أجتمعنا في نادي العلوية الذي ظهر فيه صغار الموظفين العاملين ضمن هيئته الأدارية اليوم السابق، قمت بأختيار كبار الموظفين كلا ضمن وزارته ومن الأسماء التي سجلت في قوائم الوزارات من الذين واصلوا ترددهم علينا، وأجتمعنا بهم وطلبنا منهم أختيار عدد مناسب من الموظفين، ليكونوا مساعدين لهم في أدارة وزاراتهم . بعد ذلك أنتقلنا للقاعة الوسطى في النادي حيث كان عدد كبير من منسوبي الشرطة ضباط ومراتب جالسين ينتظرون أمر التحرك الى كلية الشرطة لمزاولة عملهم، وجاء اللواء زهير بالملابس المدنية وليس كما اتفقنا ان يكون بالزي العسكري، وجلسنا الزبيدي وأنا ولواء زهير على المنصة امامهم، وخاطبهم الزبيدي قائلا : وقع الاختيار على لواء زهير أن يكون قائدا للشرطة وقد أيد الامريكان ذلك، وعليكم أستلام الاوامر منه مباشرة، فأحتج بعض الحضور وأخذ يصيح ( ما نريده ......ما نريدة ) فهمس الزبيدي باذني ماذا نعمل ؟؟ قلت له : أطلب منهم التصويت عليه . فقال : حسنا لنجعلها ديقراطية ونصوت، فكان الذين صوتوا لصالحه أكثر كثيرا ممن أعترض عليه فقلنا لهم أن الديمقراطية ستأخذ دورها في العراق من هذا اليوم ( وكان أول انتخاب ديمقراطي وأن كان محدود )، وطلبنا منه الأنسحاب وضباطه والمنسوبين الى كلية الشرطة مقرهم الجديد، وطلبنا منه أطلاق صفارات الأنذار في الشوارع من قبل سيارات النجدة التي تلتحق بهم كي نقول للحواسم والعالم ( الشعب العراقي هنا وهذا ما حصل )، ( أنها رسالة طمأنينة لمن يحب العراق رغم الدمار الذي اصابه )، وأخذنا نرسل الى هناك كل من يلتحق بنا في نادي العلوية الذي أصبح ملتقى العراقيين وعالمهم الجديد . بعد انتهينا من موضوع الشرطة الذي أعطاه الكولونيل زاركوني الأولوية، وكما موجود في القوائم التي مازلت أحتفظ بها، ألتفتنا الى موضوع الخدمات، الذي تزامن مع تشغيل ( أذاعة العراق الحر) التي أخذ المذيع أحمد الركابي يذيع منها وعرفت فيما بعد أنها تبث من خيمة في مطار بغداد الدولي الذي تحول الى أكبر معسكر للقوات الأمريكية . أول جانب خدمي أوليناه أهمية هو توفير ماء الشرب لأبناء بغداد حيث عمل الكادر المختص في هذا المجال جهودا مشرفة وجبارة من أجل استمرار تدفق ماء الحياة لأخوتهم العراقيين تاركين لذوي النفوس الضعيفة من الحواسم أختيارهم الخائب بالسرقة والنهب والتدمير ( أن ما يحصل من فساد هذه الايام وأيام الحواسم من منبع واحد ) . كان أول شخص التحق بنا من العاملين في مجال الماء هو المهندس رياض حسين راضي يعمل في ماء مشروع الوثبة قرب مدينة الطب ، وأستمر تدفق المتطوعين من الموظفين وغيرهم على اللجنة مدفوعين بغيرتهم الوطنية وشعورهم العالي بالمسؤولية وكان باب الحرام والنهب مفتوح أمامهم ولكنهم أختاروا طريق الشرف والكرامة، وفيهم من يقول أعطوني أي أعمل المهم أن تكلفوني بما يخدم الوطن، المهم خلصنا من الطاغية، وتركوا لأصحاب النفوس الضعيفة الخوض فيما هم فيه . أثر أزدياد عدد المتطوعين على عملنا لكثرة الأستفسارات وتنوع الطروحات ولضيق الوقت ولان الخدمات هي الاهم وذات الأولوية في عملنا فسألنا المدير المفوض السيد سالم أمكانية توفير مكان مناسب لنا لأدراة عمل اللجنة، فهيأ الرجل غرفته في الطابق الثاني والكافتريا الخارجية للاجتماعات التي أخذ مندوبي وكالات الانباء والفضائيات يتوجهون أليها صباح كل يوم، مما أعطانا فرص لطرح ما نواجه من مشاكل والتنبيه على المخاطر الجمة التي أخذ المتطوعين ينبهون عنها، حيث كان دور الدكتور حامد الباهلي كبيرا في لفت النظر على ما تعرض له الفرن الذري في سلمان باك من عبث اللصوص، مما يهدد حياة أبناء العاصمة، وكذلك ما حصل لمعهد المصول واللقاحات من تدمير، حيث أخذ الحواسم يفرغون الثلاجات من اللقاحات والمصول ويلقونها في ساحات المعهد وممراته ويسرقون الأجهزة الحافظة، فضلا عن انقطاع الكهرباء وتأثيره على هذه المصول التي أصبحت تهدد بأنتشار الأوبئة، حيث جائنا موظف شاب أسمه ليث أكرم عبد الجبار( مسؤول مخازن اللقاحات ) ونبه عن هذا الخطر وذكر ( أن هناك مخزن بديل لهذه اللقاحات الخطرة في حي العامل )، تكون هذه المواد الخطرة من : شلل الأطفال، الحصبة المختلطة، الحصبة المنفردة، مصل الكزاز البشري، لقاح ذات الرئة، مصل داء الكلب وغير من اللقاحات والمصول . شهد هذا اليوم توافد أعداد كبيرة من الشيوخ ورجال الدين، وكانت الفضائيات العالمية تصور كل الأحداث، وكان يوم عمل طويلا ورجعت الى البيت في وقت متأخر وأن اشق طريق في ظلام بغداد الدامس بصعوبة .
مقالات اخرى للكاتب