تتفاخر كل الشعوب بهوياتها الوطنية وتسعى الحكومات الوطنية دائما وبقوة الى تعزيزها وتأمين كافة السبل الكفيلة بحمايتها دستوريا وقانونيا وأمنيا كما تضع الدول الشروط والالتزامات والواجبات على مواطنيها التي يحملون جنسيتها كما توضح كافة الحقوق والحريات وتكفلها لهم ويعتز كل مواطني الدول بجنسياتهم التي يحملوها ويعملون المستحيل للدفاع عنها ايمانا منهم ان هويتهم الوطنية والجنسية التي يحملونها تمثل انتمائهم وشرفهم وفيها عزهم وكرامتهم ولهذا يخلص المواطنون لبلدانهم كل من موقعه ولايألون جهدا في سبيل تقدمه ورفعته فيما بين البلدان ولهذا فان من اهم الشروط التي تضعها الحكومات بقوانينها وانظمتها لمن يتولى منصبا حكوميا سواء كان متواضعا او رفيعا ان يكون من حاملي جنسية ذلك البلد.
اما في العراق وبعد عام ٢٠٠٣ وعودة الالاف من العراقيين الذين كانوا يقيمون في الخارج لاسباب شتى انسانية كانت ام سياسية ام لاسباب اقتصادية تتعلق بالعمل ولفترات طويلة استطاع جلهم الحصول على جنسيات البلدان التي كانوا يقيمون فيها وحين عادوا لم يتنازل احدا منهم عن جنسيته الاخرى بل بقي محتفطا بها وبحقوقه الكاملة كمواطن لتلك الدولة وكان الكثير منهم ان لم نقل جميعهم يتفاخرون بتلك الجنسيات الاجنبية التي اكتسبوها ولكون معظمهم كان في المعارضة العراقية في الخارج وجاؤا مع القوات الامريكية التي اسقطت.النظام الدكتاتوري السابق ولديهم علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الامريكية او حلفاؤها فقد استطاعوا الحصول على مناصب في الدولة العراقية بل مناصب كبيرة وسيادية ووزارية اتاحت لهم كتابة الدستور العراقي وتشريع القوانين والانظمة ووضع التعليمات التي كيفوها جميعها وفق أهوائهم وأمزجتهم ومصالحهم الشخصية والحزبية والفئوية ولم يستطيعوا مطلقا من ضمان حقوق الشعب ككل ووضعوا من خلال تلك التشريعات والقوانين الجديدة عشرات الفوارق بين ابناء الشعب الواحد ورسخوا التمييز والفارق الطبقي من خلال الامتيازات العديدة والكبيرة التي منحوها لانفسهم ولاحزابهم وانصارهم مما ولد ذلك لدى بقية افراد الشعب العراقي الشعور بالغبن والظلم والاستياء الكبير بعد ان زاد الفقراء فقرا وزادت نسب البطالة وقلة فرص العمل وعم الجهل والتخلف والمرض بين عامة الشعب وتفشت الامية وخصوصا لدى الطبقات الفقيرة والضعيفة مما انعكس سلبا لدى هؤلاء واحساسهم بالاانتماء لهذا الوطن وشعورهم بانهم مواطنون من الدرجة الثانية وربما أقل من ذلك وكان من الواضح ان ازدواجية الجنسية لدى الحكام في العراق أعطتهم احساسا وشعورا بأنهم فوق الجميع وفوق القانون الذي رفضوا الانصياع له بالتخلي عن الجنسية الاجنبية لمن كان في مناصب سيادية ووزارية لكون ذلك الامر يمنح لهم شعورا بالقوة ويمنحهم حصانة أضافية غير التي منحتها لهم المناصب التي يحتلوها بالاضافة الى التهرب من المحاسبة والمسائلة القانونية في حال وجود اي أمر قانوني أو أمر آخر .
ولهذا كله ولاسباب عديدة أخرى عمت الفوضى وشاع الفساد وفقد الامن وأنهار الاقتصاد وذابت الصناعات الوطنية ودمرت الزراعة وأصبح البلد على حافة الانهيار .
فمتى ياترى ينتهي حكم المزدوج ويحكمنا قوم ليس لديهم أنتماء سوى للعراق والعراق فقط ؟
مقالات اخرى للكاتب