في ايام الثمانينات وحينما كنا ولازلنا اغبياء كان المتاجرين بالدين يضخون في رؤوسنا بان السيد الشهرستاني هو سادس عالم نووي في العالم ، وكانت هذه المعلومة من الحقائق المسلم بها والتي لا يجوز الطعن بها ، وكيف نطعن بها وهو مجاهد تعرض الى اعتقال الطغمة البعثية ولاقى مالاقى من مكارم زبانية اخو هدلة ، ولكن اليوم وبعد اداء السيد الشهرستاني ووعوده اللاحبة وخصوصا في الكهرباء تحطمت اسطورة وخرافة العالم السادس وبدون عناء مراجعة المراكز العلمية والبحثية المختصة في التقييم ، ووعود الشهرستاني والحكومة والمسؤولين تذكرنا بما كان يحصل في سجن الخاصة في ابو غريب حينما كان الاسلاميين المعتقلين فيها – رحم الله من استشهد وتوفى منهم ومن بقي ثابتا على منهج الحق – يسلطون اهتمامهم على كل من يدخل الى المعتقل وهو ليس اسلامي ليجعلوا توجهه اسلامي ، وكان الكثير من هؤلاء المساكين يدخلون بتهمة الانتماء لحزب الدعوة وهم ليس لهم ناقة او جمل في الاسلام الحركي فضلا عن الدعوة ، وكان احد هؤلاء تشارط مع الاسلاميين الذين دائما يأتونه بالمبشرات من الاحلام بسقوط صدام نهاية هذا العام وذاك العام ، وسئم الرجل من كثرة الوعود فتشارط معهم قائلا : ولكم هذا اخر وعد اصدق به ولهذا فان لم يتحقق وعدكم سوف ارمي التربة من شباك السجن واترك الصلاة التي علمتموني اياها ، وفعلا جاء الموعد فنهض الرجل ماسكا التربة وصارخا بالمبشرين : ولكم انتم كلاوجية وكذابين وهاي تربتكم وصلاتكم ما اريدها ورمى التربة من الشبك باقصى ما يملك من قوة وغضب.......
استمع شنون الحائز على شهادة دبلوم تجارة – مثل المصريين ايام الثمانينات – الى خطاب الشهرستاني ووعده بولادة عشرة ملايين فرصة عمل فرقص قلبه طربا مرددا مع وجيب قلبه ورقصه اغنية الليلة عيد وعالدنيا سعيد ، نهض شنون ومشاعر الفرح بقرب الفرج تملأ وجدانه ، نهض شنون ذاهبا الى ابيه الذي يخشى وسائل تعامله معه ، نهض شنون الى ابيه عنيد ليبشره بوعد الشهرستاني ومتأملا من ذلك ان يحظى ببعض الاحترام من ابيه القاسي عنيد ، وعنيد ايها السادة لديه وسيلتين للتعامل مع ابناءه ، الاولى لسانه الذي لاتغيب عنه الفاظ الشتيمة والصراخ ، والثانية عصاه التي ورثها عن ابيه والمشهود لها باخضاع قطعان الغنم والحمير ، وحينما حل شنون - المنتفخ الوداج زهوا وفرحا بالمستقبل السعيد - على ساحة ابيه جلس متأدبا بعد ان قبل يد ابه سلاما ، ثم ازجى ابيه بالوعد السعيد الذي تفضل به العالم الجليل الشهرستاني....
قبض عنيد على لحيته المتآكلة ثم قال اسمع ياولدي قصتك مع الشهرستاني وحكومته :
يقال في الزمن القديم ان مسافرا على قدميه حل عليه المساء فما كان منه الا ان يلتجيء الى بلدة قريبة على طريق سفره لينام في مسجدها ويريح نفسه من وعثاء السفر ، وبالفعل يا ولدي شنين دخل المسجد وصلى ثم نام في المسجد ، ولسوء حظ المسافر كان رجلا اخر نائما في المسجد ، لكن هذا الرجل كان مبطونا اي متخما من كثرة الاكل وكان يتألم من بطنته ويدعو ربه بين الفينة والفينة الى ان يمن عليه بضرطة او تيس ليريح بطنته ، واستمر حال الرجل بين حين وآخر يصرخ " فد ضرطة فد تيس" شاكيا الى ربه ويدعوه الى ان يجود عليه باحداهن ، وخلال هذه الشكوى المستمرة كان المسافر يستيقظ في كل صرخة ودعوة يطلقها المبطون مما انقطع عليه سبيل راحته الى الصباح ، وحينما حل الصباح ونهض المسافر والرجل الى الصلاة وفي مرحلة القنوت اخذ الرجل المبطون يبدع في دعائه ليدعو ربه ان يررزقه الجنان ويزوجه الحور العين ، وهنا قطع المسافر صلاته ليصرخ باعلى صوته بالرجل " ولك انت من المغرب للصبح فسوة ما اطاك هنوب ركض ركض عالحور العين" . وهنا ضحك شنون ملء شدقيه ظنا منه ان ابيه يداعبه ويمازحه لقرب حصوله على فرصة عمل من العشرة ملايين ، وابتسم عنيد لغباء ابنه وطلب من ابنه ان يغلق الباب ويأتي ليجلس بقربه ، فزاد فرح شنون بحالة القرب والحظوة لدى ابيه ، وحينما اغلق الباب وجلس بين يدي ابيه قال عنيد الاب : ياولدي ماهذه التي في يدي ، قال شنون : هذه مهفة ، قال عنيد : صار النا عشر اسنين كل يوم يطلع علينا المسؤول ويقول نهاية هذه السنة تنحل المشكلة وكسرت سبع مهفات حسبالي صحيح وعدهم ، وصار النة عشر اسنين كل يوم يقول المسؤول العام القادم محاربة الفساد ويزيد الفساد ، وكل ستة يقولون هذا عام الخدمات ويطيح حظ الخدمات ، وكل يوم يقولون اخوان سنة وشيعة ونصبح عليهم عدوان ويفجرونا ويذبحونا ...
وهنا تناول عنيد عصاه على شنون ليبرحه ضربا في كل موضع تقع عليه عيناه وصارخا عنيد مع الضرب : ولك شنين يامطي يا ابن المطي عشر اسنين يجذبون عليك وبعدك مصدكهم ، تفو عليك وعلى هذا الحظ الاسود...
فخرج شنون هاربا لايلوي على شيء ويصرخ باعلى صوته : عساها بختك يشهرستاني وعساها بختك يمالكي وعساها ابختكم يمسؤولين....
فالى الشعب العراقي : ولكم بعدكم مجانين وتركضون ركض ركض عالعشر ملايين
"اعتذار لمن يعتقد ان بعض الالفاظ لايجوز طرقها ، لكن الضرورة تفرض"
مقالات اخرى للكاتب