منذ عقود ودول الغرب تعمل جاهدة لأخراج العراق وأقطار عربية أخرى من دائرة التوازنات العسكرية الستراتيجية في الشرق الأوسط. لتأمين سلامة إسرائيل رغم تجاوزاتها المستمرة على العرب, و كونها الدولةالأستعمارية الوحيدة في العالم التي تمثل الأستعمار الكولنيالي, وتحتل أراضٍ عربية, خلافاً لقرارات المجتمع الدولي التي تقضي بإنسحابها الى ما قبل 5حزيران عام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين لأراضيهم ووطنهم. فخططت دول الغرب لزج العراق بحروب إقليمية لأضعاف قواه العسكرية والأقتصادية وتعطيل مسيرته التنموية, ومن ثم فرض عقوبات أممية عليه, ووضعه تحت طائلة البند السابع لمجلس الأمن الولي. وكان لدول الخليج دور كبير بالحرب العراقية الأيرانية بعد أن زال حكم الشاه المرتبط بسياسات الغرب وأميركا المساندة لأسرائيل بلا حدود.
وما قرارات غزو العراق وإحتلاله عسكرياً وحل جيشه إلا جزء من هذه الجهود التي تقضي بإخراج العراق من دائرة التوازنات العسكرية لأنه كان من أكبر الجيوش العربية وأقواها.وعقيدته إسلامية قومية,وله مواقف و أدوار مشرفة معروفة.
تم للغرب ما أراد وحُلَّ الجيش العراقي والأجهزة الأمنية بأمر من الحاكم المدني للأحتلال الأمريكي بول بريمر, لينزلق العراق الى تدهور أمني وفتنة بين طوائفه ومكوناته .وقاد هذا الى ضعف العراق حكومة وشعباً.وما العملية السياسية العليلة التي فرضت على العراق إلا تمهيداً لقيام إمارات الطوائف في العراق.بعد أن خاض سياسيوه الذين جاءوا مع الأحتلال صراعاً أعمى على المغانم والمكاسب دون ورع أو أخذٍ لمصلحة الشعب والوطن بعين الأعتباروالحسبان .فإنغمس العراق بمخاطر شهدتها البلاد وأزمات عصفت به قد تؤدي الى ضياعه أو تلاشيه.وقد بشر بايدن نائب الرئيس الأمريكي بفكرة التقسيم, و طرح مشروعاً لتقسيم العراق لثلاثة أقاليم إقليم سني وآخر شيعي وثالث كردي.ووجد هذا المشروع آذاناً صاغية من بعض السياسيين.فليس ما يجري في العراق دموقراطية ولا وجود لدولة مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة. فالبرلمان معطل نتيجة الصراعات السياسية ذات الخلفية الطائفية والعرقية.فليس الشعب هو الحاكم ولا وجود لممثلين حقيقين للشعب, بعد أن كانت مجالس النواب المتعاقبة ليست سوى ممثلين لطوائف وكتل مسيسة قبضت على السلطة, بعد تزييف أرادة الناخبين مستغلة سوء قانون الأنتخابات وعدم أهليته لفرز نواب حقيقين للشعب.وكذلك فقد كان الدستور عامل هام لتمزيق العراق, لا وحدته .لأنه كُتب بصيغ وبنود مفجرة للأزمات .وفقرات غامضة متعددة التفسيروالتأويل, وفق المصالح الكتلوية, وليس وفق مصالح الشعب.إن ما في الساحة السياسية. وواقع العراق اليوم هو ليس دولة عراقية موحدة دموقراطية, بل دول طوائف وأمراء حرب و طوائف.فلقد زج السياسيون القابضون على السلطة والممسكون بخيوطها ببلادهم في مستنقع الإرهاب والخراب والفساد و متاهةٍ وظلام.فالأزمات في بلادنا متصاعدة تتمحور في مطالب عرقية أو طائفية.فأخوتنا الكرد يضغطون بكل الوسائل لأبتزاز بقية مكونات الشعب العراقي للحصول على مكاسب أكبر, مستغلة التشرذم الطائفي للعنصر العربي. إن مؤامرة تفكيك العراق تجري وفق برنامج وتخطيط ذكي, ومؤامرة رهيبة. ينفذها سياسيون تآمروا على الشعب. وعلىه أن يتلمس طريقه للخروج منها. فهيَّ مسؤوليته ومسؤولية قواه الوطنية الديموقراطية الليبرالية.و على الشعب إنتزاع قراره وسيادته من فكي القوى الظلامية, بعد أن تأكد له إنها لا تسعى إلا لمصالحها الضيقة المريضة.
ومخطط التفتيت والتقسيم سيُنَفذ في سوريا أيضاً, كما نُفذ في السودان وسيشمل كل الدول العربية وبخاصة دول الطوق . و الحبل على الجرار وعلى قدم وساق والبركة بالقوى الداعمة له بالمليارات والتدريب والسلاح لتمزيق هذه الأمة .
لكي تحتل الشعوب موقعها اللائق بين الأمم عليها الإلتحاق بالمعسكر الليبرالي العالمي ,معسكر الحداثة ودول مؤسسات المجتمع المدني, القائم على حرية الفكر والديموقراطية الحقيقية التي تعني حكم الشعب لنفسه ,لا حكم زمر وتكتلات نفعية وصولية ,مرتبطة بأجندات دولية أو إقليمية,وتصحيح العملية السياسية وتغيير زعاماتها الفاشلة غير المؤهلة. التي لا تجيد إلا التمحور والتخندق من أجل مكاسب مادية أو طائفية أو عنصرية, بعيدة كل البعد عن كل ما هو وطني.ولا بد من التذكير إن إستمرار الحال على ما هو عليه, وحالة الأستنفار الطائفي والعرقي الكبيرة التي أوصلتنا لها هذه الكتل,ستؤدي لأنفجار كبير مدمر. فإن أي شرارة ستحرق الأخضر واليابس وستكون النتيجة تهديم المعبد على من فيه.وهذا ما يأمله أعداء العراق والعرب , ويسعون إليه.