لو نقرأ التاريخ ونقلب صفحاته نجد دولا تقدمت وأخرى ضمرت والفرق بين الصنفين هو مدى احترام القانون ، فالدول التي تقدمت وعظم شأنها تجد فيها القانون متسيدا ويحترمه الجميع بينما الدول التي ضمرت وتلاشت تجد القانون فيها ضعيفا ولم يحترم ، وهذا يعني بقاء الدول وتقدمها يرتبط بمدى احترامها لقيم وقوانين الدولة
كثيرة هي الدول التي تلاشت عبر التاريخ وخير مثال تلك الدول التي صارت في خبر كان في السنوات الأخيرة من القرن الماضي كدول الاتحاد السوفيتي واليوغسلافي ودول أوربا الشرقية ، بالمقابل هناك دول فرضت نفسها بين باقي الدول وعظم شأنها بقوة قانونها الذي لا يفرق بين رئيس ومرؤوس أو بين هذا وذاك مهما تكون مكانتهم ، فمثلا نجد رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود أولمت حكم بالسجن ست سنوات لأنه أخذ رشوة قيمــتها 200 ألف دولار ، رئيس وزراء ايطاليا بيرلسكوني حكم بتنظيف دور المسنين حتى حماماتهم بدلا عن السجن لكبر سنه بسبب تهربه من دفع الضرائب في بريطانيا وزير دفاعها السابق قدم استقالته وهو لم يخالف القانون ولكن كان سبب استقالته بسبب صديقه الذي ادعى بأنه مستشار لوزير الدفاع من أجل أن يحصل على صفقة ، وزير الدفاع الألماني الأسبق الذي قدم استقالته بعد أن كاد يكون بديلا عن ميركل إذ عند تسميته وزيرا كشف الإعلام بأنه عندما كان طالبا اقتبس من آخرين في رسالته للدكتوراه ولم يشر إليهم وهذا يعتبر سرقة جهود آخرين ، وزير الأمن العام السابق الصيني تشو يونج كانج حكم بالسجن مدى الحياة لإدانته بالحصول على رشا واستغلال السلطة ، وزير الزراعة المصري السابق صلاح هلال ومدير مكتبه محيي الدين سعيد حكما بالسجن عشر سنوات، بعد أن أدانتهما بتلقي رشوة من رجل أعمال لتسهيل استيلاءه على أراض مملوكة للدولة. وزير الشؤون الدينية الباكستاني السابق، وزعيم حزب الشعب، حامد سعيد كاظمي. حكم بالسجن 12 على خلفية قضية فساد تتعلق بترتيبات الحج. كما قضت المحكمة 40 عامًا على الرئيس السابق لمديرية الحج في وزارة الشؤون الدينية الباكستانية، راو شاكيل. والحكم بالسجن 16 عامًا على وزير أسبق آخر لوزارة الشؤون الدينية وهو، أفتاب أحمد. لتورطهم في اختلاس مالي وفساد متعلق بترتيبات الحج
قوة القانون وصلابته وإحترامه وجعله قدوة في تلك البلدان التي لاحقت وحكمت على رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ووزراء في حكوماتها جعلت من مؤسساتها قدوة وظهرا قويا يستند عليه ، ومن يرأس قياداتها قدوة للآخرين
في العراق بلغ الفساد المالي والإداري أوج عظمته حتى بات يحتل المرتبة الرابعة عالميا من بين دول العالم الفاسدة ماليا وإداريا حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية
في العراق وزراء ومسؤولين يحملون أكثر من جنسية فسدوا وسرقوا وسافروا إلى دولهم
في العراق ملفات الفساد ركنت على الرفوف إلى أجل غير مسمى
العراق هذا البلد الجميل بلد الخيرات الذي كان في يوم ما قدوة لباقي الدول وتهابه كل الدول وتحسب له ألف حساب أصبح مرتعا للفاسدين ، ومؤسساته لا تهاب وكثرت السكاكين من حوله
وإن أردنا أن نعيد هيبته ومكانته بين الدول ونخشى عليه من أن يضرب في بطنه ، علينا بهيكلة مؤسساته وإعادة بنائها بدماء وطنية نقية وتطبيق القوانين بحزم على الجميع ودون استثناء . فهيبة البلد لا تأتي بقوة السلاح لوحده ما لم تكن فيه هيبة واحترام للقانون الظهر الساند للبلد .
مقالات اخرى للكاتب