بين تلك الاماني المرملة، والملقات على قارعة الطريق، تتجول نظرات ذلك الموهوم بالسعادة، جاعلا من انكسار الشمس على اهدابه لوحة تعبد له الطريق بالاستغراب، وخيوط مبعثرة من تلك الحروف المحطمة، وخطى تتعثر بظلها، لا تعرف متى ستتسلق سلم امنياتها، في اولى بواكير الامتثال لتحقيقها.
طفل متشائم، وآخر يغزوا الوجوه العابسة، بمعول الابتسامة البريئة، وطفلة ثكلى، وأنين صامت لأم عجوز، وصدى ناي حزين ينطلق من جملة حكايات السنين، وتعرجات عمره المرير، والمنبعث من صولة الاشجان.
لغة بلا لغة، وسلام وسط حرب الظنون، ونظرات بلا بصيرة، ومسيقى مبحوحة، وأوتار مقطعة، وأذن صماء، ولوحة لأعمى لا يفقه ما يريد، وقرار لأبكم، وانطلاقة مسرعة لمسك جرة هاوية لعجوز بلا اقدام، وسطور مبهمة لشخص لا يعرف القراءة والكتابة.
نصف عجلة خشبية، لعربة محطمة، صنع منها العاشقان وسادة لعشقهما، ووردة لا تقوى يد تلك الصبية على اقتطافها، وراحة ذلك الطفل تداعب احضان امه، وخصلات متطايرة من تلك الشقراء على وجه حبيبها، وغصن بالي لشجرة هي ملاذ لكل عصافير الحب والسعادة، صنع منها ذلك الاب ارجوحة لأنفاس طفلته، وعجوزان يتبادل احداهما الاخر لغز احجية السنين، المنطلق من براثن تجاعيد عمره.
تساؤلات كثيرة، واجابات بلا اجابة! وانتظار لغائب قتل الوقت همسات انتظاره، وجرف يهوى كل يوم بحبة رمل، يلقيها في احضان من شق جرفيه، وقطعة خشبية تعترض طريق المعالي، لتصبح مكان لنقل المفردات بين الشقين، وفلسفة لفيلسوف لا يعرف ما يصبوا اليه! وشاعر اغنية، تُرجمت كلماته لتصبح وتمسي بين القبور تُتلى، وعروس جميلة، تستقبل فارسها بعباءة الكفن، وانامل فنانة اضاعت ريشتها وسط زحام الواح مخيلتها.
يعود ذلك الموهوم ليعطي لذلك الطفل لعبة، فيزيح تشاؤمه، ويقرب الطفلة من الثكلى ليصنع الود، ويطرب العجوز بناي الامنيات لشكر انفاس باقية، لغة الحب هي رمز للأمان، وسلم مسيقي لآلات مرهفة بالاطمئنان، وجرة تهوى على الرمل لتكون قطرات حب للعاشقين، وفيلسوف اتقن عبارات فلسفته، وشاعر وجد ظالته براحة الخلود، في سماء عشق ازلية الكلمات الالهية.
لا مستحيل تحت شمس الاماني، ودافع لخلق الممكن من المستحيل والعدم، وانطلاق بلا كلل في كل صباح جديد، لانفاس مفعمة بالتفاؤل.
يفسر الموهوم كلماته عّلها تجد من يأويها، ويبقى كاتب هذه السطور يتخبط بين مفرداته، لا يعرف ما يريد، او الى اي مدى بلغت به الترهات حد اشباع هيجان تخبطاته، ومخيلاته الرديئة، حتى بات لا يفهم ما يقول، فضاع بين فلسفة الفيلسوف، واستغراب ذلك التائه، فوقفت حروفه عند سطور البكاء.
مقالات اخرى للكاتب