بقلب متورم وحيرة تقض مضاجعنا نحاول أن نعرف ما الذي حدث؟ وكيف؟ ولماذا؟ وما الحل؟، وكما حذرنا مرارا وتكرارا ولا من أذن صاغية، بأن فلول البعث قادمة عاجلا أم آجلا، نورد حالات تثبت وبالقرائن الدامغة أن المد البعثي قادم بعد أن بدأ بتأسيس موطئ قدم له في السلطة الجديدة، بكل مكوناتها العسكرية والأمنية والسياسية والتعليمية والدبلوماسية والثقافية والإعلامية وغيرها وبطرق خبيثة قد لا تكون غائبة عن ضحاياه بالأمس القريب ممن عانوا الأمرّين وتعرضوا لشتى صنوف القمع ، وغالبية هؤلاء الضحايا هم على سدة الحكم اليوم من المنتمين للأحزاب الدينية كانوا مدرجين في لائحة التصفيات والملاحقات، لكن عناية الله وحظهم في الإفلات من ماكنة الموت البعثي حال دون وصول يد النظام لهم، هؤلاء مناوئو البعث بالأمس القريب. هل باتوا في (دار غفلون) على كلام المغاربة، أم أنهم متواطئون مع فلول البعث الصدامي، حفاضا على الكرسي والامتيازات انطلاقا من مبدأ التحالف مع الشيطان من أجل الإمساك بالسلطة، حتى وإن تطلب ذلك أن يسلك الساسة الجدد ذات الممارسات البعثية ويمسحون من أدمغتهم (بالأستيكة) المصرية، ما عانوه من هول ورعب ليتعاونوا مع جلاديهم، مستعينين بقوى البطش البعثية وليذهب ماضيهم وتأريخهم وآلاف المغدورين إلى الجحيم. وماذا يكون الوطن؟ ومقارعة البطش البعثي؟ والصمود بوجه المد الأصفر؟ وضحايا البعث؟ وإجتثات القتلة؟ وتطبيق الدستور؟ بعد أن تم وبشكل مضحك الالتفاف على اجتثاث الورم البعثي الخبيث من الجسد العراقي الذي ما اندملت جراحه بعد، وكان مجرد ذر الرماد في العيون، ناسين أن البعث بطبيعته المعروفة لا يمكن مهما كلف الأمر من خراب أن يتنازل عن السلطة وسيعود لها بكل الوسائل القذرة والتي لا تخطر على بال. لماذا غامر ساسة العراق بمستقبل الناس والوطن وهم يعلمون أن البعثيين قوة طاردة لا يمكن الوثوق بها والاطمئنان لها حتى وإن أغلظت الأيمان وأحرقت وعلنا كل صحائفها الرثة؟ وها نحن نحصد شرور ما فعله الساسة الجهلة والطائفيون والذين حولوا العراق إلى إرث لهم وحدهم دون سواهم من العراقيين ودون الانفتاح الوطني الصادق على مكونات الشعب العراقي لسحب البساط من تحت البعثيين وكل الراصدين للانقضاض على السلطة الجديدة وكسب ثقة الناس وتفريغ فكرة أن السلطة طائفية من أدمغتهم التي استغل سذاجتها شياطين البعث والآن نحن فيها قلبا وقالبا. كنا ننتظر بعد إزاحة الكابوس الصدامي أن يكون البديل من أولئك الذين شردوا وعذبوا وعانوا ما عانوا حتى يأتي البناء على أسس قويمة، وأن يتم الابتعاد عن زمن الظلم بممارساته المرعبة، وبأزلامه وأدواته وأساليبه القمعية في القتل والإقصاء وتغييب الآخر وعدم الاعتراف بأية شرعية لتولي السلطة، غير شرعية الحكم البعثي وكأنه إرث مقدس وتأريخي أورثته السماء لعفلق وأيتامه القتلة، لا يمكن التقرب منه أو حتى التفكير فيه، وها هم وبعد الزلزال الذي طال الناس والدولة وتأريخ بلد عريق والخراب الذي زحف لكل شبر من تراب العراق وما زال، هل اعترفوا بأخطائهم؟ وهل طلبوا الصفح؟ من كل من تضرر من مغامراتهم الصبيانية؟ أبدا... أبدا... ولا يوجد هذا الأمر في قاموسهم، بل يسعون وبكل ما أتيح لهم من سبل شيطانية وبآليات الأبالسة وهم جهابذة في ذلك، استرداد عرشهم الضائع، واستعادة المجد المنهار، وإعادة الكرة، تلو الأخرى للشروع بدورة دماء جديدة، وكأن ما سُفك من دماء أنهارا ووديانا، ما أشبعت نزوعهم المرضي في الإبادة وجريان الدم، لأنهم وبكل بساطة جبلوا على أن يكونوا مصاصي دماء لا نضير لهم حتى فاقوا ذلك المسمى دراكيولا والذي يعتبر تلميذا صغيرا بهذه المؤسسة القمعية المخيفة. صعد البعثيون في غفلة جديدة من الوقت وبعد سقوط عهدهم الأول إلى سدة القرار السياسي بسبب المحاصصة سيئة الذكر والتي حولت العراق إلى بقرة حلوب الكل يتقاتل من أجل شفط ما تدر من خيرات. فهناك نواب رئيس جمهورية، ونواب رئيس وزراء، ونواب برلمانيون، وموظفون سامون في كل مرافق الدولة، من ساسة ودبلوماسيين وأصحاب قرار هام في إدارة الدولة، والكارثة والأدهى أن أزلام صدام من ضباط بمراتب مختلفة في الجيش وأجهزة الشرطة والأمن والمخابرات هم من يتحكم ب(أمن البلد) الآن، طبعا ما كان بوارد الحال أن يتسلم البعثيون سلطة القرار الأمني ليحققوا وبنجاح باهر هذا الاختراق، ناهيكم عن نظام المحاصصة الذي أتى برجالات تنتمي للأحزاب الدينية وألبسوهم الكاكي وجعلوا منهم ضباطا كبارا ومراتب مختلفة وهم لا يتعدون في أحسن الحالات أن يكونوا من حاملي الشهادة الابتدائية، وهذا سهّل المهمة لفلول البعث أن تدلوا بدلوها في التحكم بأمن البلاد والعباد بوجهين قد يكون لهما ثالث، هما الإمساك بقبضة الأمن أولا وتمرير الأجندات البعثية المخطط لها بإتقان، ومن ثم يأتي الوجه الآخر وهو الهدف الأبعد لخلق إرباك دائم في النظام الأمني بصدد الهجمة النهائية لإعادة المجد البعثي المنهار. ثم وهنا تكمن المصيبة، أين ذاب ذلك الجيش العرمرم من فدائيي صدام الموغل بالسادية وكان بالآلاف، ثم جيش صدام المدلل وذراعه الضارب الحرس الجمهوري، إن لم يجدوا لهم دهاليز حشروا أنفسهم بانتظار يوم الحشر لتلبية النداء البعثي للثورة المضادة وها نحن الآن قد وصلنا ليوم الحسم، فاحصدوا ما جنته عقولكم الحسيرة والتي اوعزت فقط لأياديكم الفاسدة بسرقة العراق وتركتم أمنه واستقراره في يد القدر وعبث العابثين. (اللهم لا شماتة) ما يمر يوم إلا ونكتشف أن ما ذهبنا إليه هو الذي يشكل المشهد الأمني في العراق، فمن تشكيل ميليشيات إرهابية تحت إمرة أعلى هرم في السلطة ذو ماضٍ بعثي، إلى حدوث اختراقات أمنية تعترف بها الحكومة نفسها، تسهل مهمة القيام بأعمال إرهابية وتهريب سجناء خطرين، وتسهيل إرهاب القاعدة، التي فرّخت الآن أوباش داعش، ووجود مافيات تعمل لخدمة الإرهابيين، وهم في سلطة القرار، ومد الإرهابيين بما يحتاجون من دعم مالي وسلاح، وفتح ممرات للقتلة لتنفيذ جرائمهم، وسواها من فنتازيا لا نعرف كيف ابتدأت ومتى ستنتهي، والأدهى والأمرّ والأغرب والأكثر سريالية، أن كل الخيوط معروفة ومكشوفة من حيث: من يخطط، ومن يسهل، ومن ينفذ، ومن يدعم، ومن يتباهى بذلك، وسفك الدماء متواصل والقتل والتصفيات بكواتم الصوت على عينك يا تاجر ولا من سبيل لمعرفة ما يجري للمواطن المغلوب على أمره زي حالاتنا. حتى وصلت للعظم. بظني أن من خرب المشهد السياسي الذي علق العراقيون عليه الآمال، يتهيؤون الآن للفرار كما فعل قادتهم الاشاوس وخانوا العقيدة العسكرية وسلموا الجمل بما حمل لفلول البعث وحليفتهم داعش وبقية أوباش القتل والمجرمين، بعد أن أمّنوا وضعهم المادي بتبييض الملايير من الدولارات لفتح أرصدة لهم ولعوائلهم في الخارج وليذهب الشعب العراقي للجحيم " والبكا براس" الطائفيين الخونة الذين كم ضحكوا على الأبرياء من البسطاء العراقيين واحتموا بهم ولا من خير عم هذه الشرائح التي بقيت تنوء بفقرها وعوزها وحاجتها وآلامها. هل من المعقول لكتلة تشكل دعامة الوضع السياسي في العراق، وهي الكتلة الكردية، أن تأوي وتتستر وتدافع، وتهدد، لئلا يطال القضاء مجرم محترف وقائد مجموعة إرهابية، وتحلف بالإيمان الغليظة بتخريب العملية السياسية ( الخربانة أصلا) على أن تسلم هذا القاتل وذاك المجرم وهذا الهارب، وهو من أقسم على أمن العراق والحفاظ على وحدة ترابه. علما أن عودة البعث بلباس ديني جديد مدعوما ببقية القتلة الظلاميين "جانت عايزة التمت" إلى السلطة سيؤدي إلى إبادة الشعب الكردي المسالم من جديد مثلما الحاق الأذى بكل العراقيين، "وكأنك يا بوزيد ما غزيت" بعد كل هذه الجهود لإعادة بناء كردستان، فمن يمنع البعث واتباعه بحرق أخضر كردستان قبل يابسها. حالة أخرى من فنتازيا الوضع في العراق تلك التي بدأت تهلل لها بعض أجهزة الإعلام العراقي، بإعلان العفو وإسقاط التهم عن مجرم وإرهابي وفاسد وسارق أموال العراق ومحرض على قتل العراقيين وهو المالك لفضائية ساهمت بقتل آلاف الأبرياء، وقد يكرّم هذا السفاح بتعيينه بأعلى سلطة للقرار في عراق (الحيص بيص) بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة وبدعم من الجرذ عزت الدوري، وهو الذي ما انفك يترحم على سيده في كل الفضائيات وبالتالي تركه يخطط لمساعدة عودة البعث وهو أمر يقيني ولا غبار عليه. بدأ التدرج البعثي بمد مخالبه بشكل تدريجي في أجهزة الأمن والدولة، وها هو بعد أن تمكن من نشر الفوضى بين الفينة والأخرى، ينتقي ودونما حاجة للتحليل والرصد، فصيلا سياسيا كان وعلى امتداد عقود المحن عصيا على الطغاة من كسر شكيمته والقضاء عليه لأنه متجذر في التراب والأرض والوجدان العراقي، رغم قوافل الشهداء التي قدمها هذا الحزب المقدام على طريق الحرية والانعتاق. فأخذ الزحف الأصفر يطاله من حين لآخر من حيث تضييق الخناق عليه وعلى عمله الجماهيري السلمي والبنّاء وبفترات متباعدة ومنتقاة، بحيث طالت المضايقات هذه حتى مقراته ووسائل إعلامه التي تشكل ركنا أساسيا من الإعلام الحر والنزيه والمنحاز للمحرومين والفقراء من ضحايا المحاصصة والطائفية ونهب خيرات البلد، لكون هذا الفصيل قد كرس، وكعهدنا به طيلة تأريخه المعبد بالتضحيات الوطنية الحقة، وقته وجهده وإمكاناته لبناء العراق الجديد وترسيخ مبدأ الشراكة لا من بابها النفعي، بل لإعادة بناء الإنسان والبلد على أسس جديدة، بعيدة عن الأحقاد والقمع والمحاصصة وسلب الحريات والوقوف بحزم بوجه الفساد الذي بات سمة قادت إلى كوارث لتأزيم الوضع أكثر مما هو عليه الآن من أزمات قاتلة وعلى جميع الأصعدة. ها هو يؤدي ضريبة هذا الانحياز للمسحوقين بهجمات حاقدة ومداهمات خطيرة تعيدنا إلى الوراء لتلك الحقبة الصدامية المقيتة والتي كم حاول مجرمو البعث من إضعاف شكيمة مناضلي الحزب ولكنهم خسئوا بأفعالهم الحاقدة ولم يتمكنوا قيد أنملة من النيل منه وثبط عزيمته في تبني فكر نير وكفاح مستميت. وبدل أن تقرب سلطة الطائفيين الفصائل الوطنية والتي تسعى للخير لكل العراقيين ووحدة العراق، أداروا ظهورهم للشرفاء وفتحوا صدورهم وكل مجساتهم للخونة والمتآمرين وأعداء الشعب. إن ضحايا الأمس والذين راحوا يسلمون ذقونهم على طبق من زمرد للبعثيين سيندمون أيما ندم إزاء ما يفعلون وسوف لن تحميهم أو تنفعهم الفقاعات من الامتيازات والسلطة الآيلة للزوال وسيحاسبهم الوطن والناس والتأريخ إن هم استمروا في تماديهم لتسهيل مهمة عودة القتلة الفاشست من البعثيين. إن لم يبادروا بتصحيح المسار في التو والحين. وها كم دليل على آخر ما وقفنا عليه من حالات قريبة منا سمعناها وعايناها ونعيشها يوميا، ذلك أن حزب البعث أخذ يلملم شتاته من جديد خارج العراق وبطرق شتى منها تسريب موظفين يعملون في السفارات هؤلاء دائمو الاتصال بالفارين والدبلوماسيين السابقين ممن نهبوا أموال السفارات وأتلفوا ملفاتها جميعا مضافا إليهم المبتعثين من البعثيين (وهنا تكمن الحيرة) ممن ترسلهم الدولة العراقية للدراسات العليا مع صرف حوالات شهرية لهم وهم ما زالوا بذات الانتماء الوقح للبعث المنهار إضافة إلى فعاليات من فلول بعثية بمسميات عدة. كل هؤلاء أخذوا بالتواصل الدوري والاتصال بفعاليات البلد الذي يقيمون به ممن لا زالوا يحنون للعهد الصدامي، لأنهم كانوا أقلام مأجورة ومرتزقة عاشت على هبات القائد، ومعظمهم من الكتاب والمحامين والإعلاميين والمثقفين ومتنفذين في أحزاب كانت مقربة للبعث. كل هؤلاء يعملون معا ويقيمون أنشطة دورية غطاؤها ثقافي وأهدافها أبعد من ذلك بقصد إيجاد موطئ قدم للم شمل الشتات البعثي الكريه. وكم نبهنا وحذرنا في كتاباتنا من هذه الحالات الخطيرة، لكن لا حياة لمن تنادي. وما علينا إلا الانتظار لذلك اليوم للانقضاض النهائي على الوضع الجديد وعودة سماسرة الموت المجاني والقتل الأرعن، إن لم يتحمل الجميع مسؤولية إيقاف هذا المد الخطير داخل وخارج العراق. وباتت قضية مصير أيها العراقيون للدفاع عن وجودكم ووحدة وطنكم وكرامتكم والتي سيعمل البعثيون والداعشيون على تمريغها في التراب "لا سمح الله" وقد أعذر من أنذر.
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
اخبار العراق اليوم تصلكم بكل وضوح بواسطة العراق تايمز