مرة أخرى عاد قانون التقاعد الموحد الى مجلس النواب العراقي بعد رفض رئاسة الجمهورية المصادقة عليه والدعوة الى اعادة النظر بالفقرتين 37 و38 منه اللتان اثارتا الكثير من الجدل والنقاش داخل اروقة مجلس النواب وخارجه، خاصة بعد التجمعات وحملات جمع التواقيع ضد هاتين المادتين لتضمنهما امتيازات مالية للرئاسات الثلاث واصحاب الدرجات والوظائف الخاصة.

ورغم اكتمال النصاب القانوني في تشريع هذا القانون، الى أن التسريبات والتصريحات التي اشارت اونشرت اسماء بعض النواب الذين صوتوا على القانون وتراجعهم امام وسائل الاعلام، او اعلانهم انهم ضد القانون مما يشير الى وجود حالة غريبة في العراق ربما لا تكون موجودة في أي مكان آخر في العالم، وهي ان النخب او ممثلي الشعب والكتل السياسية في العالم هي التي توجه وتقود الناس بما يحقق الانسجام والتوافق بين الجماهير ومن يمثلها في البرلمان، لكن في العراق العكس يجري حيث الجماهير والناس واصحاب الاصوات العالية هي التي تفرض املائاتها على السياسيين الذين يبدون مع الاسف في اكثر من وجه وهم يصرحون بأمر ويصوتون على آخر.

ولسنا بصدد الاشارة الى هويات او اصحاب الايادي التي ارتفعت مؤيدة او رافضة للقانون، لاننا نعتقد ان لكل نائب الحق والحصانة فيما يقول ويقرر داخل البرلمان وليس مفيداً عرض الاسماء لانه أشبه بالتشهير والتجريح، رغم ان الديمقراطية الحقيقية تتطلب الصراحة والجرأة والحرية والصدق بين الناخب والنائب فيما يقول ويصوت.

ان عدم المصادقة على القانون واعادته الى مجلس النواب سوف يعيده الى المربع الاول او نقطة البداية التي ستفتح باب النقاش والجدل والذي سوف لا يتسع له الوقت المتبقي من عمر مجلس النواب الحالي مما يعني عملياً وفعلياً نقل هذا القانون الى المجلس القادم وهو ما يعني دخول القانون في حلقة قادمة مغلقة من المناقشات والمزايدات التي سوف تؤخره الى مدد اخرى غير محددة او معروفة.

قانون التقاعد لا يتحمل هذا التأخير وهذه المماطلة والاستغلال السئ وغير الانساني لمعاناة وحياة شريحة مهمة وكبيرة من المواطنين قدموا او افنوا حياتهم وشبابهم ولم يتبقى منها الا القليل او الفصل الاخير، والذي يستحقون ان يعيشوا فيه بكل كرامة ومن دون حاجة او احتياج الى احد، وهو يجب ان يشرع بسرعة لانه يعالج مرحلة استثنائية في حياة كل انسان وبالتالي يتطلب ان يصاحبه تشريعات وقوانين اخرى خاصة واستثنائية في كل نواحي الحياة بل وحتى يجب ان تمتد الى ما بعد وفاة المتقاعد نفسه، لان احترام ورثة وعائلة المتقاعد هو احترام للمتقاعد نفسه وهو قبل كل شئ احترام لنا ولانفسنا ولحقوق الانسان من كل النواحي وفي كل الظروف والاوقات، ومن المهم ان يتضمن القانون الجديد للتقاعد اهم النقاط التالية:

1-وجوب تحديد احد ادنى للراتب التقاعدي بغض النظر عن سنوات الخدمة او المركز الوظيفي او السن طالما توافرت فيه اسباب التقاعد، على ان يخضع هذا الراتب للزيادة حسب ظروف المعيشة واحوال السوق وبما يحفظ للمتقاعد كرامته واحترامه في المجتمع ونقترح ان لا يقل الحد الادنى لكل راتب عن 600 الف دينار قابلة للزيادة.

2-توفير السكن لكل متقاعد فمن العيب(على أي حكومة) ان يكون أي انسان بهذا العمر وهو لا يملك سقفا يؤيه، وليس مهما ان يكون بيتاً او شقة بل المهم سكن يحترم آدمية وانسانية هذا الانسان.

3-التأمين الصحي الشامل والتخفيضات الواجب منحها لهم في المستشفيات الحكومية والخاصة وتزويدهم بالادوية والوسائل التي تعينهم في ظروفهم الجديدة والاسبقية في وسائل النقل ومراجعة الدوائر والمؤسسات.

واخيراً حذف الشرط الغريب الذي يواجه اغلب المتقاعدين في مراجعاتهم وهو وجوب تنظيمهم لشهادة اثبات الحياة موقعة ومختومه حسب نموذج وطريقة معينة وهو شرط يخالف العقل والمنطق عندما يكون المتقاعد نفسه مراجعاً وهم يصرون على شهادة اثبات الحياة له وهم يعلمون او لا يعلمون انهم بتصرفهم هذا قد اصدروا شهادة الوفاة لقانون التقاعد الذي لم يولد بعد.!!