ان قوما احبوا اهل البيت حبهم للنبي محمد "ص" فذاك - والله - حب الاحرار . ترى هل ثم حب آخر سوى حب الاحرار لأشرف خمسة وطأوا الثرى واعني بهم المصطفى والمرتضى وابناهما والفاطمة ؟ ورد في الروايات ان احد صحابة اسد الله الغالب علي "علي بن ابي طالب ، اعرب للامام عن حبه الجم له فرد عليه الامام قائلا ما معناه : اذن ابشر بالبلاء (او الابتلاء على رواية) . الكثير من المؤمنين بمكانة محمد وآله "عليهم جميعا السلام " يتوقعون مردودا دنيويا لهذا الحب كمكافأة لما يبذلونه من مشقة حب !!! وحسب هؤلاء -وهم ليسوا قلة - فان هذا المردود اما ان ياتي ماديا او صحيا او توفيقا ظاهرا في مجالات الحياة كدليل على رضا المحبوب . لم يذكر لنا التاريخ محبا لال بيت النبوة ومعدن الرسالة حرا كابي ذر الغفاري (رحمه الله ) . هذا الرجل الزاهد العابد الثوري لم تكتب عليه المصائب في الحياة الدنيا الا لكون كل عرق من عروقه كان ينبض بحب محمد وعلي "عليهما السلام" . وثمنا لهذا الحب الاسطوري لم يترك ابو ذر مصداقا للشقاء في الحياة الدنيا الا و تجرعه ملء شدقيه ، والفقر والتشرد كانا ابرز حلقتين في سلسلة هذا الشقاء الدنيوي الزائل . ولو كان للارض و آهليها بعض الوفاء لحمل ابوذر في زمانه وفي كل زمان ومكان على هامات المسلمين نظرا لقربه اللصيق من الرسول الكريم "ص" وما روي عنه صلى الله عليه واله وسلم من احاديث حول فضل هذا الصحابي الجليل . و يكفيه : "ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر". ولو اردنا ان نستعرض ما اصاب اصحاب علي من بلاء دنيوي لضاق بنا المقام ، وحسبنا حجر بن عدي قدس الله نفسه الزكية . اليوم اصبح سائدا لدى عامة المؤمنين بفضل حب البيت النبوي الطاهر ان هذه المحبة يترتب عليها ثمن دنيوي عاجل غير آجل ما يشبه صفقة بيع سيارات . في ايام الامتحانات النهائية لا تسمع في مرقد الامام علي عليه السلام الذي يشرف النجف والعراق والارض برمتها ، الا دعوات تقطع نياط القلب بانجاح الابناء بمعدل ٩٥ ٪ او اكثر . واذا جاءت النتائج بتقدير اقل من ٩٠٪ يبدا العتب الودي على ابي الحسن : ليش هيجي يابو زينب ؟ فدوة رحتلك ليش حرمته من الطبية !!! والله اريد اشوفه طبيب عله عناد حجيه سليمة قبل لا اموت !!! وتعقب ذلك زخة دمعات حرى ناجمة من الشعور بالخيبة والخسران . ويتحول الامام علي بكل عظمته الاسطورية الى مدير شعبة القبول في جامعة بغداد في نظر صاحبتنا غفر الله لها ولامثالها . وفي موسم الانتخابات البرلمانية الذي نمر فيه الان لاتجد مختلفا على المراقد والمجالس الحسينية مثل السادة المرشحين وذويهم وبطانتهم ، فكلهم يرتجي تقديم خدمة للشعب من تحت قبة البرلمان السخية بالعطاء . قس على ذلك بلا حرج سائر المناسبات في سائر مراقد الائمة الكرام من ولد الكرار . لنا اسوة حسنة في قصة وفاة عميد المنبر الحسيني في كل عصر ومصر الشيخ احمد الوائلي الذي امضى ثلاثة ارباع عمره اما متسلحا بثقافة اهل البيت او مدافعا عن ظلامتهم او ناظما في حقهم اروع القصائد . وعندما جاء وعد الله اصيب في الموضع الذي كان يدافع فيه على مدى خمسين عاما عن حق اهل البيت وعلى منبرهم الشريف . فقد ترك المرض الخبيث كل مواضع الجسم واستقر في حنجرته التي امتعت وتمتع الملايين بما جادت علينا من روائع الخطب التي لا يمل سامعها. والامثلة على ذلك تكاد لا تحصى لكثرتها وتكرارها في كل زمان ومكان . ليس عصيا على رب العالمين ان يجري الارض ينابيع يتدفق منها اللؤلؤ والمرجان من تحت اقدام محبي اهل البيت فامره بين الكاف والنون ، ولو شاء ان بفعل ذلك لما تميز الخبيث من الطيب وسترى الكل - الصالح والطالح - مجتمعين على خوان اهل البيت بمن في ذلك الشيخ العرعور لا أذاقه الله رحيق حب محمد واهل بيته الطيبين الطاهرين .
فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون.