ان الكتابة عن سومر وحضارتها وعن الاهوار وسكانها بعد تقويض امبراطورية سومر على يد جيرانها العليلاميين . مسؤلية كبيرة كون اغلبها تفتقد الة الشواهد التاريخية . و ان احدا لم يقطع باصل تلك الاقوام التي بنت الحضارة السومرية بكل ادوارها لحد الان .. لقلة التنقيبات .. الا انه الان والحمد لله جلب لنا الدكتور عبد الامير الحمداني العديد من فرق التنقيب المتخصصة لكشف تاريخ حضارتنا .. ورغم ذلك .. سأذكر بعض من هذا التاريخ .. سومريم .. بمعنى بلاد الماء او القصب وان اسم الأهوار ومفردها هور لها علاقة مباشرة ببعض اللغات الارامية او احد فصائلها المندائية . وهور المندائية تعني الأرض البيضاء النقية .. والأهوار مساحات شاسعة ومضيئة باستمرار وما زالت بعض المناطق من الأهوار تعرف بالبياضة على رغم أنها مملوءة بالقصب والبردي. وهناك من يقول ان المعنى الأصلي لكلمة سومر هو : الأرض الدائمة الاضاءة والنور.كما ورد أن كلمة آبسو السومرية تعني الأهوار التي كانت من فعل آنكي إله المياه العذبة عند السومريين وأيا عند الأكديين، وللتعريف أكثر بماهية الدين السومري، فكانت لهم افكار بشأن الخلق والتكوين التي قال عنها بعض الباحثين انها أول إيجاد لفكرة العناصر الأربعة في تكوين الأشياء واعتبار الماء هو العنصر الأساسي من بين تلك العناصر، وفحوى هذه الفكرة ان من اتحاد السماء والأرض كان الهواء ومن اتحاد هذا الأخير بالأرض والشمس كانت الحياة، وكل هذا يجري بفعل القوى السماوية. ومن بين هذه القوى يعتقد السومريون بوجود اله أكبر وأعظم وهو الاله آنو خالق السـماوات والآلهة الآخرون مساعدون، كملائكة يتنقلون في السماء، وأنليل الابن كان وليد السماء والأرض ـ ومردوخ هو أنليل البابلي وآسور هو أنليل الآشوري. وتذكر احدى الرقم الطينــية قولاً لأنليل قاله عقب الطوفان ، لقد حمل المذنب ذنبه والآثم أثمه، أمهله كي لا يفنى ولا تهمله كي لا يفسد . اما نحن نعتقد انهم موحدون .. يدلل على ذلك قوانين اور نمو وقوانين لبث عشتار . أما الجاموس والذي تجسد دينياً بالثور الوحشي فكان باعتقاد السومريين أنه مخلوق خلقه الاله الأعظم آنو تحدياً لغطرسة ملك أورك جلجامش، وهناك في المتاحف العالمية تحف سومرية عديدة تظهر الصراع بين جلجامش وهذا الثور الوحشي الذي هو على صورة الجاموس تماماً. وهناك أسطورة كانت شائعة بين سكان بعض مناطق الأهوار تفسر عملية تدجين هذا الحيوان بعد أن كان وحشياً في الأهوار. وفحوى هذه الأسطورة، ان هذا الحيوان جاء من النهر العظيم وعندما ظهر أول مرة خافه الناس لضخامة جسمه ولونه الأسود وقرونه الضخمة، وأن السكان كانوا يراقبون قطعان هذا الحيوان وهي تتخذ من خلف الأكواخ مراحاً لها. وفي أحد الأيام ولدت أنثى الجاموس وأخذ عجلها يرضع من ثدييها أمام أنظار الناس فانتبهوا الى أهمية الحليب الذي يسيل من الأثداء ما دفع الناس الى تدجين هذا الحيوان . والسومريون لم يظهر أنهم قوضوا حضارة سبقتهم بل بنوا مجتمعاً متحضراً الى درجة أنهم اعتنوا بتربية الطفل واخترعوا الكتابة والعربة والزورق والقوانين وسجلوا تفاصيل حياتهم برقم طينية وتحف منحوتة. وان السومريين نحن في العراق نفخر بهم وبأنجازاتهم ونعتقد ان الفراعنة نعلموا الحضارة والكتابة والابجديات ، بل وحتى بناء الاهرامات على هيئة زقورات من السومريين . وارثهم الحضاري اكثر من ان يحصره احد في مؤلف او مجلد . اما بالنسبة لسكان الاهوار فهم العرب ... يدلل على ذلك انتماءاتهم القبلية بصرف النظر عن دياناتهم قبل الفتح الاسلامي ، كون عامر ابن صعصعة وعجل وشيبان وقسم من تميم ومن تحالف معهم يسكنون الاجام والقصب من جنوب العراق ووفدهم على الرسول (ص) في عام الوفود دليل قاطع . اما الجاموس فانه حيوان عراقي كان وجوده في بدايات السكن في السهل الرسوبي ، بل هو شعار العديد من الدول التي قامت على هذه الارض . وليس كما يزعم انصاف المؤرخين او ذوي الاغراض السياسية بانه هندي جلبه محمد القاسم مع قبائل الزط والادغار والسيايجة . والى ذلك من الكلام الذي لايصمد امام الشواهد التاريخية . الحمد لله رب العالمين .
مقالات اخرى للكاتب