نعم فاز الشرقي الباكستاني المهاجر المسلم بثقة الناخبين بمنصب عمدة لندن الذي يعد ثاني منصب في التسلسل الإداري بالمملكة المتحدة، بعد رئيس الوزراء وفي حوزته ميزانية المدينة البالغة خمسة عشر مليار جنيه إسترليني وما سأل اللندنيون عن دين صادق خان ولا قوميته، بل سألوا عن اخلاصه ونزاهته، هو الذي وعدهم بتوفير سكن لائق ومناسب، فضلا عن تعهده بعدم زيادة أجور النقل خلال مدة ولايته البالغة اربع سنوات. ففي حين تتراجع مجتمعات في الشرق والوطن العربي ولاسيما العراق معلية من شأن الدين والمذهب والعرق، والاستحقاق الانتخابي والشراكة الوطنية التي هي صورة منمقة للمحاصصة البغيضة التي أتت على كل ما هو جميل في بلادي طرح اللندنيون وراءهم مثل هذه الأمور ظهريا بحثا عن الانزه والاكفأ والاجدر والاجدى. وحتى في أمريكا ولاسيما في جولة الترشح لانتخابات الرئاسة رأينا تجاوزا للعديد من الثوابت في الحياة الامريكية ولقد كنت ارثي للمرشح باراك أوباما في جولة عام 2007 انا الذي مازالت في ذهني اعمال منظمة الكوكس كلان العنصرية، فضلا على ادب الزنوج، الذي كان يستدر دمعي وانا اقرأ روايات هرييت بيتشر ستاو وهوارد فاست وجون شتاينبك وارسكين كالدويل وجيمس بالدوين، فكيف لهذا المجتمع الذي مارس التمييز العنصري ضد السود، سيرفع لسدة الرئاسة الافريقي المهاجر ابن حسين المسلم أبو عمامة، ومنه جاء اللقب أوباما!؟ لكن حدسي خاب والناخب الأمريكي يصوت للرئيس الكارزمي باراك أوباما، وكان لجهود الرئيس الأمريكي جون فيتز جيرالد كندي (1961-1963) دور مهم ومؤثر في إزالة اثار التفرقة العنصرية في المجتمع الأمريكي، لا بل ان هذا المجتمع يجترح جديدا في تحطيم ثوابت التوجهات اليمينية، فلقد ترشح عن الحزب الديمقراطي يهودي اشتراكي، كان يوصف بـ (الشيوعي) واضعين في الحسبان حساسية المجتمع الأمريكي إزاء مثل هذه التوجهات، وصوت جمهور واسع الى جانبه، لكن كاريزما المرشحة هيلاري كلنتون وجمالها الرائع دفعتاه للانسحاب، ومرة أخرى يقبل المجتمع الأمريكي ان ترشح امرأة لمنصب الرئاسة وهيلاري تخوض السباق لأول مرة في الحياة الامريكية، وان فوزها سيدخل الاطمئنان الى سكان العالم إزاء هوس ومراهقة المرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي اراه قليل الخبرة في إدارة الدولة العظمى، وكان تعليق أوباما ذكيا ورائعا وهو يصف خبرته بحفلات انتخابات ملكات جمال العالم!
فوز الباكستاني المهاجر بعمدة لندن، يستدعي سياسيينا للوقوف ازاءه مليا. نعم بيننا وبين المجتمع البريطاني عقود وعقود من الرقي والتقدم، لكن ما اجدرنا بلحظة تأمل ومراجعة للذات والاستفادة من تجارب الأمم المتقدمة، وان لا نلتفت لتوجهات ولي امر الكوريين الشماليين المساكين على لغة صديقي الاديب والكاتب الصحفي علي حسين، فلهم الله يساعدهم في بلواهم.
مقالات اخرى للكاتب