معركة عبثية أخرى ، بتنا نشهدها ليس اليوم ، بل منذ جريمة توقيع إتفاقيات أوسلو بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، ومستدمرة إسرائيل أواخر عام 1993- التي ألغى وكيل الموساد الإسرائيلي في تونس الخضراء الهارب زين الدين بن علي ، الإتفاق العشري الموقع معها عام 1982 ، ويقضي باستقبال قوات المنظمة في تونس ، بعد إخراجها بالحيلة والغدر من لبنان بسبب تحالف وتنظيم نظام حافظ الوحش الصهيوني الأصفاهاني مع شارون ، وانتهى عام 1992- وتبع ذلك توقيع معاهدة الذل والعار "وادي عربة" بين الأردن الرسمي ، ومستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيوينية أواخرعام 1994، وهذه المعركة العبثية ، تعد من أخطر المعارك الوهمية التي خضناها ، وتم فيها تسليم كل فلسطين ليهود ، وأهديناهم أيضا أراض عربية أخرى ، مثل هضبة الجولان في سوريا ، وجزءا من جنوب لبنان ، وشبه جزيرة سيناء المصرية ، وشريط حدودي خصب غني بالمياه في الأردن وهو منطقة وادي عربة ، والله وحده يعلم أين توجد لهذه المستدمرة أراض أخرى في وطننا المستباح من الماء إلى الماء.
المعركة التي نتحدث عنها هي معركة المناهج التربوية ، التي تهدف إلى تجريد نشئنا من القيم والمعتقدات ، لتصبح الجبهة الداخلية مستباحة باكامل ، كما هو حال الحدود العربية بكاملها ، التي أصبحت تحت الهيمنة الإسرائيلية ، بغض النظر عن موسيقى النشيد الوطني ، أو ألوان العلم ، أو حتى المسمى العلني لهذا البلد أو ذاك .
تغيير المناهج التربوية بدأ من قبل سلطة أوسلو المندثرة/ وكيل الإحتلال الجديد القابع في رام الله ، ولا تهتم قيد أنملة بما يجري في القدس المحتلة ، وتبعته وزارة التربية في الأردن ، ومؤخرا فاحت الرائحة النتنة في جبال الأوراس ، بفضيحة تغيير إسم فلسطين ، وإستبداله ب"إسرائيل" في كتاب الصف الأول المتوسط في المدارس الجزائرية ، وعندما ضج الشعب الجزائري البطل ، دافعت وزيرة التربية بن غبريط عن نفسها بإتهام ناشر الكتاب ، بأنه هو المسؤول عن هذا السبب ، وذلك إعتراف أبشع من الذنب نفسه.
نحن الآن في قلب معركة تغيير المناهج في الأردن ، والذي تبين بعد ظهور المناهج وتسليمها للنشء ، أنها تعمل على تهميش الشريعة الإسلامية وإبعاد أبنائنا عنها ، وذلك بشطب سور وآيات القرآن الكريم ، وتحويل بعض الأسماء مثل فاطمة إلى لميس ، والأماكن مثل مكة إلى لبنان ، ووضع صورة معلمة سافرة بدلا من المعلمة المحجبة ، وتبديل سورة الليل بدرس السباحة ، وآداب الطريق إلى إشارات المرور ، وحذف قيام بن بطوطة بتعلم القرآن والشعر ، وحذف درس العدد في القرآن إلى درس الحمامة الصغيرة .جزى الله نقابة المعلمين الأردنيين كل الخير فقد وافتنا بدراسة مسحية لجريمة تغيير المناهج والهدف منها ، والتي يصر وزير التربية محمد ذنيبات والناطق الرسمي د.محمد المومني على عدم حدوث أي تغييرات ذات مغزى في المناهج.
تفيد دراسة نقابة المعلمين الموثقة باللون والحرف والكلمة أن تعديلات المناهج إستهدفت كل ما يتعلق بالإسلام والعروبة ، فقد تم حذف إسم محمد وإستبداله بمنير وحذف إسم خالد وإستبداله بمراد، والإشارة إلى الهيكل المزعوم عند اليهود في درس الحية والحسون ، ومعروف لم ترمز الحية وماذا يرمز الحسون ،وأقسم أن من نفذ تلك الجريمة ووافق عليها ليس عربيا او مسلما بل هو يهودي صهيوني.
لقد إستبدلت التعديلات الأعلام وارموز الإسلامية وجرى حذه الشيخ والكتاب والشيخ المجاهد الملتحي وإستبدلت المحفوظات في مدح النبي بقصية بعنوان التكنولوجيا تتكلم، كما حذف السؤال عن كيفية تحرير المسجد الأقصى والآية " وقل إعملوا.."، وإستبدل درس من بطولات الهجرة النبوية بدرس عن المطبع المصري أحمد زويل وإستبدل لفظ الجلالة الله ب" نشر الفضيلة"..وحذفت كافة الآيات التي تتحدث عن اليهود.
التبرير الذي يورده المسؤولون في الأردن أنهم يريدون إبعاد الأفكار الداعشية عن أبنائنا ، ولو أنهم واعون لمجريات الأمور ، لما قالوا مثل ذلك ، لأن داعش ليس مطلوبا منه الإقتراب من الأردن ، فهي وحسب المهام المنوطة به ليست ساحته ، وإلا ما معنى توغله في العراق وسوريا وليبيا وسيناء ، وعجزه عن الإقتراب من الحدود الأردنية؟علما أن هذا التنظيم الإرهابي اليهودي الأصل ، يتبخر حاليا ما بين الرقة في سوريا والموصل في العراق ، فأي خطر يمثله هذا المندثر علينا ؟
ما يجري حاليا في الوطن العربي برمته هو عبث على طريق التهويد ، استعدادا لإستقبال دولة يهودية خالصة في فلسطين ، والتخيل بأن المعنيين قد نجحوا في شطب القضية الفلسطينية ، ناسين أو متناسين انها ليست قضية فردية ، أو تخص شخصا بعينه ، فهي قضية ربانية والله ناصر الشعب الفلسطيني يوما ، رغم عدد وعدة يهود ومن مسخه الله معهم من بني جلدتنا ، أو ممن يعودون بأصولهم إلى يهود أسبانيا والدومنة ، ومن قبلهم يهود بني النظير وبني القنينقاع ، ويهود خيبر الذين دخلوا في الإسلام ظاهريا ، وحكموا ونفذوا أجندة الصهيوينة.
يلاحظ ومنذ زمن أن المنظمات الدولية المتصهينة ، تبدي إهتماما منقطع النظير بمناهجنا ، وفي المقدمة مركز ضغط يهودي في واشنطن ، أسسه ثلاثة ضباط من المخابرات الإسرائيلية المتقاعدين عام 1998 ، وهم العقيد السابق إيغال كرمون الذي يعمل رئيسا له، والمقدم السابق مناحيم ميلسون ود.ميران وورمسر ، ومحلله الأول اليهودي العراقي د.نمرود رفائيللي ، وإسم هذا المركز : "معهد بحوث ودراسات الشرق الأوسط الإعلامية " "ميمري" (MEMRI) ، ومهمته مراقبة المناهج والإعلام والمساجد في العالمين العربي والإسلامي ، وترجمة كل ما يكتب ضد اليهود وإسرائيل بتوابل يهودية ، ولهجة تحريضية ضد العرب والمسلمين ، ويبعث ذلك لمراكز صنع القرار في العالم ، ويقول لهم أن العرب والمسلمين يكرهون اليهود ويكرهونكم ، لأننا معا في نفس خندق القيم والأخلاق ، وأنهم أمامكم يراؤون بالقول أنهم يحبوننا ويحبونكم ، لكن انظروا ما يكتبون ويقولون ، ولهذا المركز مكاتب في العواصم العربية والإسلامية من القدس حتى جاكارتا .
هناك خبيران بريطاني وأمريكي يتخندقان في أحد المكاتب بوزراة التربية في عمّان ، مهمتهما مراقبة المناهج ، ويقول وزير التربية د.محمد ذنيبات ، أنه ليس مسؤولا عن مجزرة تغيير المناهج ، محيلا القضية على أمين عام الوزارة ومدير المناهج فيها ، والغريب أن هذين المسؤولين لم يردا على قول الوزير ولم يقوما بتبرئة نفسيهما ، مع أنني شخصيا أوقن أن لا علاقة لهما بما يجري ، لأن تغيير المناهج ، أمر يهودي نفذه وزير التربية ، وباركه كل من يصطفون مع مستدمرة إسرائيل ، والهدف الأبعد من وراء تغيير المناهج في الأردن بشكل خاص ، هو إبطال مقولة أن الأردن هو أرض الحشد والرباط ، أعده الله لتحرير فلسطين وليس لحماية إسرائيل.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : هل أن يهود الذين نغير المناهج والعقيدة من أجل نيل رضاهم ، قاموا هم بتغيير مناهجهم الإرهابية الشوفينية العنصرية ؟ وهل ألغوا المدارس الدينية التلمودية ، التي تقطر حقدا وكراهية ليس ضد العرب والمسلمين فقط، بل ضد الإنسانية كافة؟
مقالات اخرى للكاتب