لم أصدق عيني وانا أقرا في صحيفة عراقية تصدر في بغداد تقريرا حول أوضاع الموصل بعد الاحتلال الاقليمي عبر داعش لها ، يصور هذا التنظيم الارهابي المتوحش بانه يشيع الامن والاستقرار في المدينة وانه "طمأن الاهالي وفتح كافة المرافق العامة واعاد الكهرباء والماء ومنع نهب المصارف والمراكز الحكومية " . التقرير جاء نسخة طبق الاصل من التقارير التي تبثها بعض المحطات الكردية . هل يمكن أن يصل بصاحب الصحيفة الى ان يتماهى مع هؤلاء الاوباش وتصبح صحيفته بوق دعاية لهم لمجرد انه يختلف مع رئيس الوزراء ؟ ربما كانت الجهة الداعمة لهذه الصحيفة ومثيلاتها ، صاحبة مصلحة كبيرة فيما يجري ، أو ربما متورطة بشكل مباشر ، كغطاء لاستكمال عملية قضم الاراضي وتوسيع الكيان المتحرك نحو دولة مستقلة .
هكذا تضح هذه الصحيفة نفسها في خانة ميثلاتها من وسائل الاعلام الداعمة لتخريب العراق والمحرضة على القتل والطائفية . على الاقل فان تلك تصدر أو تبث من خارج العراق وليس من قلب بغداد ، مقدمة نموذجا في التضحية بالوطن وأهله من أجل خلاف او كره لشخص أو حزب ، أو خدمة مشروع إستقلال إقليم يستطيع أصحابه سلوك طرق سياسية وقانونية بدل إراقة دماء الناس وخلق أحقاد تتعمق بمرور الزمن .
هذا الامر يجب أن يعيد الحديث مجددا عن الجهة المسؤولة عن متابعة الصحف وما يمكن أن تمارسه من تخريب ، والاجراءات التي تتخذ بحقها خصوصا وقت الحروب ، وهل من مرحلة حرب تستحق هذا الوصف أكثر من التي نحن فيها الان ؟ . هل يتذرع أحد الان بان متابعة مضمون الاعلام يعد مساسا بحرية الرأي وحقوق الانسان ؟ .. أي إنسان وهو الذي يقتل اليوم بدم بارد على يد كائنات متوحشة ؟ . وأي رأي يجب أن يحترم ؟ أهو الراي المحرض على العنف ؟ أهو الرأي الذي يصور فلول عزة الدوري وشراذم من الشيشان وباقي البلدان وكأنهم حمامات سلام يأتون بالاستقرار والامان والخدمات للعراقيين ؟ .
الحرب القائمة الان يستخدم فيها االعدو أساليب نفسية لتحطيم المعنويات . أدواته في هذه الحرب ليست ذاتية فقط بل يستخدم إعلامنا ، المريض منه والساذج إضافة الى المتبني لمشروع الفتنة والحرب . إعلامنا الوطني مطالب بالحذر من الوضوع في فخ دعم العدو ، حتى الافراد الذين يتعاطون التواصل الواسع عبر الانترنت مطالبون بالحذر من ترويج أية معلومة أو فلم يساهم في إشاعة القلق والخوف لدى المدنيين ، فضلا عن العسكريين ..
مقالات اخرى للكاتب