ام نعاج،ليست قرية ولا بلدة..فعلى حافة الهور بيوت قاطنوها معتقون ضد المطر والحر.. ماء وبشر وقصب وجواميس ووقود حيواني، وخريط ..هل تذوقتم الخريط..؟! لأنكم لستم من هناك لم تقرؤوا كلمة "خريط" كما نلفظها نحن الأهواريون..أقرأوها هكذا بكسر الخاء وتسكين الراء والياء خِرْيْط..الخريط حبوب لقاح القصب تنزع عنها أثوابها، وتجمع لتسلق في إناء مغلق ومعزول تماما، وطريقة غلقه وعزله بأن يتم إحاطة الإناء بالطين، بعد وضع حبوب اللقاح فيه مع كمية محددة من الماء، ويلقى الإناء في جمر الوقود الحيواني، فتتكون بعد إتمام عملية السلق عجينة صفراء يتم تجفيفها لتتحول الى ما يشبه الحجر.. الخريط الأصفر يؤكل باردا ويمكن خزنه أعواما، وكلما كانت صفرته فاقعة كان أكثر جودة.. لم أذق حلوى ألذ من أحجار الخريط...أوه..مشينا بعيدا عن موضوعنا وكدنا نتيه، لكنه الخريط هذه الحلوى المعتدلة الحلاوة والتي من يعتادها لا يصاب بداء السكر قط...
مرة أخرى رحنا بعيدا عن أم نعاج، لكنها معذرة مستلزمات إستكمال الصورة...أم نعاج كأن أهلها جيلاً ولد فى ساعة واحدة !! ثمة صبية يلعبون عسكر وحرامية. يهتفون فى صخب هتافات وأناشيد خرقاء تحكي عن أمور مستحيلة . ما الذي ذكرني بها؟...صحوت صباحا، لا زال طعم (السياح) في شفتي، هل أكلتم السياح..؟ عمركم في الخسارة..السِياح (بكسر السين)..خبز الرز تخبزه جدتي على صاج وناره أعواد القصب. السِياح ورثنا صناعته عن سومر..ألا تعلمون أننا سومريون.؟ وإلا أين أختفى السومريون؟؟ طقس لذيذ والنجوم ترقص رقصتها الأول . (خاچية) تعد طعاما ما على موقد حطبه القصب اليابس، رائحة الإحتراق تخترق القلب ....التفتت (خاچية) نحوى .. صافحتنى عيناها في طيبة. ابتسمت لها. يا للجنوبية الفاضلة.
ليت المدينة اليوم تتحسس أوجاع (خاچية) قبل أن تلهب ظهرها بالقنابل التي اطلقتها طائرة سمتية تدهس مشاعرها النقية...المغول الذين اجتاحوا بيادرنا وروعوا الطبيعة البكر وعكروا صفاءها حاولوا أن يحولونا هشيما بلا أصل ولا جذور. .أجبرونا على العيش فى مناخات لم نألفها..فتكدست الملابس فوق أجسادنا تسترها بينما رؤوسنا عارية. ذبحوا النقاء والطهر وجلدوا البراءة..
في بغداد كان ثمة من يصفق! (العزيز انت..) ؛؛ ما أتعسنا من أمة تحكمت في مصيرها، الجرذان التي تقرض التاريخ وتحارب الثقافة وتتبول على الفكر !! الجرذان التي تسرق القمح من بيوت النمل!! تعود اليوم لتسرق الكحل من عين (نوعة) الابنة البكر لـ (خاچية) عينا "نوعة" تشبهان عيني شبعاد، ربما بعضكم لا يعرف شبعاد، سأحدثكم عنها في المرة القادمة، لكنها كانت ملكة عراقية وخاچية حفيدتها....أم نعاج جلدها صدام حتى أوشكت أن تموت، واليوم يجلدها إهمال ذوي القربى وهو أشد مضاضة من وقع الحسام المهند...
كلام قبل السلام: لإن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، فإن آية الحق النجاح وآية الباطل الفشل..
سلام..
مقالات اخرى للكاتب