إن الرؤية الأخلاقية والاجتماعية في بناء الإنسان تواجه صعوبة في الوقت الحاضر نتيجة تداخل الحلقات المؤثرة في تنمية البناء الإنساني خلال مراحل البناء من الطفولة إلى عمر الشباب ودخوله إلى المرحلة المنتجة والمساهمة في التكوين الأخلاقي للمجتمع من خلال تحمله المسؤولية في تكوين عائلة جديدة.
كانت المنظومة سابقا تعتمد على العائلة أولا وبعدها البيئة المحيطة (العائلة الكبيرة ,القبيلة, المحلة) والمدرسة.
إما ألان في زمن العولمة أضيفت حلقات تساهم في تربية وصناعة الإنسان مثل التلفاز والفضائيات والانترنيت ووسائل الاتصال الحديثة والمعلومات المتاحة ومجانيتها وهذا أولد نظرية جديدة في البناء الإنساني تسمى التربية المتبادلة وهي يساهم الأبناء في تغير النمطية السلوكية للإباء والإسلاف لتقارب وجهات النظر بين الزمن الماضي والوقت الحاضر والمستقبل.
إن بناء الإنسان ومنظومة بنائه التربوية والتعليمية بحاجة إلى مراجعة بصورة دائمية لتتماشى مع متطلبات المرحلة الآنية والمستقبلية من خلال تغير المناهج التعليمية وطرق التدريس والتعليم من خلال التزاوج بين القدرات البشرية للإباء والأمهات والمعلمين والمدرسين والتكنولوجيا المتاحة للمساعدة في تعزيز النمط السلوكي والصحي المطلوب.
إن البقاء على الطرق القديمة والمستهلكة في التعليم والتربية الأسرية مع ازدياد الأفق المعرفي للجيل الجديد يساهم في تعميق الهوة بين الجيل القديم والجديد ويجعل الجيل الجديد يعيش في غربة مع الواقع ويساهم في نشؤ أفكار غريبة عن المجتمع وتعتبر أفكار مستهجنة ومستنكرة من طريقة الملبس والتصرفات والميول وهذه الغربة الشكلية هي رسالة الجيل لرفض المفاهيم القديمة والتقليدية ترافقها غربة فكرية تساهم نشؤ جديد لا يتحمل المسؤولية وينتج خلل كبير في البناء الإنساني وفد تساهم ظروف طارئة على منظومة البناء الإنساني مثل الفقر والتهميش وتكفير والتطرف والعنصرية والأفكار الطائفية والحروب والإرهاب كلها تساهم في إنتاج جيل أنساني محطم يعيش في مخاض النفسية القلقة والغير مستقرة ومهيأة للعادات الضارة مثل التدخين والإدمان الكحولي وسؤ استخدام الأدوية المهيجة والمؤثرة عقليا ويكونون منجما خصبا للجريمة المنظمة والإرهاب مما يولد مجتمعات مفككة وهشة النسيج الاجتماعي مع غياب العدالة الاجتماعية وأنظمة الحكم الخادمة لشعوبها أو الملبية لمتطلباتها.
إن في العالم تجارب ناجعة وناجحة في التزاوج بين الحفاظ على الموروث الاجتماعي وتطوير مناهج البناء الإنساني في زمن تحديات العولمة وهي التجربة اليابانية والكورية مما ساهمت في تماسك المجتمع وبقائه مجتمعا منتجا ومتجددا يساير التطور الاممي بل يضعه في أوليات الدول البناءة والمنتجة للإنسان المثالي المنتج والملتزم بالنهج الوطني والمجتمعي.
وأيضا تعبر منظومة البناء الإنساني الأمريكي منظومة رائدة رغم ما تواجهه من تحديات لوجود أناس من أعراق وأجناس وميول وبيئات مختلفة ولكن لوجود علماء اجتماع وأخلاق يراجعون المناهج بصورة دائمية ومتجددة من خلال دراسات واستبيانات عملية تساهم في استكشاف نقاط الخلل في المنظومة التربوية والأخلاقية ورغم وجود إخفاقات كبيرة من خلال ما تطالعنا به وسائل الإعلام بين فترة وأخرى ولكنها بالقياس لما ما موجود في مجتمعاتنا المحلية والشرقية من قصص يندى لها الجبين رغم وجود منظومة دينية تساهم في البناء الإنساني ولكنها من خلال الصراعات الفقهية والطائفية أصبحت عائق أساسي بل محطم في البناء للإنسان مما افقدها وظيفتها الأولى التي أرادها الخالق والأنبياء والرسل وهي المساهمة في إنتاج امة تأمر وتعمل بالمعروف وتنهي وتستهجن وتتعالى عن العمل بالمنكر.
إن ألان يعيش المجتمع العراقي خصوصا والمجتمع العربي ومجتمعات ما يسمى بالدول النائمة تحديات كبيرة في بناء الإنسان تحتاج إلى وقفة صادقة وفعالة من الجميع ابتداء من رب الأسرة إلى المعلم والمثقف والإعلامي والمشرفين على المنظومة التربوية لإيجاد فلسفة تعليمية واضحة الأهداف والمعالم من خلال رسائل مجتمعية تلبي احتياجات الجيل وتتماشى مع التطور الحياتي وتتلاءم مع البيئة الاجتماعية المحلية والاستفادة من النقاط المضيئة الموجودة في الأعراف المجتمعي لإتمام مكارمها من اجل تعزيز نمط سلوكي تعليمي حياتي صحي اجتماعي يساهم في إيجاد نتاج أنساني يساهم في تعزيز المجتمع من خلال تداخل الحلقات المؤثرة من الأسرة والمدرسة والإعلام والمنظومة الدينية والثقافية في بيئة تحترم الإنسان وتلبي احتياجاته تحت يافطة كبيرة اسمها العدالة الاجتماعية الشاملة.
نعم إن التنمية المستدامة بحاجة إلى اذرع مهمة تساهم في تحقيقها وتطورها لان هدفها هو رفاهية الإنسان ويعتبر الإنسان نفسه هو احد الوسائل المهمة في تحقيقها من خلال الديمقراطية الحقيقة والقضاء العادل والقوانين الملبية لاحتياجات المجتمع وتنظم حريته وحركته والتعزيز العادل للثروات والواجبات بما يسمى العدالة الاجتماعية الشاملة التي هي المحرك الرئيسي للديمومة التنمية المستدامة .
إن إحدى وسائل البناء في المجتمعات لتحقيق المطالب من اجل خلق بيئة إنسانية خلاقة وبناءة هي المنظومة التشريعية وهذا ما يحدده الناخب من خلال اختياره العناصر الكفؤة والنزيهة والملتصقة بالمجتمع تعيش أهاءاته ومشاكله والتحديات التي تواجهه من اجل إيجاد تشريعات ووسائل رقابية حقيقة بعيدة عن المجاملات والإسقاطات الأخلاقية من اجل تعزيز منظومة البناء الإنساني.
إن الخطوة في العراق بعد تجربة لمدة عشرة سنوات هي إيجاد بناة حقيقي من خلال أصواتكم والصناديق التي تنتظركم لتقولوا كلمتكم الفصل في التقييم المرحلة الماضية وتعزيز الخيار الأمثل من اجل بناء عراق قادر على بناء إنسان عراقي منتج وفعال.
مقالات اخرى للكاتب