فوجئت عندما فتحت رسالة الكترونية من زميل اميركي نعمل معا منذ اكثر من سبع سنوات ، واذا بها صور ثلاثية الابعاد لثلاثة مساجد من الطراز الفاخر في بلدان اسلامية عربية انفقت الانظمة الجائرة على بنائها ملايين مملينة من اموال الجياع . و في الرسالة يسألني الزميل وهو يعمل كفني ، عن المؤسسات التي تقف وراء هذا البنيان الفخم !!! لست متاكدا فيما اذا كان سؤاله ينطوي على خبث سريرة ام لا ، لكني افترض البراءة في السؤال طالما انني لا املك ما يثبت عكس ذلك . وتوقعت ان تساؤله سينتهي مفعوله مع لحظة اغلاقي بريدي الالكتروني . لكنه خالف توقعاتي وانتهز اقرب فرصة سانحة ليوجه السؤال الي شخصيا . بصراحة ارتبكت في الاجابة ايما ارتباك . ومن ارتباكي انني قلت له ان مساجدنا الفخمة تبنى بالطريقة التي تبنى فيها كنائسكم الفخمة . حينها رد علي بـ This is great ... متسائلا : هل تعني ان التكاليف تؤمن من المؤسسات الخيرية و المتبرعين بوجه اساس ولا علاقة للمال العام فيها ؟ سقط في يدي ولم انبس ببنت شفة وحتى هذه اللحظة . لاني اعلم علم اليقين بان التسابق المحموم في الانفاق على بناء المساجد في عدد من البلدان العربية لا يمكن الا ان يندرج ضمن الجرائم التي ترتكبها الانظمة بحق شعوبها والتفنن السخي في اهدار مواردها التي حباها الله . ايها المسلمون ولا اقول المؤمنون ، الم يستطع النبي محمد "ص" - ومن تبعه باحسان - ان يوعز بعد استقرار حكومته ببناء مساجد تعج بالاعمدة و الزخارف ويجعل منها قطعا فنية نادرة خاصة وان واحدا من اقرب مقربيه واهل بيته كان سلمانا الفارسي القادم من حضارة العمارة والبناء والاعمدة ؟ لمسجد من الجريد يؤسس على تقوى من الله يقيم فيه مسلمون متكافئون فرائضهم ، احب الى الله من عمائر تضج بالالوان وتعج بالزخارف و تزخر بالرخام . هل يقرب العبد الى الله زلفى في قيامه وصيامه ان كان السقف مطليا بالصفراء والبيضاء ، او مكسوا بسعف نخيل البصرة ؟ هل في القرآن الكريم او سيرة نبينا العظيم "ص" ما يدعونا الى كل هذا البذخ والانفاق الخرافي على بناء امكنة للعبادة ،فيما كثير من المتعبدين لا يملكون حتى قوت يومهم . اتمنى مخلصا الا يشهر احدكم بوجهي الاية الكريمة "انما يعمر مساجد الله من ... " ، لاننا لو فسرنا هذه الكريمة تفسيرا ماديا لاخرجنا القران الكريم من مهمته الانسانية الرائدة . لا اريد هنا ان اتطرق الى المساجد التي تحولت بقدرة قادر الى كمائن لاصطياد العباد والعُبّاد فتلك مصيبة اخرى لها شؤونها و شجونها ، لكنني اتساءل " مجرد تساؤل" عن الجواب الذي اعده ليوم القيامة اولئك الواقفون وراء بهرجة بيوت الله وجعلها امكنة للتباهي والمزايدات فيما يئن اغلب المصلين تحت وطأة الخوف والجهل والفقر ، وحسب هذا الاخير انه قريب من الكفر او هو الكفر بعينه . قبول الصلاة ليس من شروطه رفاهة المكان وفخامته ، وانا على يقين من امري ان القفر الذي كان يتقرب به ابو ذر الغفاري الى الله مخلصا لأحب الى ربه من كل الرخام الايطالي والالماني الذي تشاد به مساجد المباهاة الضرارية “لو صح التعبير حبيبي “...