في الوقت الذي تفقد فيه حكومة المالكي السيطرة والنفوذ بل وحتى الوجود في محافظات ومدن واقضية ونواحي عديدة في العراق وصلت حسب تقارير الانباء الى ما يعادل ثلث مساحة العراق ، الى جانب اقليم كوردستان الخارج والمتحرر من سيطرة الحكومة العراقية منذ أكثر من عقدين من الزمن، واندلاع العديد من الاشتباكات المسلحة والانفجارات وسقوط الضحايا في العديد من مدن الجنوب العراقي الغارق بازمات المعيشة وفقدان الخدمات والامن والبطالة الخانقة، نقول بالرغم من كل هذه الظروف والواقع الذي يعيشه العراقيون ويعرفه العالم أجمع عن فشل هذه الحكومة التي انتهت ولايتها وصلاحيتها بعد كل هذا الدمار والخراب والمآسي والضحايا الذين تجاوز اعدادهم حسب تقرير كشفت عنه الأمم المتحدة يوم الجمعة 18 تموز والذي ورد فيه سقوط 5576 مدنيا عراقيا على الأقل ضحايا للعنف وإصابة أكثر 11665 من جراء انتهاكات منهجية وفاضحة من الجماعات المسلحة للقانون الدولي من أعدام المدنيين وارتكاب اعمال عنف جنسية بحق النساء والفتيات و عمليات خطف واغتيالات استهدفت زعماء سياسيين ودينيين بالاضافة لزعماء عشائر كما قتلوا أطفالا ضمن انتهاكات أخرى.
كما يصف التقرير بالتفصيل الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الحكومة والمجموعات التابعة لها مثل عمليات قتل السجناء دون محاكمة والتي قال انها قد تمثل إحدى جرائم الحرب الى جانب تشريد أكثر من 1.2 مليون شخص في العراق.
كما احتل العراق المرتبة الثالثة عالمياً في قائمة الدول ليس في مجال تقديم الخدمات او توفير الماء والكهرباء وامور الحياة الاساسية، بل في مجال وموضع آخر وهو الدول الاكثر تنفيذا لعقوبة الإعدام في العالم والذي كشف عنه تقريرلمنظمة حقوقية إيطالية نشر مساء الجمعة وتضمن ان العراق حل ثالثاً ضمن الدول التي تصدرت عمليات الإعدام في العالم بعد الصين وايران، ولو اخذنا بنظر الاعتبار حجم السكان واعداد المنفذ بهم احكام الاعدام في الصين وايران لاحتل العراق الدرجة الاولى نظراً لان اقليم كوردستان لا ينفذ هذه العقوبة منذ عام 2008 مما يجعل العراق في ظل حكومته الحالية صاحبة الفضل في تحقيق هذه المرتبة وهذا الانجاز.!
في ظل كل هذه الظروف والاحوال التي بينا بعضا منها تخرج علينا سلطة الطيران المدني العراقية التابعة لوزارة النقل بقرار ايقاف جميع رحلات الشحن الجوي الى كل من مطاري اربيل والسليمانية في اقليم كردستان الى اشعار اخر، حيث تم الغاء جميع الرحلات بدءا من يوم ،/الخميس والى اشعار اخر وارسل الى الشركات لابلاغهم بعدم تيسير رحلاتهم الى الاقليم، علما ان المواد التي تنقل عبر الشحن الجوي هي مواد بناء ومستلزمات شركات النفط والاغذية.
هذا القرار يعكس الموقف العدائي والتصرف البعيد عن الشعور بالمسؤولية وحقوق المواطنة خصوصاً في هذه الايام حيث يستقبل اقليم كوردستان اكثر من مليون وما ئتا الف من اللاجئين السوريين والعراقيين المهجرين من مدن الموصل وتكريت وبقية مدن العراق والذين وجدوا الامن والسلام والعون وكل ما يمكن تقديمه من الاهالي وحكومة الاقليم التي تعيش ضائقة مالية بعد توقف حكومة المالكي عن دفع المستحقات المالية للاقليم من الميزانية العراقية الاتحادية ومنذ اكثر من سبع اشهر والذي أثر بشكل كبير ومباشر على الحياة الاقتصادية والتجارية وعموم حياة المواطنين من الموظفين والمتقاعدين ومتلقوا المعونات الاجتماعية من المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة (المعوقين) والعمال والفئات الاكثر حاجة واعتماداً على الراتب الذي يمثل في ابسط القوانين حقا خالصا مكتسبا لا يجوز لأي حكومة او شخص ان يقطعه عن صاحبه تحت اي ظرف او اعتبار، ومع كل ذلك يستمر مسلسل العداء لاقليم كوردستان وشعبه وقيادته من خلال بعض الاصوت والمنابر التي كشفت الاحداث عدم تمتعها بالمصداقية والقبول من ابناء الشعب العراقي وعموم العالم.
ورغم اننا لا نعرف الكثير عن قرار ايقاف رحلات الشحن الجوي الى الاقليم ومدى تأثير ذلك على الحياة الاقتصادية والتجارية والتي نتمنى ان يتناولها المختصون والمعنيون بهذا الامر، الا اننا نجد من واجبنا التنبيه الى انه: ماذا لو اقدمت الحكومة العراقية وتحت اية ذريعة او سب الى ايقاف الرحلات الاعتيادية ونقل المسافرين من والى الاقليم، وماهي الاجراءات والبدائل المتوفرة لدى حكومة الاقليم خصوصاً وحسب ما توصلنا اليه من معلومات ان النقل الجوي وخطوط السفر والطائرات تحكمها اتفاقيات دولية وشركات ومنظمات تعمل من خلال الدول وان الجهة اوالسلطة المختصة بهذا الامر هي سلطة النقل الجوي التابعة لوزارة النقل الاتحادية العراقية.
اننا ندعو بشكل عاجل حكومة الاقليم الى مناقشة هذا الامر مع المختصين بهذا المجال ودراسة السبل القانونية الكفيلة بتحرير سماء كوردستان من سلطة الحكومة الاتحادية التي مهما اختلف الذين يصلون الى كرسي الحكم هناك فان العقلية والمنهج ما زال واحدا وهو التسلط والتحكم والانفراد بالحكم والسلطات.
ارض العراق التي تفقد خضرتها وخصبتها بفعل الحروب والتصحر الذي اصاب الانسان والبيئة وشتى صور الحياة والتي تساهم الحكومة الحالية بسياساتها وتصرفاتها وجعلتها ساحة حرب ومرمى الطائرات الحربية لبعض دول الجوار التي تقتل السكان المدنيين وترميهم بالبراميل المتفجرة، تحاول ان تعوض فشلها وخسارتها لكل ما يجري بمحاولة السيطرة وفرض سلطتها على سماء كورستان التي ندعو لتحريرها كما حررنا الارض والانسان لتظل صافية زاهية ملونة بالوان الفرح والخير والامان الذي يظلل شعبها ومن يعيش فيها من المكونات الاخرى المختلفة الالوان والتي تعيش فيه بسلام وأمان.
القاضي
عبدالستار رمضان
نائب المدعي العام –اقليم كوردستان العراق
مقالات اخرى للكاتب