انتهت انتخابات مجالس المحافظات وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية والتي أظهرت تغيير كبير في خارطة التوازنات السياسية في العراق بعد ان سحبت بساط الأغلبية من دولة القانون وسكبت صافي لباب النشوة والفوز في كاسي ائتلاف المواطن وتيار الأحرار وبنسب متفاوتة وتركت دولة القانون في المركز الأول دون أغلبية ووسط حالة من الذهول والتكالب على المناصب والاستحقاقات مع حلفائه لان الانتخابات جاءت بما لم يريده المالكي. هذه النتائج حتمت على المالكي الرجوع الى شركائه ومنافسيه وأجبرته على التخلي عن فكرت حكومة الأغلبية التي عول عليها وجاهر بها كثيرا قبل إجراء الانتخابات وارادها رسالة يصل مداها الى حدود نتائج الانتخابات النيابية التي من المقرر ان تجري مطلع العام المقبل الا ان منطوق الرسالة اصاب المالكي بخيبة امل في الحسابات الواقعية الا ان منهج الغرور والتعالي بقي ملازما للغة المالكي ورجالات دولة القانون. ومعلوم ان المالكي وائتلافه كان قد وقع على وثيقة واتفاقية تنظم طبيعة العلاقة بينه وبين أئتلاف المواطن في مرحلة الانتخابات وما بعدها وصولا الى الدخول في تحالف بعد انتهاء الانتخابات من اجل المضي قدما في تشكيل مجالس المحافظات بين الطرفين مع اختلاف في رؤية الادارة لان المالكي وحزبه يريدونها اغلبية وهي رؤية مخالفة لرؤية المجلس الاعلى الذي اصر على ان يكون عنوان المرحلة المقبلة لمجالس المحافظات الخدمية هو الشراكة للجميع وقد نجحوا وثبتوا هذا المبدأ. الاخبار والتسريبات تقول ان المالكي اراد تهميش التيار الصدري الا ان رفض المجلس الاعلى لهذا المبدأ اجبره على التعامل بطريقة اخرى ليس هذا فقط بل ان الدعاة وخاصة اتباع المالكي لا زالوا يتصرفون بتعال وعجرفة وبطريقة توزيع المغانم والحصص دون الالتفات الى البرنامج الانتخابي والى ما افرزته الانتخابات من استحقاقات تحتم على المالكي ومن معه القبول بالواقع وتصديقه وترك الوهم والخيال والدخول في تحالفات حقيقية وعدم التمدد على حقوق الاخرين. المجلس الاعلى اكبر الفائزين اوصل رسالة الى المالكي ومن يقف الى جانبه مفادها ان تضحيات ام الولد قد انتهى وقتها وان المجلس الاعلى ليس تابعا لاي طرف ولن يسمح لان يتصرف الاخرين بهذه الطريقة وان عدم التزام الطرف الاخر بالعهود والمواثيق سيجعله اكبر الخاسرين لان المجلس الاعلى يعرف ماذا يريد وما هي طبيعة منافسيه وكيف يفكرون فكان ان استعد لهذه المرحلة بطريقة أذهلت وستذهل السيد المالكي ومن معه اذا ما اراد خرق الاتفاق واللعب على المخفي. من الواضح ان الحظ والواقع يقفان الى جانب أئتلاف المواطن والمجلس الاعلى اكثر من اي وقت مضى ولهذا فان اي محاولة من المالكي وحزبه تهميش او تجاهل استحقاقات المرحلة لن تصب في خدمة المالكي وستجعله يخسر الكثير لانه وقع هذه المرة بين واقعية المجلس الاعلى وقوته وبين كماشة الاحرار الذين يبادلونه نفس المشاعر وهي الرغبة في اقصائه وتهميشه. لن يكون بامكان المالكي ان يحلق بعيدا هذه المرة بعد ان خانته اجنحة الاغلبية وبات لزاما عليه ان يتوافق مع أئتلاف المواطن وتيار الاحرار للتحليق معا في سماء محافظاتنا الغالية وتقديم الخدمات وفق برنامج انتخابي اساسه مبادرات أئتلاف المواطن وكفاءة التنفيذيين.
مقالات اخرى للكاتب