لعبت الجغرافيا السياسية دوراً مهماً في طبيعية العلاقات السياسة والاقتصادية والاجتماعية بين الكويت والعراق بحكم الجوار بينهما . وإذا كانت العلاقات بين دول الجوار حتمية فإن العلاقات الكويتية العراقية قد شهدت خصوصية في جميع المجالات ، حيث كانت مشوبة بالتهديد والحذر وألإعتداءات والتجاوزات والتناقضات في أغلب الأحيان ومن كلا الطرفين .
وقد شهدت هذه العلاقات اعترافات متفرقة بدولة الكويت من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة ولم يؤخذ بأي منها طيلة عقود .وكانت اتفاقية 1913 والتي سميت باتفاقية لندن بين بريطانيا والدولة العثمانية لترسم شكل الحدود بين الكويت والعراق أول تحديد دولي للحدود بينها إلا أنها لم توضع موضع التنفيذ بسبب قيام الحرب العالمية الأولى .
وفي أعقاب حصول العراق على استقلاله من بريطانيا عام 1930م وانضمامه إلى عصبة الأمم في عام 1932م ، تم الاعتراف من جانبه كدولة ذات سيادة بصحة تعيين الحدود الكويتية – العراقية كما حددتها اتفاقية 1913م ويتضح ذلك في الخطابات المتبادلة بين نوري السعيد رئيس وزراء العراق والشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت آنذاك من خلال الوكيل البريطاني في الكويت وذلك بحكم أن الكويت كانت تحت الحماية البريطانية .
ويرى المؤرخ الكويتي د.عبدالملك التميمي أن العلاقات السياسية الرسمية بين الكويت والعراق قد بدأت منذ هذا العام 1932 عندما تمت المراسلات بينهما حول القضايا المشتركة وخاصة الحدودية ، أما قبل ذلك فقد كان بين البلدين تجارة برية وبحرية ، وكان للكثير من الكويتيين مزارع في جنوب العراق وكانت الكويت تحصل على معظم احتياجاتها من العراق .
وبقيت العلاقات العراقية الكويتية بين شد وجذب طيلة فترة حكم قاسم والبعثيين بالعراق الى أن وصل ألأمر بينهم الى أن غزا صدام حسين الكويت في 1990 .
وبعد إستعادة الكويت من قبل القوات الدولية وبعد الخسائر العراقية الجسيمة التي سببها إنسحاب القوات العراقية من الكويت ، وخوفا من سقوط نظام حكمه ، قبل صدام حسين التوقيع على ماتسمى بإتفاقية خيمة صفوان التي وهب بها الملك ما لايملك فقدقدم بها صدام حسين مجانا وبدون وجه حق الاراضي العراقية الممتدة بين سفوان وأم قصر وخور عبدالله العراقي الى الكويت املا منه أن يهدئ الوضع العسكري بالمنطقة ويستمر في حكمه للعراق .
لكن ماحدث فعلا كان تجاوزا سافرا شاركت به الامم المتحدة والتحالف الدولي ضد الشعب والاراضي العراقية عقابا على فعلة فعلها صدام وخوفا من تكرار ألأمر حيث أعطيت الكويت ألأراضي العراقية لتكون مساحة جغرافية فاصلة وعازلة بين العراق والكويت تسمح للكويت من خلالها إتخاذ تدابيرها العسكرية حال هجوم القوات العراقية عليها .
لكن المثير للجدل اليوم هو موقف الحكومة الكويتية وإصرارها على الاحتفاظ بهذه الاراضي العراقية رغم سقوط نظام الديكتاتور ، وقيام حكومة عراقية ديمقراطية منتخبة ، وهذا الموقف سبب إنزعاج شعبي عراقي حيث بدأت الحكومة الكويتية بالمطالبة بطرد العراقيين الموجودين في منازلهم على الحدود وبتجريف المزارع العراقية الموجودة .
وهذا أثار حفيظة العراقيين وخصوصا بعد تثبيت التجاوزات الكويتية على ابار النفط الحدودية بين البلدين والتي إستغلتها الكويت منذ عام 2003 ولحد الان والتي كان قيمة نفطها وغازها مايوازي 150 مليار دولار وهو أضعاف الديون الكويتية التي أقرتها الامم المتحدة على العراق .
لذى ندعوا اليوم الأمم المتحدة للتصرف بحكمة وحيادية أكثر من خلال إدارتها لهذا الملف الخطير والذي يرسخ العلاقات العراقية الكويتية وعدم التصعيد والموافقة على إعادة ترسيم الحدود بشكل منصف ومقبول من الطرفين وليس كما حصل بخيمة صفوان حيث كان الترسيم يجري على أساس سياسة ألإذعان بين منتصر ومهزوم ، وبين قوي وضعيف .
وإذ نستنكر ونرفض تهجير العراقيين من منازلهم في أم قصر ومن ومياههم ندعوا :
1- الخارجية العراقية للتحرك وبسرعة للحفاظ على السيادة العراقية وبما يخدم مصالح العراق وشعبه دون مجاملة أحد على مصالح العراق القومية العليا .
2- إنتداب محاميين في القانون الدولي للدفاع عن مظلومية العراق بهذا الخصوص في الأمم المتحدة والمحكمة الدولية ومجلس ألأمن .
3- العمل على تقديم مذكرة أممية بالخصوص يطلب فيها إنصاف العراق بمياهه وأرضه ونفطه وغازه والتي إستباحتها الكويت بعد سقوط الديكتاتور بالعراق ، كما يطلب فيها إعادة ترسيم الحدود بين البلدين بما يخدم العلاقات المتوازنة بين دولتين ذات سيادة متماثلة ومبنية على حسن الجوار .
4-نطالب الحكومة والشعب الكويتي بالوقوف مع محنة الشعب العراقي والمساهمة الفعالة لخروج العراق من تحت طائلة الفصل السابع .
ونشيد بالشعب العراقي الأبي في كل المحافظات بالداخل والخارج بالوقوف صفا واحدا ضد الظلامة الأممية التي وقعت عليه والخروج في مظاهرات وإعتصامات وإستنكارات شعبية للمطالبة بإسترداد مقدراته وحقوقه في أرضه ومياهه وثرواته التي أنتهكت بعد سقوط النظام بالترسيم الحدودي الجائر وعدم التفريط بهذه المقدرات والحقوق المشروعة .
مقالات اخرى للكاتب