في عام 1921 للهجرة النبوية، أرسل بطلبي المندوب السامي في العراق (السير برسي كوكس) بعد أيام قليلة من تأسيس الدولة العراقية، وعند قدومي إلى مقر الحكومة، وجدت ملك العراق المعين ف...... جالس إلى جانب المندوب السامي، وكثير من المصلحين، وبعد إلقائي التحية، أشير علي بالجلوس على كرسي محدد، وكان الكرسي مكتوب عليه (قائد قوات الفجل).
كانت المفاجئة كبيرة لي، فقد تناولوا ذكر تاريخي المظلم، وبعد سجال طويل مع المندوب السامي، والملك، تبين لي أن هذا الاجتماع لانتخاب قائد قوات (الفجل)، وأنا مرشح لهذا المنصب، وحين ذاك نهض احد المعارضين من أصحاب الضمير الحي، وكالَ لي التهم، وابتدأ بقوله: إن من ترومون تعيينه بهذا المنصب عليه عدة مآخذ أخلاقية، 1- انه عراقي، 2- غير طائفي، 3- مسلم أصيل ورسالي، 4- لا تأخذه بالله لومت لائم، 5- يحب العراقيين بكل أطيافهم، 6- سيتعامل مع العراقيين بالأخلاق وحسن الظن، وسينشر العدل والأمن في البلاد وهذا لا يصلح لقيادة (الفجل).
لقد كانت هذه التهم موجعة لي، فقد رماني هذا المصلح بتهم لا احسد عليها، وسوف تؤدي بي ومستقبلي إلى الجحيم، عندها حضرت المقبورة (مسز بيل)، فتشاورت على انفراد مع المندوب السامي والملك لوقت طويل، وعند عودتهما إلى مكانهما، أطرقا بوجهيهما إلى الأرض طويلا، وبعدها قررا أن أعين تحت التجربة حتى حين.
عينتُ واتخذتُ أسلوبي المكار وسيلة لي، فكان قراري الأول دون علم المصلحون أصحاب الفضيلة، سقي كل ورود العراق من شماله إلى جنوبه، من شرقه إلى غربه، كي ازرع الفضيلة البغضاء، والأخلاق الحسنة المكروهة التي لا يروم المصلحون أصحاب الضمير الحي نشرها في البلاد.
استمتعت لمدة طويلة دون أن يكتشف أمري، حتى جاء العام 1936 للهجرة النبوية، وبرز أحد المصلحين، واغتال وزيري، القائد العام، وعزلني من قيادة (الفجل)، ولكن لبرهة قصيرة، عدت بعدها إلى منصبي، وبدأتُ بالخيانة على عادتي، أو كما يقول البعض (ديدني).
بصراحة ولا أخفي عليكم وأنتم أبناء جلدتي، وخونةً مثلي، لقد أرقتني ثورة عام 1941للهجرة النبوية، واستيلائهم على دست الحكم، والسبب يحاولون السيطرة على مراكز المصلحين الذين غويتهم أخلاق النفاق البعيد، ولكن لم تطل الفترة وما برحت حتى عدت بسرعة فائقة، وتوليت مهامي الطبيعية، وانتشرت الأخلاق الحميدة المكروهة والزرع المثمر في بلدي، كما رافقها استقرار أمني بغيظ.
أخوتي الأعزاء في الشر:
اشرح لكم قصتي كي أتلقى منكم المساعدة والمساندة، ففي عام 1958 للهجرة النبوية، طردت من قبل المصلحين من عملي ووظيفتي، واستولى على منصبي الكثير من أصحاب الضمير الحي، الذين يريدون رفع شعار الإسلام الجديد – وكان لا يوجد إسلام من قبل - والمحاصة للعراق، فظهر قواد جدد توالت من أبناء طاهر يحيى، رئيس وزراء العراق السابق، مروراً بالبكر رئيس جمهورية العراق السابق، ومن ثم أولاد أولاد صدام حسين، وعقبها أولاد الرؤساء الجدد، من الذين يحمون العراق برجولتهم المخصية، وكأن لا يوجد في العراق رجال يذودون عن شرف نسائه وشيوخه وأطفاله، إلى أبناء الإماء، أعيدوني إلى عملي فأنا قائد (الفجل) العراقي الحقيقي والمفسد الأول في عراق الكرامة والعز.
مقالات اخرى للكاتب