مازال الحاج زامل يشتري ماء الشرب, فالماء الواصل عبر شبكة الماء الوطنية ملوثا ويسبب الأمراض, وكل شتاء يصنع سدة من الطين أمام بيته, كي لا تدخل مياه الأمطار للبيت, والى اليوم زوجنه مريضة ولا يقدر على شراء العلاج, الحاج زامل شارك في كل الانتخابات الماضية بأمل أن يصل إلى حقوقه, كانسان عراقي يريد شارع مبلط, وماء صالح للشرب, ودواء لزوجته المريضة, لكنها كانت مجرد خيبات أمل, تتراكم بعضها فوق بعض لتشكل جبلا من الهموم, ألان قرر الحاج زامل أن يصفع الساسة كصفعة الحمزة لأبي جهل, عبر رفض انتخاب المفسدين المشتركة بالسلطة.
نفس ظروف الحاج زامل, هنالك الملايين من أهل العراق ممن يسحقون يوميا, فالعدل قد إقصاءه الحاكمون, فبعد 13 سنة عجاف مليئة بالفشل والدم, نتيجة سوء الإدارة من قبل العصابة الحاكمة, ألان هنالك غضب كبير في نفوس الشعب المظلوم, قد ينتج مفاجئة غير سارة للطبقة الحاكمة.
كان المنتظر من الشعب أن يقوم بثورة لتغيير الأوضاع المنحرفة, التي تسير عليها ما يسمى ب"الدولة", لكن كان لطبيعة الظروف الغريبة, التي تمر على الوطن, من قبيل الحرب ضد الإرهاب, وسقوط ثلاث محافظات بيد الأعداء, والأزمة الاقتصادية الخانقة, والصراع الطائفي الذي لا ينتهي, ونفوذ بعض القوى العظمى (مثل أمريكا وروسيا) وإرادتها باستمرار الحال, بالاضافة الى غياب وعي جماهيري بأهمية العمل الجماعي, والقضية الأهم لتأخر حصول ثورة هي غياب القائد الحقيقي للجماهير.
كل هذا الأمور وبعض الجزئيات الأخرى, جعلت قضية الثورة الجماهيرية ضد المفسدين صعبة التحقق, لكن هنالك تصورات أخرى للثورة.
الانتخابات المقبلة ستكون كاشفة لحجم وعي المجتمع العراقي, فبعد فشل كل الأحزاب المشتركة بالسلطة, في تحقيق منجز مهم للجماهير, وافتضاح كذبها بعد تخليها كل مرة عن برامجها الانتخابية, والفشل الكارثي الذي لازم كل خطوات الساسة, بالاضافة لعامل مهم وهو رفض المرجعية الصالحة للرموز السياسية الحالية, والتي تمثل حاليا أوراق محترقة, ولن تقدم أي جديد بعد فهم طبيعة ميولها وسلوكها المعتمد على استمرار الوضع الراهن, وهي قد تمرست بعمليات الكذب والسرقة, فيعد لزاما على الجماهير الواعية أن لا تنتخب هذه الأحزاب, وإلا اعتبر نوع من الغباء والسفاهة التي لا علاج لها.
من الممكن توجه ضربة قاضية لأحزاب السلطة, عبر إقصاء جماعي في الانتخابات, والتوجه أما إلى شخوص جدد, لا ينتمون لأي مكون من مكونات السلطة, هذا أن وجد أشخاص يستحقون الانتخاب, وإذا لم يتواجد هكذا المكون, فالأفضل اللجوء لعملية مقاطعة الانتخابات, كنوع من الاعتراض والرفض لنظام يعتمد الكذب والسرقة والفساد وتضييع حقوق الناس, كمنهج في طريقة حكمه, وعند توجه جماهيري واسع لنفس الفعل للخيار الأول أو الثاني, عندها من الممكن أن تفهم العصابة الحاكمة أن أيامها انتهت.
أشهر قليلة ونكتشف مقدار وعي الجماهير, هل سنفرح بضربة قاضية وصفعة مدوية توجهها الجماهير للشواذ واللصوص وعواهر السياسة, أم سيخيب أملنا بإعادة انتخاب العصابة الحاكمة من جديد.
مقالات اخرى للكاتب
|