نشرت قبل ايام بعض وكالات الأنباء خبراً تداولته مواقع التواصل الأجتماعي عن طلب السيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم من البرلمان الإبقاء على السيد المالكي كنائب وحيد لرئيس الجمهورية، و قد كذّب الخبر اليوم مستشار معصوم السيد شيروان الوائلي، و اصدرت مستشارية اعلام رئاسة الجمهورية اليوم تكذيباً للخبر و طلبت من وسائل الإعلام الإتصال بها للإستعلام عمّا يخص مواقفها . . و المقال ادناه يتناول خطورة بقاء المالكي في منصبه حين صدور الخبر الذي جرى تكذيبه، لأسباب تتعلق بأنواع الإحتمالات التي من الممكن ان تنشأ في سعي لإبقاء المالكي مصاناً بعيداً عن المسائلة و المحاكمة، و قلق اوسع الجماهير من ذلك . .
. . .
وسط عدم تصديق تتناقل وكالات الأنباء طلب الرئيس فؤاد معصوم من البرلمان ببقاء السيد المالكي نائباً له بدون ذكر الاسباب الموجبة لذلك، بل وهذه المرة يطلب الرئيس نائباً اوحداً لرئيس الجمهورية كمشاركة في التغيير؟؟ الذي لا يشكّل الاّ ترقية للمالكي.
و عدم التصديق يأتي بأن المالكي كان القطب الرئيس و لايزال في وضع العصي في عجلة محاولات الإصلاح لرئيس الوزراء الجديد د. العبادي الذي تزداد شعبيته بسبب اجراءاته و مواقفه الواضحة من قضايا الشعب، و الذي يقود عملية الإصلاح التي تطالب بها الجماهير المليونية في العراق من اقصاه الى اقصاه الآن، كما يلمس الشارع العراقي و كما تتناقلها الصحف و الوكالات .
من جهة اخرى فإن السيد المالكي يعتبر بنظر اوسع الأوساط بكونه السبب الأساس لما آلت اليه الأوضاع المزرية البائسة التي يعاني منها شعب العراق اليوم بأطيافه، لأنه قاد اطول فترة حكم ناهزت الـتسع سنوات منذ سقوط الدكتاتورية قبل 12 عاماً ، الذي ان بدأت دورته حكمه الأولى بتحقيق نجاحات في مواجهة القاعدة الإرهابية ، الاّ انه مال بسرعة بعدئذ الى التسلط و الى التفرد الشخصي بالحكم و بشكل اوضح منذ الشكوك في نزاهة مجيئه كـ (مختار العصر) في الدورة الثانية له و افشاله وصول القائمة العراقية رغم فوزها في الإنتخابات تلك وفق النتائج الرسمية المعلنة آنذاك . . ليسير على نهج (قائد عام فرد لقوات مسلحة) في قيادته للبلاد .
و كان هو المسؤول ـ بمواقعه كرئيس وزراء و وزير الدفاع و الأمن و الداخلية وكالة ـ، مسؤول عن مواجهة الجماهير المطالبة بالإصلاح عام 2011 بالرصاص الحي و تساقط عشرات القتلى و الجرحي و مئات المعتقلين، ساداً الباب بالحديد و النار امام الجماهير العزلاء، لتتوالى مسيرته الفردية الحافلة من سيطرته الفردية على الهيئات المستقلة ثم على القضاء، ضارباً الشرعية الدستورية عرض الحائط، الى تشويه بناء الجيش و القوات المسلحة و فسح مكتبه المجال على مصراعيه للقوات (الفضائية) (1)، و ساعد و دعم نشوء انواع الميليشيات المسلحة على حد تصريحاته هو، التي عاثت بالبلاد و اهلها و مصالحها ارهاباً و فوضى و نهباً خدمة لأجندات إقليمية .
اضافة الى ضرره على القضية الكردية، حيث كان هو البداية في تعقيد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد و حكومة اقليم كردستان بخرقه مقررات مؤتمر اربيل . . العلاقة التي استمرت متفاقمة في التعقيد و وصلت في عهده الى التهديدات العسكرية و تأسيسه لقوات دجلة بوجهة غنية عن التعريف حينها، حتى اوصلت حكومة الإقليم الى مواقف لم تكن تريدها، فهل يرى السيد الرئيس و هو احد قياديي الحركة الكردية ان في بقاء المالكي و بموقع اقوى من السابق فائدة للقضية الكردية مثلاً ؟ كيف و هي تمر في منعطف كثير الخطورة في البلاد و المنطقة الآن تحديداً؟
حتى وصلت البلاد في دورته الثانية الى قمة الفواجع بإحتلال داعش الإرهابية المجرمة للموصل العزيزة ثاني محافظات البلاد مساحة و سكاناً و موقعاً بعد العاصمة بغداد و تلتها صلاح الدين و الرمادي، و مأساة سبايكر التي راح ضحيتها الآلاف من خيرة شباب البلاد، و الأحداث الدموية في اعتصامات الأنبار، اضافة الى النهب و ضياع مليارات فلكية من الدولارات و ضياع معدات و افراد جيش كامل بسقوط الموصل، و عدم تقديمه حسابات ختامية لدورتيه عام 2014 حين استلمت حكومة العبادي خزينة الدولة فارغة الاّ من 3 مليارات دولار فقط بضياع ترليون دولار ـ 800 مليار دولار عائدات النفط لفتراته و 200 مليار دولار معونات و منح دولية (2).
و من الطبيعي ان ذكر ماتقدم لايعفي الطبقة الحاكمة كلها و بدرجات متنوعة من المسؤولية و لكن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المالكي لكونه رئيس الحكومة و لصلاحياته المطلقة آنذاك و التي ما انفكّ عن توسيعها و الإستحواذ عليها لنفسه .
و يستغرب مراقبون و محللون محايدون من طلب السيد معصوم هذا، و هو الذي شهد محاولات السيد المالكي بكل الوسائل لجعل حزب الدعوة حزباً قائداً اوحداً على البيت الشيعي و على البلاد و كأنه لم يستفد من درس الدكتاتور صدام الذي اساء بذلك الى حزبه و الى شعبه . . بدل النشاط من اجل انفتاح حزبه و تشجيع انفتاح الأحزاب العراقية على بعضها البعض و تشكيل اوسع لحمة كفاحية عراقية من كل الأطياف لمواجهة داعش الإجرامية و مواجهة قوى الإرهاب، و من اجل خير و رفاه البلاد و لو خطوة الى الأمام .
لقد نشر و كتب الكثير من السياسيين و المفكرين و المثقفين العراقيين، اضافة الى العديد من ابرز المحللين و الخبراء السياسيين المستقلين الدوليين ، عن المواقف و المحن التي تسبب بها المالكي للبلاد و سبب بها شيوع الفساد الإداري و السرقات و شراء المواقف و التهديد بالقوة لكسب المؤيدين و الأنصار له شخصياً و ليس لقضية وطنية تخص الوطن و سيادته و كرامته . . حتى صار اليوم احد اكبر المطلوبين للعدالة وفق الكثيرين و وفق التظاهرات المليونية اليوم .
و اخيراً لماذا لايطرح السيد رئيس الجمهورية طلبه هذا الى المتظاهرين للتصويت عليه لتجنب اية تعقيدات ـ ان صح التعبير ـ تسببت بطلبه (3). . لأنهم اوسع تجمع عراقي يضمّ العراقيين شباباً و شيباً ، رجالاً و نساءً و من كل الأطياف الفكرية و الدينية و المذهبية و القومية العراقية، و الاّ فإن بقاء المالكي و تمتعه بمنصب افضل من السابق ليس الاّ اول تسويف و اعاقة لأول خطوة في منهج الإصلاح و بداية في اتباع المماطلة و الوعود في تحقيق مطالب الشعب، وانه لاجدية هناك من الحكومة بتنفيذ
وعودها .
13 / 8 / 2015 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الأعداد الكاذبة لعشرات آلاف الأفراد و المعدات .
2. راجع بهاء الأعرجي / " الشرق الأوسط " آب / 2015
3. لوجود انباء تفيد بان العصائب و بدر يهددان بالانسحاب من جبهات مواجهة داعش و الاتجاه الى سوريا هرباً في حالة اقالة المالكي من منصب نائب رئيس الجمهورية .
مقالات اخرى للكاتب