اللعبة لم تنتهي وبعض الأوراق لا تزال تحافظ على قوتها و يراد إستخدامها لغرض الحصول على المزيد من المغانم , من النفوذ في الدولة وتسخير الامكانيات والتحكم بالأيرادات وأستخدام السلطة والمال العام لأغراء الاخرين من قوى صغيرة وأخرى طامعة في الحكم , الدروس القاسية لا يمكن استيعابها بسهولة حينما لا يريد البعض النظر لنجاح الاخرين , ولا يرى سوى نفسه بنظرة الأستعلاء , وان المنصب اصبح ارثاً ولا يحق المشاركة او تعاون عليه.
طبيعة الحياة السياسية وما لاحقها من ظروف و تراكمات وتطورات أقليمية وسعت الهوة بين افراد المجتمع بمنعكس للأفعال السلطوية , وعادة الى جذور بعيدة عن مفهوم الدولة والمواطنة والأهتمام بالأمور الخلافية وترك المشتركات, ومنذ تأسيس النظام الجديد وطبيعة القوائم الأنتخابية , استخدمت وتيرة التهديد بخطر يلاحق الطائفة والقومية والعرقية وضياع الهوية , وبهذا إنزوى مع تلك الأفكار الكم الكبير من طبقات المجتمع وإن أختلفت المسميات حتى الاحزاب الليبرالية لم تستطيع التخلص من الطائفية والعرقية , تلك الحسابات والافعال عرضت المصالح الطائفية والقومية والوحدة الوطنية للخطر , وتم الأقرار بالتوازن المؤوسسي البعيد عن الأختصاص والكفاءة والنزاهة , وكأن لكل طرف ممثل عنها وأرتكز عمله بعيد عن صلبه , وما أطلق من مصطلح الشراكة لم يبقى منه سوى الشراك المعرقلة الجارحة وشرك بالوطنية ومشاركة المنافع والمغانم , ما دفع بوحدة البلد للتمزيق , وإتباع القوى المهيمنة الى إضعاف الشريك القوي في جمهوره والتعكز على القوى الضعيفة في جمهورها وذيلية في أفعالها ,التي تسمح بالتدخلات الأقليمية والدولية بالأختراق والتغلغل, رئيس الوزراء إستعان بالقوى البديلة ومن ليس لديها الثقل السياسي لضمان التنوع الشكلي وبقاءه حراً في صناعة القرار وتجاهل الرأي المخالف , وتقسيم الشارع لقوميات وطوائف تتمترس على بعضها , والرؤية التي تفترض حصر الموازنات بجهة واحدة تستطيع معاقبة من يعترض عليها وأشاعة هذه الدعايات والحرب النفسية للترهيب والتكهن بالفشل , مقابل الاغراء لمن يصطف الى جانب السلطة وأصحاب القرار .
بناء جبهة متماسكة تحظى بالأنسجام والتفاهمات أصبح الاكثر قبولاً للشارع العراقي وترك الأنجرار خلف الشعارات التي لم تولد الاّ المزيد من الأزمات والأنفعالات , والقرارات السطحية المتشنجة , التي اوصلت الشارع الى دعوات التقسيم والأقتتال او الأقاليم الطائفية . بروز قوى الأعتدال كسر من الجمود في العلاقات ورطب الاجواء وطمئن المجتمع , وتراجع تأييد التطرف ودوافع الشحن المجتمعي للتفكك , وهذا يغير من النظرة الستراتيجية الأقليمية والدولية , وإعادة الحسابات في مكامن القوة الحامية للبلاد بلغة الحوار والحلول الوسطية , ويدفع المجتمع نحو الانفتاح على بعضه وينمي الفكر الديمقراطي , وهذا ما وجدت حقائقه في نتائج الأنتخابات المحلية , وحصول التحالفات العابرة للطوائف على القبول الكبير , و تبعث رسائل من الاطمئنان , وتعطي درساً جديد في التغيير والتمازج مع الدماء الجديدة , وفي نفس الوقت يرسم ماهية عمل المجالس المحلية بحقيقتها ,كونها خدمية بعيدة عن سجالات السياسية المتقنعة بالهويات العرقية , ويرمي بأوراق الضغط خارج الحسابات والتأثير .
مقالات اخرى للكاتب