصطفى جواد (تيلتاوه).
مقالات اخرى للكاتب