لم تعد الافلام والمسلسلات المصرية بعيدة عن الواقع الاجتماعي الذي تعيشه الامة العربية ..كما كنا نراها نحن العراقيون منذ أن دخل الى بيوتنا ضيف دائم جميل في 2/ايار/ 1956 ..انه التلفزيون ..به كان العراق في طليعة الدول العربية في البث التلفزيوني الاسود والابيض الذي كان حينها من الغرائب والعجائب الذي ابهر الناس ببرامجه ومسلسلاته واغانيه المباشرة ..
فلم تكن تكنلوجيا التسجيل والعرض لاحقا قد دخل بيت الاذاعة والتلفزيون ..بل كان كل ما يعرض على شاشة هذا الضيف الرائع .. يعرض بشكل مباشر ..واول من وضع لنفسه بصمة وطنية لتاريخه وتاريخ اجياله هو المنلوجست العراقي عزيز علي الذي كان ينتقد الحكم الملكي باغانيه التي كانت كلماتها تتحدى بوطنية سياسة الحكومة الملكية بشكل مباشر دون اي شعور بالخوف لانه على الرغم من المثالب الكثيرة التي كانت عليها السياسة الملكية ..فانها اعطت للحرية مساحة واسعة للتعبير عن الرأي بكل أشكاله ..
اعود لموضوع بحثي في هذا المقال …فمع استمرار الزمن بدأ الابداع الفني المصري في المسلسلات والافلام تفرض نفسها على العائلة العراقية ..وكانت قصص هذه الافلام والمسلسلات غريبة عن الواقع الاجتماعي الذي يعيشه العراقيون ..انذاك ..فالظلم والعنف الذي كان في سيناريو تلك المسلسلات أو الافلام ..فيه شيء من الغرابة…. واتذكر ماكانت تقوله والدتي ..(وين اكو هيجي ناس ..وهيجي ظلم).
ولم يكن في تفكير العراقيين ان تصل بعض المجتمعات العراقية الى هذا العنف والظلم ..الذي ترعرع ونما تحت ظل الاحتلال الامريكي والحكومات التي تعاقبت على حكم العراق طيلة اكثر من ثلاثة عشر عاما …
فالعنف ضد المرأة ازداد بشكل ملفت للنظر وبلغت حالات الطلاق ذروتها ..وهكذا بالنسبة للعنف ضد الاطفال ..مواقف وقصص نسمع عنها بعيدة عن الضمير والعطف والانسانية التي كانت تتصف بها العائلة العراقية ..
فالزوجة تُضرب من زوجها بقساوة ..وأطفال بعمر الزهور يُضربون بشدة من والدهم ..حتى طفلة لايتجاوز عمرها السنة والنصف يضربها والدها بعصاً ماسحة الارضية ..حضرت احد محاكم بغداد وياليتني لم احضر …قصص عديدة بسببها اصدرت المحاكم قرارها بالانفصال بين الزوجين …
وحشية وامراض نفسية أتصف بها بعض الرجال حولوا حياة ازواجهم واطفالهم الى جحيم … ولكن ألم نكن نحن مسلمين ..الم تُعلمنا عقيدتنا الدينية الحب والحنان والعاطفة ..الم يوصينا خير خلق الله بالمراة ووجوب مراعاتها ..ماذا جرى ياالله …كذب وخداع وانفصام بالشخصية.
هكذا أصبح ما كنا نراه في المسلسلات والافلام جزءاً من واقعنا بعد ان كنا في فترة من الزمن لا نعتقد بوجود مثل هذه الصور المؤلمة الحزينة..؟؟
لقد تصدر المشهد الاجتماعي في هذا الزمن المغبر أناس ليس لهم جذور تربوية صحيحة ..بل كانوا في زمن الخير والتماسك الاجتماعي في زمن العيب ..والاخلاق ..اناس ليس لهم مكان بين الناس بين أهل الخير والمحبة والاحترام ….
واصبح زمن اليوم خير حاضنة لهؤلاء ليكونوا جزءاً من الفساد والعقم الاخلاقي ..الذي نشهده اليوم …وهذا مازرعه الاحتلال …. أما الرجال الرجال اصبحوا بعيدا عن هذا الواقع الفاسد …وشغل ساحة اليوم النطيحة والمتردية …؟؟
المجتمع العراقي في خطر ..واعتقد ان الساحة العراقية اذا بقيت على هذا الحال …ستفقد ما بقي من اهل الخير والاحترام والاخلاق..لاننا متجهون لنتحول الى غابة ..بعيدة كل البعد عن الانسانية وماتتصف به من معان سامية .
مقالات اخرى للكاتب