سلكت عقيلة الطالبيين زينب الكبرى سلام الله عليها عين طريق ذات الشوكة الذي سلكته من قبلها أمها سيدة نساء العالمين العالمة الفاضلة المجاهدة فاطمة الزهراء عليها السلام بنت رسول رحمة رب العالمين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في التصدي للظلم والانحراف والتزوير والجاهلية والاستبداد والاجرام؛ واعادة الكرة ذاتها بوقفها في مجلس الطاغية "يزيد" حفيد "هند" آكلة الاكباء خاطبة أذلته وأذلت من حوله دفاعاً عن الاسلام المحمدي الاصيل والدماء الطاهرة التي سالت على أرض الطف بكربلاء يوم عاشوراء لارواء شجرة الاسلام الفتية، كما فعلت من قبلها أم أبيها عندما وقفت صادحة تخطب بحشود المسلمين في مسجد والدها الرسول الاكرم (ص) دفاعاً عن حق الخلافة ونحلة فدك التي غصبوها دون تريث أو خوف فهن ربائب بيت الوحي والرسالة والنبوة .
وأعادة زينب الكبرى (س) للحاضرين بخطبتيها في مجلسي الكوفة أمام المجرم السفاح "أبن زياد" والشام أمام الطاغية الدموي "يزيد"، أعادة للذاكرة وقوف والدتها المتعلمة غير المعلمة في مجلس الأول بالمدينة شامخة مرفوعة الرأس قوية شجاعة مؤمنة بما للكلمة من معانٍ دفاعاً عن الحق والحقيقة ووصية والدها رسول المحبة والمودة وانقاذ البشرية محمد الأمين (ص) وخطبتها التي أبكت الحاضرين حتى ذوي القلوب القاسية عندما ذكرتهم بما فرض الله سبحانه وتعالى عليهم باحترام وإكرام أهل بيت النبوة والامامة الاطهار عليهم السلام .
بوقف حاملة لواء ثورة الطف العقيلة زينب بنت الامام علي أمير المؤمنين عليهما السلام وخطابتها الشجاعة أمام مجلس الدعي أبن الدعي "يزيد" وحاكمه على الكوفة "أبن زياد"، أضحت جبل الصبر مناراً للعز والكرامة والتضحية والإباء وشمعة وضاءة في طريق الاحرار والمجاهدين والثوار الطالبين للحق والحقيقة ورافضي الذل والعبودية والاستحمار والركوع لغير الله سبحانه وتعالى خاصة في وسط نساء المسلمين وغير المسلمين وصارت مدرسة تنتهجها حرائرنا الاباة هنا وهناك جنباً الى جنب أوتهم وأبنائهم وآبائهم دون خوف أو أكتراث من التعرض للاعتقال أو التعذيب أو الاغتيال أو القتل .
فانتهج الحرائر في كل مكان النهج الزينبي في التصدي لظلم وطغيان واستبداد السلطات الحاكمة دفاعاً عن الاسلام والمسلمين وحقوق الأمة وعقائدها فكانت الشهيدة الفاضلة "بنت الهدى" في العراق على زمن الطاغية المعدوم "صدام" وآلاف حرائر الشعب الايراني خلال ثماني سنوات من الدفاع المقدس ضد حرب الاجرام الصدامية، فيما اليوم هناك المئات من حرائر الشعب البحريني المظلوم يقبعن في معتقلات وزنزانات آل خليفة المخوفة وآلاف اخريات يسقطن مضرجات بدمائهن في البحرين واليمن والعراق ولبنان وسوريا ومصر وباكستان وافغانستان والهند وغيرها بنار ورصاص الحقد الطائفي التكفيري البغيض الذي يدعمه بترودولار السعودية وأخواتها عودة منها لعهد الجاهلية والقبلية والظلمة والكفر والالحاد تحت يافطة فتاوى العهر السلطاني .
وأضحت كلمات زينب الكبرى (س) مخاطبة "يزيد".. " ثُمّ كانَ عاقبةَ الذينَ أساؤوا السُّوأى أنْ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ وكانُوا بها يَستهزِئُون . أظنَنْتَ يا يزيد حيث أخَذتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبَحنا نُساق كما تُساق الأُسارى، أنّ بنا على الله هَواناً وبك عليه كرامة ؟!.. أنَسِيتَ قول الله تعالى: ولا يَحسَبنَّ الذين كفروا أنّما نُملي لَهُم خيرٌ لأنفسِهِم، إنّما نُملي لَهُم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين ؟!.. وتهتف بأشياخك زعمتَ أنّك تناديهم، فَلَتَرِدَنّ وَشيكاً مَورِدَهم، ولَتَوَدّنّ أنّك شُلِلتَ وبُكِمتَ ولم يكن قلتَ ما قلتَ وفَعَلتَ ما فعلت؛ مناراً ودرساً لكل حرائرنا يخاطبن بها الطغاة والفاسدين والمنافقين دون أكتراث مخاطبات نفس خطاب عقيلة الطالبيين بقولها " حَسْبُك بالله حاكماً، وبمحمّدٍ خَصيماً، وبجبرئيل ظَهيراً، وسيعلم مَن سوّى لك ومكّنك من رقاب المسلمين (أي أبوك معاوية) بئس للظالمين بدلاً! وأيُّكم شرٌّ مكاناً وأضعَفُ جُنْداً! ولئن جَرَّت علَيّ الدواهي مُخاطبتَك، إنّي لأستصغرُ قَدْرَك، وأستَعظمُ تَقريعك، واستكبر توبيخك!! لكنّ العيون عَبْرى، والصدور حَرّى.. فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَاللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها ( أي لا تغسله )، وهل رأيُك إلاّ فَنَد، وأيّامك إلاّ عَدَد، وجمعك إلاّ بَدَد!! يوم ينادي المنادي: ألاَ لَعنةُ اللهِ علَى الظالمين ! .
مقالات اخرى للكاتب