كل يوم المشهد يتكرر , مفردات متناثرة عند تجميعها تتضح صورة مأساوية من مهضومي الحقوق والرعاية ممن يقعون تحت خط الفقر , وربما يكونوا ابشع صورة للظلم والفقر نفسه على الرغم من ماقدموه من خدمة جليلة وجهود متواصلة وتضحية وفناء لسنوات العمر .
ــــ مجددا تستغيث عوائل المدرسين المتوفين والمتقاعدين في اعدادية العزيزية المهنية من ظلم الجلادين وقسوتهم واجحاف القضاء لهم واغفال محافظ واسط ومجلس المحافظة لقضية احالة بعض المدرسين المتوفين والمتقاعدين في اعدادية العزيزية المهنية الى المحاكم بسبب سكنهم في غرف ( اسطبل ) لتربية العجول يقع على ارض متروكة تسكنها العقارب والافاعي تابعة للاعدادية وبموافقات رسمية سابقة بسبب ازمة السكن الخانقة والظروف المادية الصعبة التي تعيشها تلك الشريحة قبل عقدين من الزمن , الحال الذي اضطر هؤلاء المدرسين لاتخاذ الاسطبل سكنا لعوائلهم ليسترهم دون مطامع اخرى .. وقد فوجئت عوائل المدرسين بابلاغهم بترك تلك الغرف ( الاسطبلية ) بأمر قضائي وفعلا تم اخلائها قبل ثلاث سنوات وتشريد العوائل التي لاحول لها ولاقوة فلا ذنب لها سوى انها سكنت غرفا تابعة لاسطبل خاص بتربية العجول ..
هذه القضية التي اخذت نصيبها من التعتيم الاعلامي والتكتم الوزاري الشديد عليها في واسط شكلت انتكاسة كبيرة ويوما اسود في تاريخ التعليم في العراق واجحافا انسانيا وقضائيا كبيرا , لبروز المخالفات والمغالطات التي قد اغفل عنها القضاء العراقي , لاسيما وان المساكن الاسطبلية قد اخليت قبل اقامة الدعوى القضائية بثلاثة سنوات والغريب في الامر تم اسكان مجموعة جديدة من المدرسين الجدد من اقارب ومعارف واصدقاء مدير الاعدادية بعد اخلائها من عوائل المدرسين المتوفين السابقين ومازال هذا الاسطبل قائما بساكنيه بكل مخالفاته ومغالطاته .. تلك المغالطات بحاجة الى تفسير !!
وان قضية اسطبل العجول لم تكن هي القضية الاولى التي اثارت ذهول المواطنين وقد لاتكون الاخيرة كقضية رأي عام تدخلت فيها المتظمات الدولية والعالمية انما هناك قضايا اكبر بكثير لم تطفو على السطح بعد , ومن المؤكد ان القضاء العراقي معروف بعدالته , لكن ماحصل في اعدادية العزيزية المهنية كان موضع للريبة والشبهات التي ادارت كفتها مجموعة من السماسرة من العاملين في تربية واسط وفقا لمبدأ ( فيد واستفيد ,, وهات .. خذ ) وهذا مالاينسجم مع نزاهة القضاء العراقي العادل وبما لاينسجم مع بديهيات القانون ايضا , والا بماذا نفسر بأن تقام دعاوى قضائية ضد مجموعة من المدرسين المتوفين والمتقاعدين واصدار احكام قضائية صادرة من المحاكم بحقهم ومنها بالحبس لمدة سنة واحدة لمدرس متقاعد مع المطالبة بدفع تعويضات مادية بسبب الاضرار على ضوء معلومات غير دقيقة وبوثائق مزورة فبركها مجموعة من المقربين لمدير الاعدادية , علما ان المساكن قد اخليت منذ سنوات مثلما ذكرت ناهيك عن ارتكاب مخالفة اخرى هي اسكان مدرسين جدد بنفس الاسطبل مثلما ذكرنا .
وما يثير الدهشة ان الاهالي فوجئوا بمطالبة المدير بالتعويضات المادية الخيالية او الزج بهم في السجون وهذا ما أكدته التبليغات الصادرة من المحاكم لابنائهم ونسائهم .فكانت هذه الجريمة البشعة صدمة مؤلمة وسابقة خطيرة لم يشهدها التعليم من قبل ولا القضاء العراقي بأن تحال مجموعة من المتوفين الى قفص الاتهام واصدار اوامر قبض بحقهم ومطالبتهم بالتعويضات !!
ومع غموض الاسباب والدوافع لهذه القضية فأن الاستهداف بات يشكل لغزا محيرا لابناء العزيزية عامة والتربويين خاصة لاسيما وان هناك من يعزو تلك الدوافع لاسباب ( طائفية ) مازال يضرب على وترها مدير اعدادية العزيزية المهنية , مع كل هذا ووزارة التربية مازالت تغط بنوم عميق وقوانينها تنتحر الواحد تلو الاخر كما تنتحر البغال في شمال العراق حيث اكتفت بتشكيل لجنة (عقيمة ) لا تحل .. ولا تربط , في حين اشعلت لهيب هذه القضية مساحات واسعة لمنظمات دولية وعالمية ومنها الامم المتحدة التي دخلت على خط الازمة وفاتحت وزارة التربية لتوضيح موقفها من هذا الجانب الانساني بشكل رسمي واعادة التحري عن الدوافع والاسباب .. لكن في الضفة الاخرى نشاهد النزاهة تقف وسط الشط !!
وامام هذه الجريمة البشعة التي خطط اليها مدير الاعدادية ونفذتها بعض الايادي القذرة لابد لكل الشرفاء ان يهبوا للدفاع عن جثث وكرامة المدرسين المتوفين والمتقاعدين التي تنهشها ذئاب تربوية مفترسة .. فبدلا من ان يقام لهؤلاء
المدرسين الذين افنوا سنوات عمرهم في تربية الاجيال وتقديمهم الجهود المضنية لخدمة المجتمع راح هذا النفر المتثمل بمدير الاعدادية ومن ساندة لضرب القيم والاعراف والقوانين عرض الحائط ليهدر كرامتهم وسمعتهم ويسوقهم الى بلاط القضاء ومطاردة عوائلهم .
وما انتهي اليه بالقول .. حقا انه لأمر عجيب ان ينتصر القضاء لـ ( اسطبل ) العجول ويهمل شكوى البشر !!
مقالات اخرى للكاتب