ما ان يطل علينا شهر رمضان الكريم بأيامه المباركة ولياليه المعطرة حتى تبدأ القنوات الفضائية في التباري لعرض اعمالها التي تسمى ظلما بالفنية , فالعري والخمور والرقص والفجور على قدم وساق .وتتسابق تلك القنوات في محاولاتها لجذب الصائم باعمال لاتمت للشهر الفضيل بصلة بشيء لامن قريب ولامن بعيد , بل هي بحد ذاتها اقرب للاعمال الاباحية ومن يقومون بانتاجها يسارعون لتسويقها لمختلف القنوات لحصد اكبر عدد من المشاهدين .
لكن الحسرة كل الحسرة لمن يتخلَّى عن النفحات الرمضانية، ويكبِّل نفسه بقيود الدنيا، ويَقتل وقتَه وساعاتِ حياته مع باطلٍ ومنكر ولغو يوحي به التوجه العلماني ، باقتحام أعماق البيوت من خلال المسلسلات الشيطانية، حيث العري والفضائح المتنوعة، والاستيلاء على ساحات النشاط السياسي والتجاري والأدبي، من خلال مبدأٍ شيطاني قاتلٍ، يتمثَّل في فصل هذه الأنشطة عن الأخلاق، وتعريتِها من الفضائل؛ حتى لا يبقى فيها موطنُ قدمٍ لأصحاب القيم والاستقامة، وهذا معترك يزاحِم فيه المؤمنُ ويقاوم، بفضل رصيد رمضان الفكري والسلوكي، فيصحِّح المفاهيم، ويقوِّم الاعوجاج، ويجسد النموذج الراقي وهو يقف في وجه طوفان الانحرافات العقدية والسلوكية .
فما له ولتضييع الوقت والذوبان في المشاغل التافهة , إنما يستصحب نفحاتِ رمضان؛ لإصلاح نفسه وغيره طول السنة، ويغتنم شبابَه قبل هرمه، وصحتَه قبل مرضه، وحياتَه قبل موته، وغناه قبل فقره، ويسدي الخيرَ للناس، فإذا حدَّثتْه نفسه بشيء من الشح، تساءل: إلى متى وهو يأخذ ولا يُعطي، ويفكِّر في نفسه لا في غيره، ويتعلَّق بالدنيا ويتغافل عن الآخرة؟
والغريب عندنا اطلالة بعض السياسيين في برامج توحي مسمياتها بالتمحيص وكشف الحقائق وابراز فضائح واسرار تنال من خصومهم وربما تكون من نسج خيالهم المريض في اطار تسقيط الاخر وتقديم صورة يظن المتحدث انها تعكس صراحته وجرأته وفي الحقيقة لاتعطينا سوى مدى الانحدار الاخلاقي الذي وصل اليه البعض ممن صاروا ينافسون ابطال الانحلال في المسلسلات العربية ,حتى بتنا نراهم في كل رمضان باطلالة واحاديث لاتمت لرمضان بشيء وتبين لنا ان ساستنا لاينالون من الشهر سوى الجوع والعطش ان كانوا صائمين .
مقالات اخرى للكاتب