اصبح عصرنا موصوما ً بسلاح حقير لاإنساني ،يتكالب فيه بنو الأنسان لآيصال أكبر أذى الى أكبر عدد من بني الأنسان !
نقل التاريخ صور رهيبة عن قتل الأنسان للأنسان وعن تعذيبه وعن حرمانه من الضروريات كالماء والنوم والراحة والغذاء والهواء وهي أحيانا ً تبدو أقسى من الموت السريع ،ولكن هذه الصور نقلت للأنسان على انه في عصور قديمة خالية من التحضر والتمدن الذي يدعي أنه يعيشه اليوم .
غير ان الوقائع ،التي تظهرها بوضوح وسرعة فائقة مبتكرات الأنسان التكنلوجية العصرية ،تبرز بوضوح وحشية وهمجية إنسان عصرنا الذي يطلق على نفسه صفة التمدن زورا ً وكذبا ً وبهتاناً ،فهو يتلذذ بقتل أخيه الأنسان ويحتل أرضه ويطرده منها ويستولي على ممتلكاته وأن واجه صعوبة رغم ما أعد من تكنلوجيا القتل المتطورة ،فيتجه الى أعتى سلاح أستخدمه سلفه غير المتمدن ولكن بمستوى أقل مما يحصل اليوم ،ذلك هو سلاح الحصار !
الحصار سلاح تدمير شامل :
الحصار سلاح قمعي ينال الحاجات الاساسية للانسان فيؤدي بصحته وسعادته وثقافته وأنسانيته وحقه بالعيش بحياة كريمة، وليس هناك سلاح ينال من مجموع الشعب كهذا السلاح الملعون ،فمهما بالغنا في الوصف فاننا لن نصل الى المآسى والمحن التي واجهتها الشعوب التي تعرضت على مدى سنين طويلة لهذا السلاح المدمر ، والتي تدرك جيدا ً مدى التدمير الهائل للحصار الذي يعتبر بحق في طليعة اسلحة التدمير الشامل ،دون ان ينال منفذوه أي لوم او عقاب ،الهم إلا ّ عقاب السماء الذي لابد وانه سيأتي ولكن بعد حين ،والحصار ينال من الشعب بكامله ، بكل طبقاته ،بجميع فئاته ،انه ينال الجنين و الطفل والمرأة والشيخ والعاجز والمريض ،كما ينال من الأرض والمعدات والمنشآت والفعاليات المهمة للبلد والخدمات ، ولايمكن لقلم أن يوضح مأساة ومرارة وهمجية سلاح الحصار ،الذي يصنف بحق كأقسى سلاح اسـتخدمه الأنسـان عبر تاريخه وهو عـار ولطخة سـوداء في جبين مسـتخدميه .
من أشهر الدول المنفذة للحصار هي الدول التي تدعي اليوم التمدن والدفاع عن حقوق الأنسان وهي أمريكا وحلفائها الغربيون ،ومن أشهر الدول التي تعرضت لهذا السلاح اللاإنساني هي : العراق وكوبا وكوريا الشمالية والسودان والفلسطينيين وليبيا وسوريا وايران ،غير ان أخطر مؤشر الى انسياق هذه الدول الى حضيض لم تبلغه من قبل حيث بدأت تفرض حصار على احدى دول مجلس الأمن وهي روسيا .
ان تناحر الدول الدائمة في مجلس الأمن الدولي وفرضها الحصار الواحدة على الأخرى يعد مؤشرا ً كارثيا ً ويوضح حالة سلبية لأنساننا الحاضر ،فاذا كانت هذه هي اخلاق القائمين على أمن العالم فماذا نقول عن الآخرين ؟
ماذا نقول عن قطاع الطرق والقراصنة الذين لايملكون اي مستوى تعليمي او رادع عقائدي أو احتكاك بالعالم المتمدن ؟
مما لاشك فيه ان شريعة القوة والغاب هي التي تسود العالم ،على حساب شريعة العقل والمنطق ،مما قد يؤدي الى كوارث قد تعم عالمنا الأرضي بجملته لما عليه هذه الدول من قدرات تسليحية وتدميرية هائلة.
لماذا لايتحد المحاصرون :
ان اصطفاف الغربيون من وراء امريكا في هذا الأتجاه الباطل والذي يبتعد عن القيم والأعراف البشرية هو أمر عجيب ولو انهم ينشدون مصالحهم ولكن بطريق غير شريف ، ولكن العجيب ايضا ً هو لماذا لاتتحد هذه الدول التي تتعرض للحصار والتي من المتوقع ان تتعرض له ،مع بعضها لمواجهة الأثار الكارثية التي يتعرضون لها ،لماذا لاتوجد قوانين خاصة بها ، وعلاقات تخصها لوحدها وهي تملك فرض حضورها ووجودها الدولي خصوصا ً بوجود روسيا وايران وكوريا الشمالية .
ان طريق الشر لايمكن ان يستمر سالكيه بالربح الى النهاية ، وحتما ً ان لآلاف الضحايا والمتضررين دعوات مستجابة في السماء ،وحبل الظلم قصير
مقالات اخرى للكاتب