الجزء الاول
منذ مئات الالاف من السنين وقبل ان يخلق الله المخلوقات كانت ارض السواد موجودة على الارض يتوسدها نهري دجلة والفرات تدعى وادي الرافدين، تلك الارض التي كانت موطنا لاقدم واعرق الحضارات التي عرفها تاريخ البشرية حتى اليوم تلك الحضارات العظيمة التي كانت تملأ أراضيه شمالا وشرقا وجنوبا ، بلاد الشمس والخصوبة والنماء، بلاد آشور وسومر وبابل واور ، بلاد الالهة والملوك العظماء أولئك الذين حكموا أرض (أوروك) بالقوة والحكمة والشجاعة بلاد لطالما تغنت وتفاخرت بانها أول من علم البشرية القراءة والكتابة واول من دون بالقلم واستخدم الاختام وهم اول من سن الشرائع والقوانين ، بلاد لطالما كانت ومنذ القدم مهدا للانبياء والرسل والاولياء والصالحين كما استهوت الشعراء والادباء والعلماء ، بلاد عرفت عبر التاريخ والسنين بالخير والعطاء وسميت بالعراق الذي بقي رغم تعاقب المحتلين والغزاة عليه وكثرتهم بقي محتفظا بوحدة الارض والدم واحدا موحدا .
وبعد دخول القوات الامريكية الى العراق في شهر نيسان من عام ٢٠٠٣ وازاحة النظام الدكتاتوي السابق تم تحويل نظام الحكم من نظام رئاسي الى نظام برلماني ديمقراطي أستبشر به جميع العراقيين خيرا ولم يكن يعرفوا جيدا ماذا كان يخبأ لهم هذا النظام التي تعمدت فيه الولايات المتحدة الامريكية أقراره في العراق لاسباب هي تعلمها في الوقت الذي كانت تستطيع فيه امريكا من ترشيح اي شخصية سياسية عراقية شيعية كانت ام سنية لتقود العراق انذاك دون ان يكون هناك اي اعتراض من الشعب العراقي- الذي كان مهيئا لذلك - وبدلا من ذلك قامت بحل كافة المؤسسات الامنية والعسكرية والحكومية وادخال العراق في فوضى الديمقراطية الجديدة ، وكان هذا يهدف الى تغيير معادلة عمرها اكثر من 1400 عام من التاريخ الاسلامي الا وهي حكم اهل السنة للعراق ومازلنا نعتقد بل نجزم بان هناك تعمدا من قبل الولايات المتحدة لإقرار النظام البرلماني لانها تعرف جيدا بان الشيعة في العراق يمثلون الاغلبية وان هذا النظام يعني ترجيح كفتهم في الحكم على البقية وتغيير المعادلة الازلية في حكم اهل السنة للعراق والذي يعتقده اهل السنة بانها حق أزلي قد كفله التاريخ والزمن ولا يمكن التنازل عنه بأي حال من الاحوال في حين اعتبره الشيعة حق ضائع تم إستعادته وكفله لهم الدستور ولكن المؤسسة السرية الحقيقية التي تحكم الولايات المتحدة الامريكية قد خططت لهذا الامر بعناية وذكاء بالغين وذلك لم يكن حبا بالشيعة او بغضا بالسنة ولكن تلك المؤسسة السرية كانت تروم جر العراق الى ماكان مخطط له منذ مائة عام والى ما هو اكثر مما يتم تداوله حاليا في الاوساط الاعلامية وعند مراكز الدراسات والبحوث الستراتيجية وهو موضوع تقسيم العراق فالامر يتعدى ذلك بكثير وان مايتم التخطيط له سرا هو مايعرف بمصطلح ( fading) اي التلاشي او الانهاء والذي يعني تفتيت البلاد والغاء كافة مقوماته وهذا لا يمكن تحقيقه الا من خلال حرب اهلية طويلة المدى يخوضها العراقيون فيما بينهم لا تنتهي الا بنهاية وتدمير كل شيء في العراق.
حرب لا يمكن أشعال فتيلها وأضطرامها الا من خلال إثارة النعرات الطائفية والقومية والتعصبية على ان يساعد اشعالها وإذكاء نارها واطالة مدتها إقناع دول الاقليم السنية المجاورة للعراق وكذلك بعض الدول السنية الاخرى لخوض تلك الحرب (المقدسة) وحرب الوجود والتي لا يجب إيقافها او اخماد نارها بأي حال من الاحوال. حرب ضروس وعنيفة لا تبقي ولا تذر تأكل الاخضر واليابس.
نهاية الجزء الاول
مقالات اخرى للكاتب