لأسباب سياسية ما زالت السعودية مستمرة في إغراق السوق النفطية بالمزيد من المعروض النفطي، وهذا ما يؤدي حتما إلى مزيد من التدهور في سعره، وإلحاق الأذى في واحداً من أهم مصادر الطاقة، بعد أن رفعت المملكة إنتاجها من 9 مليون برميل إلى 12 مليون .
ومع أن الموقف السعودي الحالي هو ليس الأول في هذا المجال بل سبقته مواقف عدة، ولكن ضرره هذه المرة فاق التصور بل أمضى وأفتك، قياساً بأسعار المنتجات العالية للدول الصناعية المستوردة للنفط، فحققت هذه الدول نتيجة لهذا الهبوط ما يعادل ثلاثة تريليون دولار حتى الآن، بعد أن هبط سعر البرميل من 120 دولار إلى 40 دولار، وهو ما يعادل أنتاج النفط العربي لعشرات السنين .
لم تكتفي السعودية بذلك بل أنها تطرح بين الفينة والأخرى عروض بأسعار مخفضة لدول جنوب شرق آسيا، مع إدراكها أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لتحطيم الأسعار، بعد تجاوز الإنتاج النفطي الأمريكي 11 مليون برميل بفضل النفط الصخري .
أن هناك ثلاث دول تتحكم بالعرض العالمي للنفط وهي: اولاً- روسيا وهي من الدول غير المرتبطة بالأوبك وثانياً- الولايات المتحدة وثالثاً-السعودية وإذا كانت للدولتين الأوليتين أسببهما التي تبرر هذا الضخ لالتزاماتهما الدولية والصناعية وخصوصاً العسكرية منها، فأن السعودية لن تجد لذلك تبريرا، خاصة وأنها تقوم بخزن الأموال في البنوك الغربية حيث لن تسمح حكومات تلك البنوك بسحب الأموال إلا في حالة واحدة وهي:- تمويل العمليات الإرهابية أو:- للتآمر على الدول العربية أو أعضاء منظمة أوبك، حيث ترفض السعودية حتى الآن عقد مؤتمر لهذه المنظمة يعيد لسعر النفط بعضاً من عافيته العليلة .
أن الثمن الذي كسبته السعودية حتى الآن عن دورها السلبي في تدهور سوق الطاقة، هو غض النظر عن ممارساتها القبيحة ضد الشعب الأعزل في اليمن، رغم احتجاجات عشرات المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في مختلف دول العالم عن جرائم الحرب المرتكبة بحق الأطفال والنساء وآلاف المدنيين، وخصوصا منظمة هيومن رايتس ووتش، فأشفق غير العربي على الذين طالتهم جرائم العدوان، مع أننا نراى الدول المؤيدة للسعودية تتباكى بحرارة كاذبة وعند الطلب أو الرغبة بتمرير قضية معينة وخداع الإنسانية بحجة حقوق الإنسان ولحالات قد لا تُذكر أمام ما يعاني الشعب اليمني من صعاب .
أن هناك معضلة أخرى تواجه سوق النفط، وتبرز من موقف كلا من العراق، وإيران، وهما البلدان اللذان يحتاجان بشدة للعملة الصعبة، لمواجهة متطلبات التنمية في بلديهما، وكذلك تغطية النفقات العسكرية، حيث يطرق تهديد داعش الأبواب الإيرانية، في وقت يخوض هذا التنظيم الغامض من حيث النشأة، والتمويل، والتخطيط، حرباً طاحنة في العراق مما يفرض على الأخير زيادة في أنتاج نفطي خاسر، حسب المفاهيم الاقتصادية كي يبقى صامداً أمام تهديدات داعش ومن يصطف معها وبعد أن سرق الظالمون ثروة البلد .
أما بالنسبة لإيران فأنها أخذت تقلص من مبيعاتها النفطية بنسبة وصلت إلى 30%، وبدأت تطور من منتجاتها الزراعية والصناعية، للتقليل من ضرر الأزمة الاقتصادية، التي نتمنى أن لا تستمر طويلاً، ولكن يبقى التهديد في العراق قائماً قد يتحكم بوجوده وبمقوماته الوطنية .
فهل تتوقف السعودية عن الاستمرار في تنفيذ هذه المؤامرة، التي تصيب أرزاق الفقراء ومصيرهم، أم تستمر في غيها حتى تدمير ما ظل من نزر يسير من ماضي بلدان المنطقة التي كانت مشرقة ما ؟؟؟
وعلى السعودية أن تتذكر مصير مليارات الدولارات التي هربها صدام والقذافي للغرب، وكذلك تلك التي أودعها شاه إيران وغيره من طغاة الأمة هناك، وعليها أن لا تنسى أن لها أموالاً مرهونة في البنوك الغربية تربو على التريليون دولار يستحيل عليها سحبها من تلك البنوك .
مقالات اخرى للكاتب