عاد من تأملاته في الاعلانات السياسية، التي تملأ الشارع، الى ركاب الكيا الجالسين حوله، قائلا: المرشحون كلهم، مخادعون طلاب سلطة فاسدون قبل ان يتسلموا مواقع في مجالس المحافظات.
اجابه راكب: اذن لا تنتخبوهم
قال ثالث: قاطعوا الانتخابات.
اخترقت ارادات دول الجوار، جوهر القلب النابض لخصوصيات الادارة السياسية في العراق، حتى باتت البلاد، محاصصة خارجية خبيثة، نظير محاصصة داخلية بلهاء.
نحن بلهاء وسوانا خبيث، فمن ذا الذي ينتصر؟ اننا نصارعهم، بشأن هم داخلو ربحه.. خارجو خسارته.. فالارض ارضنا والبلد بلدنا والسيادة سيادتنا، تلك التي نتنازع بشأنها، مع دول الجوار والارادات الاقليمية المتعصبة.. تفرج احتقاناتها في اجوائنا.
حسم شاب حديث الكيا، بالقول: سواء أنتخبتموهم، ام لم تنتخبوا؟ وسواء أقاطعتم الانتخابات ام لم تقاطعوا؟ ستفوز اللوحات الفاسدة التي زكمت فضاءات شوارعنا، بروائح احتقانات المحيط الدولي، من حولنا.
دول العالم كلها تفك احتقاناتها في جونا.. تلوثه.
الاجراءات الحكومية مع مصلحة افراد تابعين لها، حتى لو تمزقت البلاد، المهم لها يد طولى تحكم قبضتها على الاشلاء...
المفهوم العام لأية خطوات ديمقراطية لإدارة البلد سياسيا؛ هو حسم المعضلات العالقة، لكن انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات البلدية، تحولتا الى معضلتين، ينوء بثقلهما الشعب، الذي يرصد ميزانية فلكية من اقتصاده؛ لأشباع شهوة المال التي لم ترتوِ لدى الساسة منذ عشر سنوات والحبل على الغارب.. فراد يكنزون ارصدة في البنوك العالمية، تعادل اقتصادات دول.
فلم يطلع الناخب على برنامج لأي من المرشحين، الذين لم يعنوا بالافصاح عن تصور ما منهجي، لعملهم المقبل، في المجالس المحلية للمحافظات؛ لأنهم غير معنيين بالناخب، سواء أحمل تصورا صحيحا ام مخادعا عن نزاهتهم، او قاطع الانتخابات من اصلها، فان المرشح الذي ترسم له الارادات الاقليمية فوزا يفوز، وسوى ذلك يترك المرشح للتنافس على الكسب من خلال صناديق اقتراع يقاطعها المواطن.
اذن استفزاز المواطن، كي لا يشارك في الانتخابات، هو الإجراء الوحيد المدروس في الانتخابات، كي تظل الصناديق فارغة، تملأ بما يشاء اصحاب القرار ملأها به من اصوات مزورة.
وهذا قدرنا المترسب، من شوارع مزحومة بمرشحين ادعياء (عزء وبنام) و(نبني محافظتنا) و(خليني ابوسك ياحلو) و(.... الى آخر حوار الرصيف، يخاطب سذاجة نظرته للمواطنين، راكبي الكيات...
حوار في كيا.. بدأ مستسلما لقدر يحكم طوقه على الديمقراطية، وانتهى بحيرة اللاجدوى حتى من مقاطعة الانتخابات.. لا جدوى في الانتخاب ولا جدوى في عدم الانتخاب؛ فقلها ومت، ما دام الصف الآخر يسجد من ثقل الاوزار.
لكن هل ثمة صف آخر.. العراقيون المندفعون سادرون في الولاءات الفئوية، بالنتيجة كلهم ضحيا، للعبة الالتفاف على الديمقراطية، في انتخابات محلية للمحافظات، يفوز بها المقدر لهم ان يفوزوا!
مقالات اخرى للكاتب