إقترنت صفة الشجاعة والبطولة والتضحية ومرادفاتها بالعنصر الذكوري بإطارها العام ، وصفحات التاريخ زاخرة بالمواقف التي تشير وتبين وتحلل تلك الصفات لأصحابها تبعاً لتلك المواقف ، حتى أصبحت هذه الصفات متأطرة بالرجال حصراً لما تمليه الطبيعة الإنسانية لخلقة الإنسان ومجمل الأحداث التاريخية قديمها وحديثها .
وفي المقابل إقترنت هذه الصفات بنخبة من النساء وتطرق لهن المؤرخون لمواقفهن البطولية في أحداث عاصرنها في حقب زمانية أسدل الستار عليها وأصبحت في أرشيف الأحداث التاريخية والزمن الغابر ، ووضعت مع قريناتها على رفوف الأرشفة المكتبية تتلحف بغبار الماضي .
الملفت للنظر أن هناك شخصية نسائية إنفردت لتحمل جميع الصفات البطولية في حدث لا كغيره من الأحداث ، وموقعة تميزت عن بقية الأحداث ، وموقف إختلف عن نظرائه من المواقف . تلك هي زينب بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء إخت الحسن والحسين والعباس وحفيدة المصطفى رسول رب العالمين محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وعليهم أجمعين ) .
يحدثنا التاريخ وكتب السير والروايات عن إمرأةً مخدرةً عاشت جل حياتها في بيوت ( أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسم الله ) ، عصفت بها الأحداث لتشهد معركة وترى بأم عينها بسويعات قلائل .. مقتل أبنائها وإخوتها وأبناء إخوتها وأبناء عمومتها وحواري جدها وأبيها والخُلّص من أصحاب إخوتها ، مرملين بدمائهم أجساداً على الرمضاء فصلت رؤوسهم ورفعت على أسنة الرماح أمام ناظرها ، ثم تحرق خيامهم لتمسي هي ومن معها من عشرات الأرامل والأيتام في هجير صحراء بلا ساتر وبلا مأوى ، وتكون هي المسؤولة الوحيدة عنهم ، يحيطها جيش معادي عرمرم بآلآف الفرسان والمقاتلين ممن مسخهم الباري وإستحوذ عليهم الشيطان وتنكروا للقيم ..
لم تأخذ او تؤثر تلك الأحداث على عزيمتها وقوتها وصلابتها وإصرارها وصبرها وخدرها وحشمتها وإيمانها وعبادتها ولو بقيد أنملة .!!!!!!
أي إمرأة هذه ؟ وأي صبر تحمل ؟ وأي أعصاب تملك ؟ ومن أي عزيمة تستمد قوتها ؟ وبأي إيمان عقيدي تؤمن ؟ وبأي إله تتعبد ؟
تلك هي زينب الكبرى ... بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام
فهل حدثنا التاريخ عن نظير لها ؟؟..