مصر تتوجه الى العراق بشكل جديّ . زيارة وزير خارجيتها الى بغداد هي ترجمة عملية لموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي . إتصاله برئيس الوزراء العراقي هاتفيا قبل أيام لم يكن للمجاملة ، بل عكس إهماما حقيقيا وجديا بما يجري في العراق . قلق على وحدة العراق بما تعنيه من بداية لضياع وحدة اراضي دول أخرى لن تكون مصر مستثناة منها . فالامن ليس مقسماّ بين الدول بل مترابط بشدة .
بمجرد الاطاحة بحكم الاخوان ، بخطوة جريئة من السيسي ، بدأت مصر تعود الى موقعها الطبيعي في المنطقة. الجامعة العربية تغيّر إتجاهها بعدما كانت طوال عامين ، أداة بيد القوى الخليجية المحركة للارهاب والعنف في سوريا ، لدرجة انها جمدت عضوية سوريا وكانت على وشك منح مقعدها لمجموعة المعارضة . لم يعارض ذلك الا العراق ولبنان . بعودة مصر تغيرت البوصلة ، عندما وقف مندوبها بصلابة وصرخ في أول إجتماع للجامعة : إنها سوريا يا عرب، ولن نسمح باسقاطها .
اليوم نرى موقفاً مصريّاً مشابهاً من العراق . كأنّي بالسيسي يقول : إنه العراق يا عرب . فبعث بوزير خارجيته ليرى كيف يساعد العراق . السيسي يدرك ان الامن الاقليمي مترابط ، وموجة الارهاب التي تتمدد في العراق وسوريا وصلت الى مصر . وكما أن للارهاب حاضنة سياسية في العراق ، فان حاضنته المصرية ليست أقل شأنا أو تأثيراً . الفرق انه حدد الحاضنة فحاصرها وإعتقل رموزها وجعل القضاء يأخذ مداه دون ان يتهمه أحد بالتهميش والاقصاء . إعترضوا على حركته سياسيا وأوقفت واشنطن مساعداتها بحجة انه إنقلب على رئيس منتخب ، لكنها رضخت في النهاية للقوي الذي إستعاد مصر .أما عندنا فان رموز الحاضنة السياسية للارهاب يتمتعون بالحصانة ، بل أن بعضهم يمارس الارهاب أو يديره . وإذا ما تحرك القضاء ضده تقوم الدنيا ولا تقعد ويرفع "الاقصاء والتهميش" شعارا وتهمة بوجه السلطة .
الى جانب موضوع ترابط الامن الاقليمي والحاجة الى منظومة إقليمية لمواجهة الارهاب ، فان في العراق فرصا إقتصادية مما تستطيع مصر الاستثمار فيها وهي أحق بها من دول تجني منّا المليارات فيما سياساتها داعمة للار هاب . ومصر السيسي المرحب بها في العراق بشدة ، تحتاج الى الحذر من مطب التقييمات السطحية للوضع العراق والابتعاد عن مفردات "التهميش والاقصاء" التي باتت لازمة عبثية في الخطاب الاقليمي والدولي تجاه العراق. يحتاج المصريون أن يدركوا ان إقصاء الارهابيين وداعميهم هو الذي يحمي العراق ، بالضبط كما فعل السيسي عندما إنقلب على داعمي الارهاب من الاخوان وأقصاهم ورماهم في المعتقل لتعود مصر التي نعرفها والتي يريدها أهلها وجيرانها .
كثير من العراقيين يرددون الان ان العراق يحتاج الى منهج السيسي للخروج من محنته.
مقالات اخرى للكاتب