نقل عن الأمام علي بن ابي طالب أنه أوصى المسلمون بالقرآن ،وحذرهم من أن يسبقهم الآخرون من غير المسلمين اليه ،وطبعا ًيقصد مما فيه من كنوز ،وها نحن اليوم نستمع ونصدق ما يبينه لنا المفكرون والعلماء الغربيون من علوم قرآنية من أمثال المفكر والطبيب الفرنسي موريس بوكاي والبروفسور كيث مور والدكتور غاري ملير وغيرهم ، ولكننا نصف المسلم الذي يفكر ويتدبر آيات القرآن بأسوء النعوت !
1- سرعة الضوء :
لدينا آيتين نستعرضهما ،كشف فيها القرآن بجلاء عن سرع فائقة في وقت كان فيه اسرع وسيلة هي الحصان ، ففي حادثة نقل عرش بلقيس بسرعة فائقة ، وان من قام بهذا الأنجاز كان لديه علم الكتاب .
ان قصة نبي الله سليمان وبلقيس ملكة سبأ ،هي قصة مشهورة ومذكورة في ادب أغلب بلدان العالم ،غير ان ما متميز في ذكرها في القرآن هو نقل عرش بلقيس بسرعة فائقة حتى بالقياس الى عصرنا الحالي ،إذ قام من لديه علم الكتاب بنقل العرش من اليمن الى فلسطين خلال أجزاء من الثانية .
(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ ربي ...)(38 – 40) النمل .
لقد تحدث القرآن عن مخلوق جبار يمتلك القوة (عفريت من الجن ) ،وهذا يشبه الى حد بعيد اننا نضع البضائع في طائرات شحن عملاقة ثم نرسلها بسرعة الطائرة ،غير ان الشخص الثاني وهو حكيم وكان يستخدم العلم تمكن من نقل العرش بطريقة علمية وبسرعة فائقة قد تبلغ سرعة الضوء .ونحن اليوم نتعامل مع ارسال المعلومات بين بلدان الأرض المتباعدة بسرعة فائقة ،كما ان العلماء بدؤا يتدارسون كيفية تحويل المادة الى طاقة والطاقة الى مادة محاولين ان يصلوا الى حالة مثالية ونواتج بدون تغيير في الهيئة أو ضياع غير أنهم في بداية الطريق ،ومع اننا لانجزم بماهية الطريقة العلمية التي نقل فيها ذلك الحكيم عرش بلقيس ،ولكننا بما لمسنا من علوم، أقدر من غيرنا من الأقوام التي سلفت على فهم وتقبل هذه العملية وتصديقها .
والآية الأخرى هي التالية :
( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) (5) السجدة .
الآية تصف زمانين مختلفين ولكل زمان سرعته ، فهناك مسافة كبيرة نقطعها في الف سنة بحسابنا ووسائلنا ،ولكنها تقطع بسرعة فائقة في يوم واحد وعند حساب تلك السرعة على فرض الف سنة قمرية ،فسنجد سرعة هائلة أعلى من سرعة الضوء ،والتي تقترب من 300 ألف كم في الثانية .
2- الجبال اوتاد :
وجود التضاريس ومنها الجبال المنغرسة بالأرض لمسافات كبيرة، هي قد تكونت لحكمة الله تعالى ولموازنة الأرض لئلا تضطرب فتصبح غير صالح لسكن الأنسان ،فمثلا ً الجبال التي تنغرس الى طبقات تحت الطبقة الصخرية وبالتالي تعطي الأرض الثبات والتوازن المطلوب .وهذه اصبحت من حقائق علوم الأرض اليوم .
(وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) (31) الأنبياء .
والآية :
} أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7){النبأ .
3- استحالة صنع خلية حية :
الغريب ان العلماء في القرن العشرين حاولوا تقليد الشريط الوراثي للذباب وأعتبروه أفضل نموذج ، وبعد أكتشافهم مادة الحمض النووي (DNA ) والتي أعتبرت سر الحياة ،أجمعوا على إستحالة تمكنهم من صنع خلية حية وأعترفوا بعجزهم .
وكان القرآن قد أوضح ذلك وجزم بعدم مكانية ذلك :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) (73) الحج .
وقد أثارة الآية نفسها دهشة الباحثين لوصفها عملية سلب الذباب ، حيث وجدوا ان هناك امر مختلف عن كل الحشرات ، عندما درسوا الحالة تحت المجهر ، وجدوا شئ قريب من الخيال ،الحشرات تبلع المادة ممكن استرجاعها ، غير ان الذباب فورا تفرز مادة من فمها فور امتصاصها للطعام على الشئ الذي تستحصله فتحوله الى مادة جديدة تناسب مع ما لدى الذبابة من جهاز هضمي بسيط وتتحول الى مادة اخرى يستحيل اعادتها الى حالتها الأولى ،ويتبين ضعف الطالب وهو الأنسان ولو اراد استرجاعها فيسترجع مادة مختلفة.
4- الأمشاج :
درس الأنسان نفسه كيف خلقت بمراحل بعد استخدام الوسائل الحديثة ،حيث
يلتقي الحيوان المنوي بالبويضة فيتم الأختلاط ليحمل الصفات المشتركة،النطفة الأمشاج تتحول الى العلقة التي تتعلق بجدار الرحم لتمتص الغذاء تماما كدودة العلقة التي تتعلق بالأجسام الحية ثم المضغة شبيه باللقمة التي يمضغها ثم يخرجها من فمه فتبدو اثار الأسنان، تنقسم الى قسمين ، وهي شبيه من جانب بخلق الأنسان ومن جانب غير شبيه فهي مخلقة وغير مخلقة .
الى حد القرن التاسع عشرالميلادي كان الأعتقاد السائد في اوربا ان الأنسان يوجد في المني على هيئة صغيرة الحجم ،ولكن القرآن اوضح الأمر بجلاء في أكثر من آية قرآنية فلنتمعن في قوله تعالى :
(إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ) (الأنسان 2) .
والنطفة الأمشاج هي اختلاط مني الرجل ببويضة المرأة ،ويؤكد ذلك أكثر في آية اخرى ،تدل على ان الأنسان لايخلق كاملا ً في مني الرجل :
(مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) (14) (نوح).
وفي سورة الحج نجد هذا المعنى :
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ) (الحج 5) .
وفي سورة القيامة :
( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) (القيامة ) .
اطوار تكون الجنين :
غير ان الأيات التي توضح الأطوار التي تمر بها عملية تخلق الجنين وبصورة متسلسلة ودقيقة هي التالية من سورة المؤمنون :
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ) (16 ) .
والمدهش ان هذه المراحل التي يصفها القرآن يكون فيها الجنين من الصغر لايمييز بالعين المجردة ،حيث أنه في الأسبوع الرابع يبلغ حوالي أربعة مليمترات ، وهذه المراحل اليوم مبثوثة على مواقع اليوتيوب وبصورة مكبرة لكل راغب في رؤيتها كما وصفها القرأن قبل 1400 سنة .
مقالات اخرى للكاتب