مما لا جدال فيه هو ان ما حصل في الموصل وغيرها من المواقع، لم يكن يخطر في ذهن حتى أكثر المتشائمين تشاؤما، وأبعدهم قراءة لمستقبل الأحداث، بالرغم من اننا لم نكن يوما مقتنعين بالأداء السيئ لفن إدارة الحكم، للذين أُكلت اليهم المهمة، وكي يغطي كلاً منهم على فشله، أخذوا يتشاتمون، ويؤلبون، ويقذفون بالباطل غيرهم، من حيث يعلمون ولا يعلمون، ولم يقدم أي منهم نماذج بارعة، لتملأ مناصبها، ودوائرها بالشكل الذي يُرضي وينفع الشعب، ولو بنسبة المقبول المتدنية في سُلم الدرجات .
لقد أدار هؤلاء ظهورهم للشريف، المخلص، الكفء النزيه، ذو الفضل والمعرفة، واستقبلوا في الأحضان، من يجيدون فن السمسرة بأنواعها المختلفة، وفي مقدمتها السمسرة المالية، والبشرية المتعددة الأنواع، والأنتهازية، وتلك العقارية ....... والقائمة تطول .
لقد أجاد هؤلاء كيفية الحفاظ على ما استولوا عليه من قصور وأطيان في العراق، وغيره من البلدان، وأمنوا لها أقوى أدوات الحماية، وتركوا العراق نهباً للعصابات، وأن اختلفت التسميات، وأضعفوا القانون ومن يستطيع أن يطبق القانون، لنصل إلى ما وصلنا أليه .
أن الانكسار الذي أصاب جيشنا جعل الناس تتساءل بلوعة عن سبب ما حل بنا، والجميع في حالة صدمة في الشارع والأسواق، ودوائر الدولة، وعلى صفحات الجرائد، ومواقع التواصل الاجتماعي، وعبر الأثير من خلال الهاتف، والفضائيات المتشفي منها والباكي، ويُدرك حجم المصيبة وحجم ما يجب أن نكون عليه للخروج من هذه المحنة .
أن العدد البائس الذي حضر للبرلمان يوم أمس، يؤشر غباء الذين ركضوا وراء شهواتهم الحيوانية، والمادية، وما هي مكانتهم في عالم السياسة، التي تحتاج إلى البراعة، والوداعة، وقوة الردع أيضاً إذا ما حلت بنا النوائب، وليس إلى اختيار الوضيع، والرضيع، والنطيحة، والمتردية، وتسليمه ما هو أكبر من رأسه ورأس من يقف وراء ترشيحه لهذا المنصب وتلك المنزلة .
لقد قضينا اليومين الماضيين ونحن نتهرب من أسئلة أبنائنا، وبناتنا، وملاحقة الفضائيات لنا من داخل العراق وخارجه، والكل يبكي دما، وجوهر تساؤلاتهم تدور حول محور واحد، ماذا حدث للعراق وجيشه وقيادته ؟؟؟ التي أخذت تتشبث تشب الغريق ببيان مقتضب للمرجعية، وكأنه سيكون حبل النجاة في حين لا نجاة من غضب الشعب، خصوصاً وأن المعركة مستعرة، والقلوب نازفة ومخضبة بدم الشهداء من الأخوة، والأقارب، والأبناء، وكل من يحمل أسم العراق .
ألم تدركوا كم أنتم أضحوكة يوم وقفتم في البرلمان منفردين، لا مُدافع عنكم ولا معين ؟؟؟ ألم تطرحوا على أنفسكم استفسارا قصيرا وسريعا : لماذا نحن وحدنا؟؟؟ وهل أن شعبنا سيبقى مستمراً يدافع عنا بخديعة لا تختلف عن خديعة يوم التحكيم ؟؟؟ ولماذا لم نثقف شعبنا وتركناه جاهلاً، فارغاً، تائهاً في طرقات العراق، وبين محافظاتها، وقصباتها ؟؟؟ لا يعرف ما يجري حوله وما يخطط له المتربصين .
لقد تركتمونا محطمين، فاشلين، وأضحوكة للشامتين، فلبئس القوم أنتم .
مقالات اخرى للكاتب