لا يعتمد المحللون الاستراتيجيون والعسكريون وواضعوا السياسات الخارجية على مبدأ (1+1=2) كونها أقرب الاحتماليات للواقعية في كل العلوم، والأقل حظا في نجاحها سياسيا على وجه التحديد، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تحديد السياسات الخارجية وحصرها باحتمال واحد يسهل على الآخرين فهمه أو كشفه، تلك ستكون سذاجة سياسية بالتأكيد!
في العادة عندما يحلل استراتيجيو الدول مواقف ما أو دراسة قرارات سياسية لدولة ما فإنهم يضعون في حسبانهم عدد من الإحتمالات التي تقترب بعضها مع الواقع بينما تبتعد أخرى لتدخل في منظور اللامنطق، وفي كثير من الاحيان يثبت اللامنطق وجوده بين الاحتمالات المنطقية الأخرى.
إن الحديث عن أتفاق (وليس توافق) متكامل الأركان بين أمريكا وإيران في العراق يقترب كثيرا من مبدأ 1+1=2 ، ويضعنا أمام الكثير من علامات الاستفهام حول بساطة تحليل مثل هذه القضية المهمة والخطيرة! فلم تجري الامور في السياسة يوما بهذا الوضوح، حتى في ظل الكشف عن الكثير من الخطط والأهداف، في وقت من المفترض أن يكون هناك هامشا كبيرا من الخطط السرية التي تجري في خلف الكواليس وفي المكاتب المغلقة والتي يشرف عليها خبراء في علوم الاستخبارات ودهاقنة المخططات والاعيبها الجهنمية.
إننا اليوم أمام مخطط ربما يبدو بسيطا وسهل التحليل أو التفسير!! لكنه من نوع السهل الممتنع! وهذا راجع إلى توافق أهداف الدول جميعها في ساحة محصورة، وهذا طبيعي جدا! لكنه في الواقع صراع قديم وسباق محموم للسيطرة على المنطقة المهمة جغرافيا وثرواتيا!! وذلك بهدف تحقيق منفعة استراتيجية لتلك الدول في إطار محاولتها إعادة تشكيل المنطقة جيو سياسيا.
في هذه المرحلة أستخدم كبار المتحكمين في السياسة الدولية مفهوما جديدا يُعرف بحروب الجيل الرابع! أو الحروب بالوكالة! وهذا ببساطة ما يحدث في العراق وغيره، فالأطراف المتورطة تقاتل اليوم من اجل أهداف واضحة منها طائفية وأخرى إقليمية، وهم يعلمون أو لا يعلمون بانهم مجرد أدوات بيد مخططي هذه الحرب عن بعد، وهنا يقع كثيرون بخطا صياغة وتحديد نوع هذه الحرب، أو الفوضى بتسمية أدق! مما يضيع كثيرين في تبرير العلاقة بين أن تكون حرب من أجل أهداف متقاربة أو توافقية أو متفق عليها، وبين حرب يتحكم بخيوطها طرف واحد أو طرفين.
يشذ عن تلك القاعدة أو هذا المفهوم فقط من يقاتل من أجل تحرير بلده، أولائك فقط لهم الحق في حمل السلاح والقتال دون القلق من مخططات الأعداء، ومن حقهم استخدام كل الأسلحة المتاحة! استراتيجيا وعسكريا وسياسيا، فهم اصحاب الارض، وهم من يقرر مصيرها، بغض النظر عن التوافق والاتفاق مع مخططات الاعداء.
مقالات اخرى للكاتب