ظاهرة تحلق الناس حول التلفاز عند القاء السيد حسن نصر الله قائد المقاومة اللبنانية لخطبه ولقاءاته ،وكذلك تتبع أخباره ،هي ظاهرة بارزة لايمكن انكارها بحال وعلى امتداد العالمين العربي والأسلامي مما يبرز الشعبية الواسعة لهذه الشخصية المقاومة والشجاعة والمضحية ،في قلوب الملايين، قد تكون لم تتوفر لشخصية من قبله في العصر الحديث ،اذا اخذنا بنظر الأعتبار عدم تبوءه منصبا ً سياسيا ً على مستوى دولة،أو امتلاكه موارد وامكانات دولة ، كما هو حال المحروسين الملوك والرؤساء العرب والمسلمين ،كما انه قائد لحزب الله الذي بدوره حزب من عشرات الأحزاب في دولة صغيرة هي لبنان ،وهذا يبين مفارقة كبيرة لاتأتي جزافا ً ابدا ً ،إذ لابد وان هناك اسباب موضوعية ادت الى بروز شخصية السيد نصر الله كقائد جماهيري له مكانة خاصة في قلوب الناس ،ليس من السهل تكرارها .
ومن متابعة العديد من الأستطلاعات الجماهيرية يتبين بعض الدلائل المعبرة التي نورد بعضها :
1- ان ما بلغه السيد نصر الله يدل على صفات قيادية فذة ،مسندة بمتانة في العقيدة وصدق في الألتزام والأخلاص وتأثير في الآخرين ، دعمتها الأحداث والتجارب اللاحقة ، التي ادت الى اختياره بدءا ً الأنتماء الى حركة أمل التي اسسها الأمام موسى الصدر ،في وقت كانت الحركات الشيوعية هي السائدة ،ومن ثم المساهمة الفعالة في انشاء وتأسيس حزب الله اللبناني عام 1982مستقلا ً عن حركة أمل ،وهو العام الذي اجتاحت فيه اسرائيل لبنان ،وقد اصبح الأمين العام للحزب عام 1992 رغم صغر سنه .
2- في وقت يسقط فيه زعماء العرب والمسلمون في واحة الرتابة والتواطئ والأستسلام المهين مع الصهاينة المحتلين ،فأن حسن نصرالله ثابت على خط المواجهة رغم ماتعرض له ويتعرض له من مؤامرات ومحاولات للأغتيال ولم تنفع معه كل طرق العدو وآخرها حرب 2006 التي واجه من خلالها الآلة العسكرية الصهيونية الغاشمة منفردا ً وارغم الصهاينة على القبول بوقف اطلاق النار بعد مواجهات تاريخية تكبد فيها العدو خسائر لم يكن يتوقعها ،في حين قام الصهاينة،مستخدمين السلاح الأمريكي ، كعادتهم بقصف الأحياء المدنية وتهديم المنازل والبنى التحتية .
3- تقديمه أعز مايملك في مواجهاته مع العدو الصهيوني ولم يكن هناك فرق بين ولده ومقاتليه من عناصر الحزب ، وقد قدم عام 1997ولده البكر (هادي) كأحد كوكبة شهداء المقاومة ،ولم يفت هذا في عضده بل كان دافعا ً لآستمرار المقاومة حتى تم اخراج الصهاينة من لبنان ،ومن المناسب ان نذكر رسالة التعزية التي ارسلها له الكاتب والمفكر العربي محمد حسنين هيكل والتي تعكس عظيم شعبية سيد المقاومة في نفوس العرب والمسلمون عامة :
( لقد رأينا الأبوّة تُمتحن بالجهاد إلى درجة الشهادة، ورأينا الجهاد يُمتحن بالأبوّة إلى درجة البطولة. إنني لا أعرف ماذا أقول لك؟ فلا أنا راضٍ عن كلمة عزاء أواسيك بها، فأيّ كلمة عاجزة، ولا أنا قادر على الصلاة من أجلك، فصلاتك أقرب إلى عرش الله من أيّ قول أو همس يصدر عنّي أو عن غيري ) ..
4 – اعتراف العدو الصهيوني بقوة شخصيته ومقاومته العنيدة وانه إذا قال فعل ،وبالتالي فأنهم يتحسبون لكلامه أكثر مما يخرج عن مؤتمرات القمم العربية لتجربتهم ومعرفتهم ان مخرجات هذه القمم لغو فارغ لافعل لها ،وقد نكون كعرب قد عرفنا السيد نصر الله عن طريق العدو الصهيوني لآننا لانمنح المتميزين بيننا مكانة لائقة حتى يمتدح من العدو وقد يكون هذا مؤشر نقص وغيرة في الشخصية العربية عامة .
وأقرب مثل على ذلك هو ماحصل بالأمس القريب بين القنيطرة ومزارع شبعا ،فياما صالت وجالت القوات والطائرات الصهيونية في الأجواء العربية القريبة والبعيدة عن حدودها دون ان تحسب حساب لآحد من العرب وهاهي تضرب بكل راحة وجرأة العمق السوري ولعشرات المرات دون اي اهتمام منها او اي رد سوري او عربي ،ولكنها عندما علمت ان من ضربتهم طائراتها في القنيطرة هم عناصر حزب الله ارتبك كيان العدو بمجموعه ، مستوطنين وقادة ،وحاولوا ايجاد اعذار او تبريرات لفعلهم الخسيس هذا كما حاولوا مع روسيا لأجل التوسط بينهم وبين حزب الله ،لآنهم يدركون ان الرد قادم وانهم امام رجال لايهابون الموت ولايحسبون له حساب وصفاتهم من بعض صفات قائدهم .
5 – الغيض والقهر الذي يعيشه العرب خاصة والمسلمون عامة لغياب القيادة المتمكنة التي تدير الصراع مع الصهاينة المحتلين والذين يستمرون بنفس العنجهية والتبجح بجيش لايقهر واستمرارهم في الأستيطان وقضم الأرض العربية واذلال الفلسطينين وسكوت الدول العظمى ومناصرتها لهم رغم استمرار الظلم ، وبالتالي فأن بروز السيد نصر الله قائد وحيد بدون منازع في الصراع الصهيوني، حمل النصر في اكثر من منازلة له مع المحتلين الصهاينة واعاد للأمتين العربية والأسلامية الكرامة والهيبة ،فدخل القلوب بدون استئذان .
في لقاء مع احدى القنوات الفضائية بعد رد حزب الله على العدو الصهيوني في مزارع شبعا ذكراحد المواطنين العرب انه لايعرف فيما اذا كان رئيس دولته يلقي خطب ام لا كما انه لايهتم لذلك ابدا ً ولكنه لايترك خطابا ً للسيد نصر الله دون ان يستمع اليه وانه يحرص على حياة السيد نصر الله اكثر من اهتمامه بحياة اي من الملوك او الرؤساء العرب