هذا هو بالضبط منهج السيد المالكي في ادارته وفي خططه المستقبلية التي تقوم عليها نظريته في ادارة الحكومة وليست الدولة والتي تستند الى نظرية اشعال الحرائق باوقات واهداف محددة يحصد من خلالها عواطف البسطاء والمغفلين ثم يقوم بعد ذلك بالتراجع عن كل الحرائق التي اشعلها ويحاول عبثا اطفائها بالتنازل واعطاء كل شيء وفي احيان يعطي اكثر مما يريد خصومه وهو بهذه الافعال يبتغي زيادة رصيده الجماهيري في الشارع الشعبي وقد نجح الى حد بعيد في الوصول الى مأربه لان ذاكرة الناس تختزن الانطباع الاول وتترك ما ياتي بعده بل انها لا تكلف نفسها فرصة انتظار رسم اللوحة بكاملها. ويصعب معرفة الالية التي يتحرك على ضوئها السيد المالكي في افتعال الازمات وحلها فهو من جانب تراه يسعى بكل ما يؤتى من قوة الى مهاجمة خصومة وبكل الوسائل والطرق غير عابئ بالاوضاع السياسية والمشتركات والاتفاقيات التي جمعته مع خصومه واعدائه بل يندفع في بعض المرات الى عدم التراجع عن استخدام القوة والقبول بكل النتائج التي يمكن ان يخلفها الاحتراب والقتال لكن هذا المنطق وهذا الاندفاع سرعان ما يتغير ويعود مؤشر الاندفاع والحماسة الى التراجع حد الانبطاح والقبول بكل الشروط. والشواهد على اندفاع المالكي وخلق الازمات كثيرة ولا يمكن احصائها واذا ما اريد تعدادها فيمكن القول ان حكومة المالكي التي تشكلت في ولايته الثانية انما انطلقت من هذا المبدأ عندما اجتث المطلك والعوادي والعاني الا ان تراجع المالكي جاء بما يشتهي المطلك وما يريد العاني لان المطلك تحول الى بطل قومي عند العرب السنة وبدل ان يحصد عشرة مقاعد نجح في الحصول على اكثر من عشرين مقعد في البرلمان والفضل كل الفضل يعود للسيد المالكي وقد يقول قائل وما الذي حصل عليه المالكي والجواب ان المالكي اراد بضرب المطلك كسب تاييد الشارع الشيعي المتحفز ضد البعث والبعثيين ولما حقق ما يريد عاد وترك الحبل على غاربه،اما الشارع المتحفز فلم يسال لماذا اجتث ولماذا تراجع لانه يتذكر الاولى وينسى الثانية. واستمر هذا المسلسل مع الكرد في اكثر من مرة وفي كل مرة يقدم المالكي لخصومه ما يعجزون عنه من تقديمه لانفسهم فهو نجح الى حد كبير في توحيد الكرد عندما اختلف معهم على عقود النفط وبعد ان توحدوا عاد ودفع كل المبالغ المطلوبة للعقود ثم وحدهم اكثر عندما شكل قوات دجلة التي لوح للقتال فيها لكنه سرعان ما عاد وجلس الى الحوار وقبل بتشكيل قوات مشتركة من ابناء المناطق المتنازع عليها وسحب قوات دجله وهنا نجح المالكي في تاليب الشارع الشيعي والعربي السني ضد السنة لكنه سياسيا خسر المعركة . هذا السيناريو تكرر من جديد مع العرب السنة عندما تم القاء القبض على حماية رافع العيساوي والقاء القبض على القوة التي اعتقلت الحماية وعدم تصرفه بحكمة ودراية مع مطالب المتظاهرين الدستورية وغير الدستورية لانه اتهمهم بالعمالة والارهاب هذه التصريحات وهذه المواقف وحدتهم الى درجة كانوا يحلمون بها وجعلت من العيساوي بطلا كارتونيا الا ان المالكي نجح من جديد في كسب الشارع الشيعي الا انه عاد وخسر العرب السنة الذين كسبهم من معركته مع الكرد. المالكي اليوم اعطى للمتظاهرين كل ما يريدون واكثر فقانون المسائلة والعدالة تم القفز عليه بعد ان تم اعادة الاف الضباط البعثيين سواء بالوكالة او الاصالة الى الخدمة ومنح الاعداد الباقية حقوق تقاعدية فلم يبقى الا من هو خائف او ضد العملية السياسية وهذا الامر ينطبق على السجناء والسجينات وغيرها من المطالب. المحزن في الامر ان المالكي عندما يعطي الاخرين ما يريدون يعطيهم بعد فوات الاوان وهذا الامر اصبح مكشوفا من قبل الخصوم والذين بدورهم نجحوا في استثمار الفرص التي يوفرها لهم المالكي.
مقالات اخرى للكاتب