المحافظة على القيم والمبادئ لحماية المجتمع المتحضرفي ظل الظروف الصعبة والقاهرة التي تمر بنا تبرز الحاجة الى تمتين نظام المؤسسات المدنية والاتجاه الى روح العصر بفعل قوى المجتمع الفاعلة والمنظمات الانسانية لاعادة روح القاونين وبناء الانسان الواعي يعرف حقوقه ويدرك ماعلية من واجبات وتوسيع افاق مداركه ليكون متوائماً ومتلازماً مع عصرنا واشاعة المعرفة والثقافة . ظاهرة النظم العشائرية قد غرست اظافرها في جسد الامة يغذيها ضعاف النفوس ذوي المصالح الخاصة والذين تفننوا في تنميتها بسبب ضعف الدولة مع الاسف فقد استفحلت وبرزت خلال الثمانينات من القرن الماضية بعد ان الغتها ثورة 14تموز عام 1958وليست للدولة القدرة في مواجهتها وايقاف هذه الممارسة الغير طبيعية في هذه الزمن ولايزال المجتمع يشعر بأنه بحاجة للطائفة والقبيلة وفئاتهم الاجتماعية لموجهة الاخطار.وجهلهم بأنها تفسد المواطنة وتخنق الحرية وتطلق العنان للجهل والتخلف في عصر التكنلوجيا اي يعني التأخر وبقائنا نراوح في مكاننا مع جل تقديري لكل افراد المجتمع.
بعض الحالات الاجتماعية الموروثة التي مازالت سائدة في مجتمعنا الى اليوم تمارس على الرغم من التطور والثقافة والانفتاح على المجتمعات الاخرى ودخول ادوات التقدم العلمي بكل اشكاله وانواعه واصبحت هذه التقاليد وبال تنخر جسد المجتمع وهذه الممارسات اثرت بشكل سلبي على التعامل مع متطلبات المجتمع الحالية. كما نعرف بان بعض من تلك التقاليد متخلفة وحتى تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف بسبب قلة الوعي لدى البعض من الذين يمارسونها .
دون أي ثقافة للانتماء الى الوطن او الأمة، ثقافة الانتماء الى المجتمع الذي يحتضن أبناءه بمعزلٍ عن اللون أو العرق أو الطائفة أو المذهب، أو العشيرة أو القبيلة، ثقافة الانتماء الى الحياة القومية والانسانية وعن الهوية، وعن التراث، وعن القيم وعن الذات، والوطن،
والتعريف ( العشيرة هي مجموعة من الأفراد ينتمون إلى نسب واحد يرجع إلى جد أعلى، وتتكون من عدة بطون أو من عدة عوائل، وغالبًا ما يسكن أفراد العشيرة إقليما مشتركا يعدونه وطنا لهم، ويتحدثون بلهجة مميزة، ولهم ثقافة واحدة، والعشيرة هي المكون الرئيسي للقبيلة، فتحالف عدة عشائر تتكون القبيلة، وشرط العشيرة أن يتكون أفرادها من نسب واحد، بعكس القبيلة التي غالباً ما تكون من عدة عشائر من نسب واحدة أو من أنساب مختلفة الجد).
العشائر تشكل النسبة الأعظم من مجموع الشعب العراقي، لذا كان انعكاس هذا الواقع يترك بصماته الواضحة ليس على المجتمع المدني فحسب بل على مشروع الدولة برمته ، ذلك لأن العشائر لكثرتها ورسوخ تقاليدها هي التي أثرّت في المجتمع المدني الضعيف بدوره سياسياً والمتخلف اقتصاديا ، ولم يحدث العكس كما هو مفترض، وهذا ما ترك بصماته على بنية الأحزاب والتنظيمات العراقية التي تبنت أفكار الحداثة والتطور وسيادة القانون إلا أنها لم تتمكن من تجاوز عقبة العرف العشائري .
وقد مارست دوراً موازياً للدولة سواء كانت في الريف أو كانت في المدينة ،ونشطت كلما ضعفت سلطة الدولة في الأزمات والتوترات السياسية واستغلت ذلك لصالحها، خصوصا إن الأزمات قد شكلت السمة الغالبة في مراحل الدولة العراقية بعد سقوط النظام السابق.
وليس هناك من شك ان الظواهر والحالات التي يعيشها الانسان تصبح جزءاً من وعيه ، وهي نتيجة طبيعية للتربية التي ينشأ عليها، وهذه حقيقة يجب أن تؤخذ على مجمل الجد عند دراسة المجتمع لان الحياة التي تجمعه مع الأخر على مساحة الأرض التي يتحرك فيها هي حياةٌ واحدة يتولد منها الشعور بالانتماء الى الجماعة ، الى الأرض، والى الدولة التي تحكم العلاقة بين هذه الأطراف في الواقع الاجتماعي.
ان الالتزام بالقيم هو بمثابة صمام الأمان للمجتمع ولتقاليده الأصيلة المستمدة من الدين الاسلامي ولذلك فانه لايمكن التعدي على خصوصية المجتمع المتمثلة في تقاليده وأعرافه المستقرة وفي هذا احترام للقانون والتزام به وغير ذلك من التعدي وعدم المراعاة لهذه المبادئ انما هو جهل وتعد على حقوق الافراد الاخرين وهي الطامة الكبرى .
يعيد البعض من الساسة اليوم روح الهوية والانتماء، سواء تلك التقليدية أو المستحدثة بشكل خاطئ . لان بث الروح في الهويات التقليدية دون وعي ، يعتبر نوعا من الانتكاسة إلى الماضي، حيث القبيلة هي الأصل وهي المفر والقاعدة البديل، ويعد بمثابة ردّة فعل على غياب البديل العميق، الذي يمكن أن يحل مكان الهوية التقليدية، كتعويض، وهو “الوطن” بمكوناته الحديثة. قد نرى من متلازمات ذلك أن يكون تأسيس الدولة الحديثة في بعض دول العالم العربي، لا سيما بلدان ما سمي النامية يتراجع تحت غطاء القبيلة والعشيرة، في عملية البحث الإنساني عن مأمن أكثر ثباتا يعوض عن غياب الدولة، إذا ما حدثت أي قلاقل واضطرابات.
وهذه ربما الأداة نفسها التي عادة ما تستخدمها القيادات والنخب السياسية عند تسلق السلطة لإرضاخ الشعوب، والعودة لترسيخ مكانتها وسيادتها بين القبائل ، ليس هناك خوف من العشيرة كأنتماء , ولكن الخشية من قولبتها بقالب متخلف يستخدم كوسيلة للتقرب من السلطة.
ايضاً ما الضير من ان تتحمل العشيرة مسؤولية تأريخية لأعادة بناء الأنسان بعيدا عن التخلف المدقع الذي حل بشعبنا وعشائرنا في هذا الزمن؟ ولابد ومن الضرورة انطلاق صوت جديد للعشيرة. نظرة جديدة , رؤية جديدة للحياة المتفتحة .
الانفتاح لايعني تجاهلاً للعادات والتقاليد وضرورة التوعية بمراعاة الآداب في المجتمعات مع حفظ الاسس الصحيحة و القيم التي تحملها والالتزام بالاعراف الاصيلة .
وقد سعت الطبقة ( السياسية المشاركة في الحكومة ) إلى استمرار ثقافة القبيلة في الدولة الحديثة لأسبابها السياسية وهي مستمرة في دعمها ، والتي قد يكون منها ضمان ولاء القبائل لضمان الحكم . وحين يستنفر الحاكم عشيرته في مواجهة الشعب الثائرعند الحاجة ، وهذا ما يجعل الثورات مهددة بالتحول إلى حروب أهلية. وهو ما يمارسه الكثير من السياسيين في الساحة العراقية ولاسيما بعد التغيير من النظام الشمولي الى الحالي المشوه تشبثاً بالسلطة . ولكن الواقع يتطلب الحفاظ على القيم والمبادئ كركيزة أساسية لسلامة المجتمع.
مقالات اخرى للكاتب