بعد تسمية العبادي ومنع المالكي من ولاية ثالثة هبت عاصفة من الاتهامات والجدل حول شرعيته ، والداخلون في هذه النقاشات هم من خنادق شتى ، النقاش وعرض الرأي حق مكفول للجميع ، ولكن الافضل ان تناقش هذه القضية بعمق اكبر ، تناقش بعيدا عن الدوافع الشخصية للمتجادلين وفي سياق تحولات التجربة الديمقراطية في هذا البلد ، وتحولاته واحداثه ، دراسة الحدث بشكل عميق ومحايد تقود الى الاعتقاد بأن السيد المالكي فقد عدة عناصر اضعفت شرعيته الانتخابية في وقت قصير ، اهمها حادثة تسليم الموصل الى داعش بلا قتال من قبل قادة سابقين اختارهم السيد المالكي بنفسه والغموض الذي لف الحادث فتم تسجيل الجريمة ضد القائد العام ، ومن تداعيات هذا الحدث ابادة داعش لطلبة قاعدة القوة الجوية الذين زادوا عن 1700 شاب معظمهم من عشائر الجنوب وفقدانهم يعد صدمة لعوائلهم ومحافظاتهم وعشائرهم ويسجلونها ايضا في صفحة القائد العام ، تسليم الموصل لداعش اوجد واقعا جديدا يساعد على اثارة التوتر مجددا بين المكونات السياسية من كرد وسنة وشيعة وفقا لمبررات معروفة ، وتوترا في المحيط الاقليمي والعالمي ، وكلها سجلت ضد رئيس الوزراء حقا او باطلا ، دخول داعش على الخط ادى الى محو وابطال الامتياز الانتخابي للسيد المالكي ، اصبح الرجل رئيس وزراء لبلد نصف اراضيه محتلة ، وعاصمته محاصرة ومهددة ، ولديه مليونا نازح ، واقلياته العريقة تواجه تطهيرا عرقيا وابادة ، وربما ثلث حقوله النفطية وآباره ومصافيه وانابيب تصديره محتلة ، ودجلته وفراته وسدودهما تحت الاحتلال ! رئيس وزراء اي بلد يمر بهذه الحالة وهو القائد العام للقوات المسلحة سوف يصدر حكم اعدام ميداني لقادته الاربعة المنسحبين ، ويستقيل فورا ، سواء كان هو السبب في هذه الكارثة او من هم تحت أمرته ، وهناك امثلة لا حصر في الدول الديمقراطية على استقالة رؤساء ووزراء ومدراء ونواب من جراء خطأ بسيط لم يشاركوا فيه اصلا ، استقال وزير التربية الدنماركي لأن أحد طلاب الابتدائية عذب قطة حتى ماتت وانتشر الخبر واخضعوا الطالب لفحوص نفسية وتحولت القضية الى قضية رأي عام وتساؤلات عن دور وزارة التربية في تربية الطلاب وثقافتهم ... الخ ، كل المسؤولين الذين يستقيلون بسبب اخطاء تافهة في العالم المتمدن هم شرعيون ومنتخبون مثل السيد المالكي . مع ان قضيتنا مع داعش ليست قضية بزونة ايها السادة .
