ورد في القرآن الكريم: "يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور" وجاء في المعجم الوسيط، الصادر عن المجمع العلمي في القاهرة، معنى كلمة (خان): نقص الشيء ولم يؤدِ الامانة، ومن يغدر فهو خائن ومن لم يخلص في النصيحة، خائن ايضا.
هذا من الناحية الاكاديمية، قاموسيا، ومن الناحية الاجرائية، تعني لي: اناسا توسمت بهم الوفاء؛ فسفحت مالي ووقتي وجهدي، بخدمتهم؛ لكنهم جازوني بما جوزي به مجير ام عامر.
لذا آثرت ان اعيش بعد ئذ تحت هاجس: "اتقِ شر من احسنت اليه!" لكن هل التزم الهاجس الذي آثرته سياقَ حياةٍ في وجودي الاجتماعي والعملي؟ أني أشك والواقع اثبت صحة شكوكي.
لم القَ خيانة، طوال حياتي المكتظة بالملمات؛ الا من الناس الذين تفضلت عليهم بعد الله؛ إذ اثبتوا.. مع الاسف.. ان عرق قابيل ما زال ينبض، بدم اخيه المغدور.. هابيل.
اخوان جاء ذكرهما في محكم التنزيل: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ ،. .
وقال عنهما.. جل القائل.. في التوارة: "لم يقبل الرب قربان قابيل فأغتاظ قابيل جداً وسقط وجهه، فقام على أخيه هابيل في الحقل وقتله، فقال الرب قابيل أين هابيل أخوك؟ فقال لاأعلم؛ أحارس أنا لأخي. فقال: ماذا فعلت؟ صوت دم أخيك صارخ من الأرض. فالآن، ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك. متى عملْت الأرض لاتعود تعطيك قوتها. تائهاً وهارباً تكون في الأرض".
بدأت الحياة العاقلة على الارض، وتناسل البشر، بالخيانة؛ فهل الخيانة رهينة العقل!؟ سؤال يدمي ندما، ضمير الافعى التي اقنعت حواء باغواء آدم على أكل التفاحة المحرمة، فكشفت عورتيهما، بعد ان كانا عقلا صم.. من دون غرائز.
الغريزة بيت الداء ومستنقع الشهوات والمطامع الدافعة الى رغبة الاستحواذ على المال والنساء، بشراهة لا ترتوي؛ لأنها نابعة من الخطيئة الاولى التي انبثقت منها البشرية على الارض.
هبط آدم وحواء من الجنة الى الارض؛ جراء خيانتهما عهدا قطعاه للرب، بالا يقربا الشجرة الملعونة؛ وتناسل الناس من خطيئة قتل قابيل اخاه هابيل، على مرأى الربِ ومسمع جلاله.
لعنتان تركبت منهما خطيئة الوجود؛ تحيطان اناسا ما زالوا يلوكون اللقمة سائغة، ادسها في افواههم؛ بينما هم يتآمرون على وظيفتي ومالي وعيالي وحياتي.
تجردت من حقوق دستورية؛ لأن من تفضلت عليهم بعد الله؛ رفعوا وشاية مفتراة ضدي، الى اصحاب القرار؛ الذين لم يتوانوا عن وضع ضمائرهم في منديل مخاط عفن، ...
وتناهى الى علمي، ان واحدا من مؤتمني اسراري الثقاة؛ يتآمر مع (شعواط) انثى، وليست انثى حقيقية، لتدبير مكيدة تحيق بي.. يتم خلالها قتلي واستلاب مالٍ لا يستحق ان يقتل لأجله قط وليس شخصا متفضلا عليهما.. الاثنان.. مؤتمني والشعواطة.
لكن الله ناصر عبده؛ فـ "من يتقِ الله يجعل له الله مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" وهذا واحد من اسرار عظمته.. سبحانه وتعالى.. انه يحمي الصالحين.. مخلصي الولاء في العبودية لجلاله.
إذ هيأ لي اسباب الرزق الحلال، بما فاق الحقوق التي استلبوني اياها، ووقاني شر المؤامرة التي كانت ستنبثق من بين يديّ؛ لأن حرامي البيت، محال الايقاع به؛ لو لا رحمة ربي.. هو مولاي عليه اتوكل.
ان رائحة الخيانة كريهة؛ تزكم انف الارض والسماء.. في كل الديانات السماوية المنزلة والايديولوجيات الوضعية، لكن "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
اثاب الله هابيل في الدنيا والآخرة، وتوعد قاتله بالجوع والتيه ارضا، وعذاب النار آخرة؛ ذلك جزاء الخائنين.. المجرمين الظلَمة.
