{إستذكارا لدماء الشهداء التي ستظل تنزف الى يوم القيامة، من أجساد طرية في اللحود، تفخر بها أرواح خالدة في جنات النعيم، أنشر موسوعة "دماء لن تجف" في حلقات متتابعة، تؤرخ لسيرة مجموعة الابطال الذين واجهوا الطاغية المقبور صدام حسين، ونالوا في معتقلاته، خير الحسنيين.. الشهادة بين يدي الله، على أمل ضمها بين دفتي كتاب، في قابل الايام.. إن شاء الله}
إبراهيم جابر نشمي، أغنية بلشفية في كرنفال الشهادة، الذي زفت زرافات من عراقيين، خلاله، على خشبات مشانق حزب البعث المنحل وطاغيته المقبور صدام حسين، الى رياحين الجنة وحورياتها العابقات بالجمال.
الوقوف بوجه الديكتاتورية هم وطني إرتشفه المعلم الأصيل.. مربي الأجيال، الذي كابد الموت غصة.. غصة، بثبات لم ينفِ أثناءه موقفاً حاد المواجهة، بالضد من ظلم سلطة جائرة.. الولاء للوطن وناسه، هو سر الشعبية الواسعة التي حببت الناصريين بمعلمهم؛ فعمله.. معلما في ذي قار، شكل ميداناً خصبا، لغرس الأفكار الشيوعية الرامية التي بلورة شخصية الطالب، منذ غضاضة وعيه، ريثما يشب سديد الإختيارات.
لم يرضَ رجال التربية البعثيون، عن الإسطورة التي تحققت حول شخص الشهيد نشمي؛ وهو يغطي مساحة واسعة من إعجاب المجتمع، في المحافظة؛ لذلك كادوا له، ورفعوا به تقارير (مشينة بحقهم.. خلدته) شهيدا بعد طول تعذيب ممض!
تفاصيل معنوية
إستشهد إبراهيم، ولم يتخطَ الربيع السابع والعشرين من شبابه، فهو تولد 1955 ورفعته ملائكة السماء، الى رحاب رحمة الله، في العام 1982، محزوز العنق، بحبل مشنقة الأمن العامة، من دون محاكمة، مكتفين بتحقيق شكلي تم إجراؤه في أمن الناصرية، تحت وهن ضرب مبرح وأنماط مبتكرة من التعذيب، الذي تفننت شركات عالمية بتصنيعه؛ نظير التهافت على بذخ الطاغية أموال العراقيين سفحها لتدعيم سلطته بتفتيت قوى العراقيين..
رحل نشمي بعد التحقيق المشفوع بالتنكيل، مقضيا عليه بالموت! قبل أن يصغي أي من الجلادين للحوار القضائي في الحكم!
خلود نهائي
إستشهد، تاركا زوجة تشتاق لمحياه الودود، وعائلة عاش وسطها شمعة ضيئة، تسهم في إنارة رؤى عقول الأهالي ملء ذي قار العامرة، وفيا لإنتمائه الشيوعي.. مبدئيا، حد الإستشهاد في سبيل ذلك،...، لم ينتهز فرص النجاة التي عرضت له قاصدين إذلال فكره؛ ففضل النهاية، التي يبتدئ منها خلودا الى الأبد.
إنتظار حبل المشنقة لم يثنه عن تأملات عميقة، أقوى من ظلمات السراديب التي ركبت فوق بعضها، تستشف مستقبل العراق، الذي عبده بجفاف الأنفاس في رئتيه، وهما تطوقان بحبل متين، قطع مهب الحياة، في عنقه.
نجا من حياة عكرها صدام وحزبه، وظل ذووه يكابدون حلم الرفاه الذي تحول كابوسا جائرا..
طاب ذكر إبراهيم جابر نشمي، وخاب قاتلوه.
مقالات اخرى للكاتب