يقال أن اصدق لغة في التعبير عن قيمة وقوة ودرجة وميزان الاشخاص والجماعات هي لغة الارقام، وافضل استخدام للارقام يكون هذه الايام في موضوع الانتخابات التي سيطرت علينا خلال الاسابيع الماضية، الى درجة ان صور المرشحين والقوائم وشعاراتهم وابتساماتهم التي اشترك فيها اغلبهم انما كانت لهدف ومقصد واحد وحيد هو انتخابنا لهم وفوزهم باحد كراسي مجلس النواب العراقي (المسكين) الذي ضاق ولم يعد يتسع آلاف العاشقين والراغبين بالدخول اليه وكل منهم يدعي خدمة الناس وتحقيق مطاليبهم وآمالهم، رغم اننا جميعا نعرف ومتأكدين ان الدافع الشخصي والطموح الخاص لكل مرشح يتقدم ويتسيد على ما شاهدناه وسمعناه من شعارات وكلام ظلوا يرددونه خلال اسابيع واسابيع ومن مختلف القنوات بل واقتحم الكثيرون منهم بيوتنا ومدارسنا ومحلات عملنا بحجة الدعاية الانتخابية.
ضحايا الانتخابات كثيرون واولهم طبعاً المواطن السكين الذي ربما صدق وعود وكلام دعايات المرشحين فيحاول او يتجرأ للاتصال مع المرشح الذي اعتقد انه قد ارتبط معه بعلاقة صداقة وعقد انتخابي، فالنتيجة معروفة كما في الانتخابات السابقة.. الكثير منهم سوف يغير أرقام هواتفه ومكان بيته وعلاقاته وصداقاته وربما يغيربعضهم افراد عائلته (زوجته او زوجهامثلاً) بحجة التغيير والموقع الجديد الذي يتطلب الكثير من العمل والنضال من اجل مصالح الجماهير.!
ونود ان نطمئن الناخب انه لا تغيير كبير في القادم من الايام، فاللاعبون الرئيسيون في الساحة السياسية ذاتهم موجودون، وربما سوف يتغير بعض الكومبارس والشخصيات من اجل تبديل ما يستحق التبديل بعد ان احترقت اوراق بعضهم بالفساد والعناد ولم يعد لهم محل في اللعبة لا في طاقم اللاعبين ولا حتى في الاحتياط.
اما ضحايا الانتخابات الآخرين فهم المرشحون الذين لم يفوزوا او لم تنجح الاصوات التي حصلوا عليها بالوصول الى مقعد البرلمان، ربما لانهم لم يفهموا اللعبة جيداً وظنوا ان مجرد الوعود والمصاريف التي جاوزت بعضها عشرات الدفاتر(من الدولارات) ستوصلهم الى مقعد البرلمان، ولم يعرفوا ان 9031 مرشحاً حسب احصائيات المفوضية المستقلة للانتخابات قد رشحوا انفسهم منفردين او ضمن قوائم متنافسه وان البرلمان لايستع الا 328 نائباً وبالتالي فان 8703 مرشحاً بالتأكيد سوف يخسر ولا يحظى بالفوز، الى جانب ان بنات حواء قد نافسن هذه المرة منافسة شديدة بجمالهن وحضورهن وصورهن التي كانت بعضها اجمل وابهى من صور الكثير من الفنانات وهن يمتلكن اكثر من فرصة للفوز خاصة في ظل نسبة الكوتا ووجوب ان يكون 25% من اعضاء البرلمان نساء مما يضع على الكتل والاحزاب مهمة تقديم وتهيئة نائبة امام كل ثلاثة نواب.
وتبقى البيئة والشوارع والساحات وجدران المدارس وعواميد الكهرباء وتانكيات الماء وكل ما يمكن ان يوضع او يلصق او يحمل او يوضع عليه من النبات والجماد ضحية دائمة في كل انتخابات، حيث ان ملايين الصور واللافتات والملصقات والتي كلفت ربما الملايين من الدولارات التي صرفت وتركت مخلفات ومهملات تنتظر من يرفعها ويزيلها، رغم احترامنا وتقديرنا لبعض الشخصيات والاحزاب التي بادرت وفي اليوم التالي للانتخابات برفع صور ودعايات مرشحيها في سلوك حضاري يعبر عن احترام الذات اولاً قبل احترام البيئة والمجتمع.
وتبقى الديمقراطية الضحية الدائمة والمستمرة في كل انتخابات لانه بواسطة الانتخابات يتم وصف الكثير من الشعوب والحكومات بانها ديمقراطية او انها جائت عن طريق الانتخاب، رغم ان الانتخابات طريق من الطرق الموصلة للديمقراطية التي تحتاج الى نشر الوعي وقيم المحبة والتسامح وقبول الآخر والتوزيع العادل للثروة والموارد بحيث يشعر المواطن بالانتماء والولاء للوطن قبل الولاء للمفردات الاخرى من الاحزاب والقومية والطائفة والمناطقية التي تقدمت واحتلت عقول وقلوب الكثير من المرشحين والناخبين من ضحايا الانتخابات.
القاضي
عبدالستار رمضان
نائب المدعي العام
اقليم كوردستان العراق
مقالات اخرى للكاتب