شمر بن ذي الجوشن:
كتب الطبري في تاريخه انه شيعيا وانه مِن أشراف العرب، شهد صفين مع الإمام علي بن أبي طالب {ع} ولكنه انحاز إلى زياد بن أبيه،( ) ...
هذا الكاتب الطبري هو من تولى تشويه الثورة الحسينية , من خلال إلقاء جريمة قتل الحسين {ع} على الشيعة , وزج نفسه بكذبة ثقيلة حين اعتبر شمر بن ذي الجوشن شيعيا ..!!!! ليجعل الناس تصدق هذه الكذبة بعد أجيال .. وفعلا تحقق له مراده , رغم إن تاريخ الرجل معروف للقاصي والداني .. فمن جرائمه قبل واقعة كربلاء انه شهد على حجر بن عدي, كما يذكرها الطبري بنفسه وغيره من الكتاب ...( ) , ولكنه لم يكن ممن كتب للحسين {ع} ولو تنازلنا انه كتب أليه , فليس كل من كتب لشخص يريد مبايعته فهو من شيعته , ونحن نعرف ان للشيعة موقف عقائدي لا يحمله الشمر ولا أمثاله ,واليك بعضا مما كتب الطبري وابن الأثير , عن شمر اللعين الذي حز رأس الحسين {ع} وهل كان شيعيا كما يزعمون ...؟؟؟.
يقول الطبري :.. ( ) وكان من الذين كاتبوا الحسين ودعوه إلى الكوفة، ولكنّه سرعان ما انضم إلى جيش عبيد الله بن زياد عندما قدِم الكوفة، وكان معه في القصر يوم كانت حركة مسلم بن عقيل، وقام بمهمَّة تثبيط الناس عن الحركة .
يقول البلاذري في انساب الأشراف , في كلام له عن شمر بن ذي الجوشن ..( )..تطوّر موقفه بعد قدوم الحسين{ع} ، إذ كان (من الأشراف الذين شاركوا عبيد الله بن زياد في تصميم مسار المعركة) ، فهو الذي ساهم بحمل رسالة بن زياد إلى عمر بن سعد يوم التاسع من محرم , التي أستحثَّه بها التعجيل بقتل الحسين{ع} ... وكان ينافس بن سعد على قيادة الجيش، ويزاوده على طاعة بن زياد، وهذا يبين انتهازية الرجل .. وكانت مشاركته يوم عاشوراء أن أصبح قائدا على ميسرة بن سعد في الهجوم على معسكر الحسين صبيحة يوم العاشر ..( ).
كان سليط اللسان على الإمام، وهو الذي اقترح حرق بيت الحسين {ع} يوم العاشر .. وعُرِف عن الشمر بأنه من أشد المحرِّضين على إنهاء الحسين في الساعات الأخيرة من المعركة, ومن ثقتهم به, فقد أوفده عبيد الله بن زياد مع السبايا إلى يزيد بن معاوية في الشام ( ).
من أبرز صفات هذا الرجل هي (الانتهازية السياسيَّة) والجلادة والغلظة وكره آل علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقد وصفه زهير بن القين بـ (الجلف الجافي) لشدة حقده على الإمام {ع} وهو الذي يوصف بأنه الذي لا علم له بكتاب الله أو دين ( ) ..وستجد في الهامش ما يغنيك عن هذا الرجل وما يكشفه لنا كتاب التاريخ عن مواقفه واصله وعقيدته ...
شبث بن ربعي
لا يختلف تاريخ شبث بن ربعي عن تاريخ شمر وعمر بن سعد وأمثاله فكريا وعقائديا وموقفا , واليك ما كتبه الذهبي عنه مدافعا وملمعا صورته القبيحة , يقول :. شبث بن ربعي: من الأشراف المعروفين، وكان ممَّن خرج مع علي ( ) ... ورجع عنه ..!.
ويقول في مكان آخر :.. كان له دور متميِّز في القتال إلى جانب علي،{ ولم يذكر الذهبي دوره وبطولته في القتال , بل أطلق الكلمة بدون ذكر مواقف }وقال عنه كان صاحب لسان ضد معاوية بن أي سفيان( ) ـ وأحتجّ عليه بقتل عمّار بن ياسر( ولو صدق الذهبي في كلامه .. فان كلام شبث عن قتل عمار ليس موقفا عقائديا بل قولا عابرا لا يترتب عليه موقف ..!) .
ثم ينتقل الكلام عن بعض الحقائق التي نبحث عنها في هذا الكتاب ... فيقول الذهبي ..: كان شبث بن ربعي محل نظر معاوية في بداية الصلح،أي من المؤيدين للصلح .( النظر معناه نظَر بطرْفٍ خفيّ : غضّ معظمَ عيْنَيْه ونظر بباقيها من الخوف أو الاستحياء أو غيرهما.) ( ) معناه انه من رأس الخوارج والمنحرفين عن علي {ع} وكان يعمل ضده .. وقد أوصى معاوية زياد بن أبيه بأخذه، فكان يحضر الصلاة معه { وطوبى لمن يصلي مع ابن زياد .. ( ) ..
ثم تظهر حقيقة الرجل وعداءه لأهل البيت {ع} وشيعتهم , فيقول : ومن الذين شهدوا على حجر إضطراراً ..!! لم يبين الكاتب صفة الاضطرار .. بل الصحيح هو من المؤيدين لقتل شيعة علي {ع} وكان موقفه واضحا في الشهادة الكاذبة ضد حجر بن عدي الذي قتله معاوية ..يقول عنه الطبري :.. وقد كاتب الحسين بالقدوم إلى الكوفة،... لاحظ هنا .. وانضمَّ إلى بن زياد، وكان معه في قصر الإمارة، حيث كلَّفه بتخويف قومه من الانتصار لمسلم بن عقيل( ).. أي انه من القادة الذين وقفوا ضد ثورة الحسين {ع} من أول انطلاقها ..
ويستمر الكذب على هذا المنوال في الثورة الحسينية المباركة .. يروي صاحب الفتوح والأنساب أن شبث بن ربعي تمارض عندما أخذ عبيد الله بن زياد يبعث بالعساكر إلى حرب الحسين، هروباً من مسؤوليَّة التورط بهذه الجريمة، ولكن بن زياد أضطره لذلك وبعثه في ألف مقاتل ( ). وكان على الرجالة في جيش بن سعد كما ذكره الطبري ( )..
وقد ذكَّره الحسين {ع} ضمن الأسماء التي ذكرها بخطبته الأولى انه كاتبه ولكنه أنكر وغدر . يتبين انه منافق من طراز خاص , وانه يقول للحسين {ع} ويرد عليه بالنكران !( ) بمكاتبته , وورد عنه انه قال : عندما قُتل مسلم بن عوسجة خاطب جيش أبن زياد ( ثكلتكم أمهاتكم إنما تقتلون أنفسكم بأيديكم، وتذلُّون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يُقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والله لرُبَّ موقف له كريم , رأيته في المسلمين ، لقد رأيته يوم أذربيجان قتل ستة من المشركين قبل تلتئم ِّ خيول المسلمين، أيقتل منكم مثله وانتم تفرحون)( )...
هناك اتفاق بين المؤرخين , انه كان الين بموقفه من غيره , ولكن هذا لا يعني تشيعه , بل هو احد رموز العسكر وقياداته, وكذب من قال انه حاول أن يتهرَّب من دم الحسين {ع} واعني به ابن الأثير في الكامل ..( ) ولكنه ردع شمر بن ذي الجوشن لما دعا إلى حرق المخيمات والبيوت، قال له (ما رأيت مقالاً أسوء من قولك، ولا موقفاً أقبح من موقفك، أمُرعِباً للنساء صرت)( ) لكن هذا لا ينفي أبداً أن الرجل موسوم بالانتهازية السياسية، وكان ذا إحساس شديد بالنزعة الارستقراطية المتعالية وقلبه مملوء حقدا على علي بن أبي طالب وأولاده عليهم السلام..ومواقفه وتاريخه لا يدل يوما انه من شيعة علي {ع} ..
* ** عزرة بن قيس الاحمسي: هذا الرجل ممن كاتبوا الحسين {ع} أو بالأحرى الذين كتبوا إلى الحسين {ع} .. كلّفه عمر بن سعد بمحادثة الحسين{ع} عن سبب مجيئه فرفض استحياء لأنه كان قد كتب إليه بالمجيء , ولكنه تولَّى رماة الجيش وقيادة القوة الضاربة " وهذا المنصب مهم وتعتبر الخيالة والرماة القوة الضاربة ورأس الحربة في القتال ..وهو من الذين وفدوا بالرؤوس على عبيد الله بن زياد( )..فأين تشيعه , وأين عقيدته بالأئمة وهو يحمل رأس ريحانة رسول الله {ص} وماذا أبقى لأعداء علي {ع} أن يفعلوه بابناءه يوم عاشوراء ..؟.
روى الطبري قال : فبعث عمر بن سعد إلى الحسين {ع} عزره بن قيس الأحسمي ، فقال : أئته فسَله ما الذي جاء به ؟ و ماذا يريد ؟ وكان عزره ممّن كتبَ إلى الحسين{ع} , فاستحيا منه أن يأتيه ، قال : فعرَض ذلك على الرؤساء الذين كاتبوه ، فكلّهم أبى و كرهه( ) .
وهناك رواية للطبري تبين شدة البعد والعداوة بين الخط الحسيني والخط الأموي الذي ينتمي له عزره وأفراد الجيش الكوفي .. قال الطبري :.. فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين : كلِّم القوم إن شئتَ ، و إن شئتَ كلّمتُهم . فقال له زهير : أنت بدأت بهذا ، فكن أنت تكلّمهم . فقال له حبيب بن مظاهر : أمَا والله ، لبئس القوم عند الله غداً قوم يقْدِمون عليه قد قتلوا ذرّية نبيّه (عليه السّلام) و عترته و أهل بيته ، و عُباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار والذاكرين الله كثيراً !
فقال له عزرة بن قيس : إنّك لتزكّي نفسك ما استطعت . فقال له زهير : أي رادا عليه ومعاونا لحبيب بن مظاهر , يا عزرة , إنّ الله قد زكّاها وهداها ، فاتّق الله يا عزرة فإنّي لك من الناصحين . أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضلال على قتل النفوس الزكية . { هنا يكذب الطبري كعادته ليجعل من هذا الحوار انه الشيعة هم المتخاذلون وغيرهم ممن نصر الحسين – فلاحظ } ....
قال : يا زهير , ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت , إنّما كنت عثمانياً .( ).. ربما كان زهير غير معلن تشيعه ولم يعرفه عزره والطبري وابن سعد ..وهذا احتمال وارد .!!
قال زهير : أفلست تستدل بموقفي هذا أنّي منهم ! أمَا والله ما كتبت إليه كتاباً قط ، ولا أرسلت إليه رسولاً قط ، ولا و عدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني و بينه ، فلمَّا رأيته ذكرت به رسول الله {ص} و مكانه منه ، و عرفت ما يقدِم عليه من عدوّه و حزبكم , فرأيت أن أنصره {وأن أكون في حزبه }" والتشيع عقيدة وليس حزب , ولكنها الفترة التي صورت التشيع حزبا وليس موالاة لعلي{ع} عقيدة ..!!" ثم يكمل قوله : و أن أجعل نفسي دون نفسه ؛ حفظاً لمّا ضيّعتم من حقِّ الله و حقِّ رسوله{ص}..
ويستمر الطبري بإظهار حقيقة هذا القائد الأموي مظهرا بطولاته .قال : و قاتلهم أصحاب الحسين {ع} قتالاً شديداً ، و أخذت خيلهم تحمل ، و إنّما هُم اثنان و ثلاثون فارساً ، و أخذت لا تحمل على جانب من خيل أهل الكوفة إلاّ كشفته ، فلمَّا رأى ذلك عزرة بن قيس ـ و هو على خيل أهل الكوفة ـ أنّ خيله تنكشف من كلِّ جانب بعث إلى عمر بن سعد ، رجلا اسمه عبد الرحمن بن حصن ، فقال : أما ترى ما تلقى خيلي مذ اليوم من هذه العدّة اليسيرة ؟! ابعث إليهم الرجال والرماة( ) . ألف شكر للطبري الذي بين لنا حقيقة , انه كذب على التاريخ ,حين جعل قتلة الحسين {ع} شيعة علي بن أبي طالب {ع} ولكن حبل الكذب قصير ... أليس كذلك .؟.
*** عبد الله بن زهير بن سليم الازدي: روى الطبري, أنّه كان على ربع أهل المدينة في جيش بن سعد( ) ولكن من الغريب حقاً انَّ هذا الرجل رغم موقعه الخطير الذي شغله في الجيش لم تذكر المصادر أيَّ موقف له في المعركة، سواء على صعيد الرأي أو صعيد القتال، وذلك بما فيهم الطبري، ولم يرد اسمه في تشكيلة القوّاد برواية أنساب الأشراف، وهو الحريص على ذلك، ولم نجد لهذا الاسم ذكراً في المصادر التي تناولت معركة الطف!.
وسبب عدم ذكر دور عبد الله زهير بن سليم الازدي , لأنه لو ذكره الطبري فانه سيكشف كذبته الكبيرة التي مررها على التاريخ , وهو إن الجيش الذي حارب الحسين {ع} " كلهم من الكوفة ..! ليس فيهم شامي ولا حجازي" باعتبار إنهم فقط من شيعة علي ... وهنا يقول انه على ربع أهل المدينة ...!!! إذن جيش المدينة كان موجودا وقائدهم عبد الله الازدي ولهم مشاركة قوية في القتال , والذي يأتي من المدينة إلى كربلاء لحرب الحسين {ع} هل هو شيعي , أو من شيعة آل أبي سفيان ..؟..
ولم يتطرق الطبري ولا انساب الأشراف ولا غيرهما إلى عدد أهل المدينة , من المؤكد أنهم عدة كتائب شاركوا في حرب آل رسول الله {ص} ولعلهم من يهود المدينة , أو ممن تضررت مصالحهم المادية بولاية علي بن أبي طالب {ع} وقاتلوه في الجمل..!!!.
* عبد الرحمن بن أبي سبرة، ذكره الطبري أنَّه كان على ربع أسد ومذحج في الجيش، وهو ممن شهد على حجر بن عدي ( ) ويذكر له الطبري موقفاً واحداً في هجوم الشمر بالرجالة على الحسين بقوله (وأقدم عليه ــ الشمر ــ بالرجالة، منهم أبو الجندب ــ واسمه عبد الرحمن الجعفي ــ وسنان بن أنس النخعي، وخولي بن يزيد الاصبحي، فجعل شمر بن ذي الجوشن يحرِّضهم، فمرَّ بأبي الجندب وهو شاك في السلاح، فقال له: أقدم عليه، قال: وما يمنعك أن تقدم عليه أنت! فقال الشمر: إليَّ القول ذا؟ قال: وأنت تقول لي ذا! فاستبا، فقال له أبو الجندب : والله لهممت أن أُخضخض السنان في عينك ... فانصرف الشمر ... ) تُرى ما تفسير ذلك؟ هل هو الخوف من الحسين؟ أم لإيمانه بأن الطرف الآخر يجانب الحق؟ وهل يمكن تفسيره بما بدر من الشمر من حقد على الحسين؟ أم هو هروب من المسؤولية؟ وهل ينسجم هذا من موقفه العسكري القيادي في جيش بن سعد؟ إلا أنَّ الإعثم الكوفي يروي (ثم رمى رجل منهم بسهم يكنى أبا الجنوب الجعفي، فوقع السهم في جبهته ـ أي جبهة الحسين ــ ) ( )وهو خلا ف ما جاء في الطبري حيث كانت الرمية في (فيه)، وأن الرامي كان الحصين بن تميم..
وفي البداية والنهاية أن الرامي كان الحصين والرمية في (حنكه) ( )وقيل أن الذي رماه رجل من بني أبان بن دارم , ولذا من الصعب الركون الى رواية أبن الأعثم .
قيس بن الأشعث بن قيس: ذكره الطبري أنّه كان على ربع ربيعة بن كندة في جيش عمر بن سعد، ومن المعروف أن أباه كان من قادة الانتهازية السياسية،وموقفهم من المؤامرة في قتل الإمام أمير المؤمنين معروفة .. وأبوه الأشعث , ممن ساعد عبد الرحمان بن ملجم مع عبد الرحمن بن مسلم في حياكة مؤامرة اغتيال الإمام علي بن أبي طالب {ع} ، وكان من أشد أعدائه، فيما كان الإمام علي عليه السلام يخطب ذات يوم ، إذ اعترض عليه الأشعث بشأن التحكيم ، فكان من جملة ما قاله الإمام له : « ما يدريك ما عليّ مما لي ، عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين حائك بن حائك ، منافق بن كافر ، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى ، فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك ، وإن إمرءً دل على قومه السيف ، وساق إليهم الحتف لحريٌ أن يمقته الأقرب ، ولا يأمنه الأبعد » .
الأسر الذي أشار إليه أمير المؤمنين هنا في الجاهلية ، فهو انه حين قتل أبوه خرج يطلب الثأر فأسر ، وفدي بثلاثة آلاف بعير ، لم يفد بها عربي قبله ولا بعده فالأشعث بن قيس أبوهم من كبار الخوارج، وابنته جعدة سمّت الإمام الحسـن عليه السلام بإيعاز من معاوية ...
وابناه محمّـد وقيس شاركا في قتل سيّدنا مسلم بن عقيل{ع} وشاركا فعليا في قتل ومولانا سـيّد الشهداء الإمام الحسـين{ع} وقد ذكر ابن كثير، أنّه لمّا ناشد الإمام شبث بن ربعي وحجّار بن أبجر وقيس بن الأشعث ويزيد بن الحارث... «قال له قيس بن الأشعث: ألا تنزل على حكم بني عمّك، فإنّهم لن يؤذوك، ولا ترى منهم إلاّ ما تحـبّ؟! فقال له الحسـين: أنت أخو أخيك، أتريد أنْ تطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟! لا والله، لا أُعطيهم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لهم إقرار العبيـد»...
هذا جزء يسير من التاريخ السياسي لهذه الأسرة , ما كانت يوما قريبة من البيت العلوي . وحين يقول له الإمام علي {ع} : حائك ابن حائك , منافق ابن كافر . ثم يأتي الطبري كعادته في تشويه تاريخ كربلاء فيجعله من شيعة الحسين {ع} وانه كتب أليه .. فهل يعقل احد إن الحسين {ع} يصدق من بيت الأشعث إنهم يبايعونه ضد الاموين ..؟. انظر للتشويه ..
،يقول الطبري أنَّه من الذين كتبوا الى الحسين{ع}وقد عُرِف بـ (قيس قطيفة) لأنَّه استولى على قطيفة الحسين بعد قتله، وكان من الوافدين على عبيد الله بن زياد .... هل هذا شيعي ..؟
* يزيد بن الحرث بن يزيد بن رويم: من المعروفين انه من الحزب الأموي في الكوفة، ومن القياديين , وقد كان يتجسّـس للحكومة على الناس وتوجهاتهم وميلهم وحبهم , مع مجموعة من القياديين في الحزب الأموي أمثال عمر بن سعد وشبث بن ربعي،وقيس بن الاثعث , على ممن له هوى في آل علي {ع} أمثال سليمان بن صرد الخزاعي , وعلى المختار بن عبيده الثقفي .. وجماعة الشـيعة( ).
فيأتي الطبري ليقول انه ممن كتبوا إلى الحسين بالقدوم إلى الكوفة , غاية الطبري يجعل منه شيعيا وانه كتب للإمام الحسين {ع} ثم خانه وقتله وبذلك يعطي انطباعا إن الشيعة هم من قتلوا الحسين {ع} وهذا واحد من شيعته ..!!.. في حين يروى صاحب أنساب الأشراف أنَّ عبيد الله بن زياد بعثه بألف فارس لإسناد عمر بن سعد .. ومما يؤكد موقفه وميوله انه بعد موت يزيد بن معاوية كان موجودا في الكوفة , قاتل مع الزبيريين ضد المختار ( ) ثم يقول عنه انه من الأشراف الارستقراطيين ....
ولأذكر لك معلومة :.. حين هلك يزيد سقطت الكوفة بانتفاضة شعبية عفويه , وكان ابن زياد في وقتها بالبصرة فهرب اغلب المشاركين بقتل الحسين {ع} واختفى آخرون .. وبعد ثلاثة أيام من خلو المدينة من أي قيادة , تحرك الزبيريون واستولوا على الكوفة بدون مقاومة , فانظم اغلب المشاركين في قتل الحسين {ع} إلى الحكومة الجديدة , وحين ظهر المختار وإبراهيم بن مالك الاشتر للسيطرة على الكوفة , كان المشاركون بكربلاء قادة المعارضة للتيار الحسيني , من ضمنهم يزيد بن الحرث بن يزيد , كما ذكره الطبري انه قاتل مع الزبيريين ضد جيش المختار .. فهل هذا من شيعة علي والحسين {ع}..؟ فهو قاتل الحسين يوم عاشوراء وهنا يقاتل المختار والثوار الحسينيين , فأين تشيعه إذن يا طبري ...؟.
****** حجار بن ابجر البكري :..وهذا الرجل وإن كان ممّن كاتب الإمام عليه السلام، فقد كان من غير الشيعة قطعاً... وقد ذكره علماء الرجال فلم يشيروا إلى شيء من أحواله.
قال البخاري: «حجّار بن أبجر البكري، سمع عليّـاً ومعاوية. روى عنه سماك. قال وكيع: العجلي يعدّ في الكوفـيّين»( ).واليك ترجمته حجار بن أَبْجَر بن جابر: روى ابْنُ دُرَيْدٍ في "الأخبار المنثورة" حدثنا أبو حاتم، قال أشياخ من بني عِجل ...
قال حجار بن أبجر لأبيه: وكان الأب نصرانيًّا: يا أبت، أرى قومًا قد دخلوا في هذا الدين فشرفوا، وقد أردتُ الدخولَ فيه. فقال: يا بني، اصبر حتى أقدم معك على عُمر ليشرفك، وإياك أن يكون لك هِمَّة دون الغاية القُصوى... فذكر القصة، وفيها: إنَّ أبجر قال لعمر: أشهد أن لا إله إلا الله وأن حجارًا يشهد أنَّ محمدًا رسول الله، .. يعني هو لا يعترف بنبوة محمد {ص} قال عمر : فما يمنعك أنْتَ؟ قال: إنما أنا هامَةُ اليوم أو غد، وذكر المَرْزَبَانِيُّ في "معجم الشعراء" أن أبجر مات على نصرانيته في زمن علي{ع} قبل قَتْله بِيَسير، وروى الطَّبَرَانِيُّ من طريق إسماعيل بن راشد، قال: مرت جنازة أبجر بن جابر على عبد الرّحمن بن ملجم وحجّار بن أبجر يمشي في جانبٍ مع ناس من المسلمين ومع الجنازة نصارى يشيّعونها.. رغم هذا التوضيح الجلي إلا انه أخيرا يقول عنه ..
{أدرك حجّار بن أَبْجَر النبي{ص} .. وكان شريفًا، روى عن عليّ رضي الله عنه .. كيف أدرك النبي وأنت تقول انه جاء به ابوه النصراني ليسلم على يد عمر , لأنه عرف إن هذا الدين من دخله فقد شرف .. يعني ليس عقيدة بل لمصلحة اجتماعية, فأين تشيعه ..؟.كذا قال ابن أبي حاتم، قال: «سمعت أبي يقول ذلك»( ).... ومن مظاهر كذبهم عن تشيعه قام هذا الرجل في عشيرته ضدّ المختار ـ لمّا قام للطلب بثأر الإمام ـ في وقعة جبّانة السـبيع( ).ويقول عنه في مكان اخر انه جاء إلى كربلاء في 1000مقاتل ( ) واليك مزيدا من الانتهازية لهذا الرجل ...
***** عمرو بن الحجاج الزبيدي : ذكره الطبري على ان دوره يوم عاشوراء كان على ميمنة جيش عمر بن سعد ( ). ومواقفه ضد شيعة أهل البيت معروفة , فهو ممن شهد على حجر بن عدي الشهيد , الذي قتله معاوية بن أبي سفيان ( ) ثم يحشرون كلمة لتلقي ضلالا على موقفه وتاريخه , وحتى يشوهوا تاريخ الشيعة بأمثال هؤلاء النكرات , فقالوا انه ممن كتب إلى الحسين بالقدوم إلى الكوفة, ماذا يكتب للحسين وهو معروف من الحسين انه ممن شهد على حجر بن عدي رحمه الله ...؟ إنها كذبة غير منسقة حتى يمكن تصديقها ..
واليك المزيد عن حياة هذا الرجل وموقفه, أنت احكم هل هو شيعيا أو من قيادات الحزب الأموي ..
قال الطبري :أنّه أعلن الطاعة نيابة عن مذحج بين يدي عبيد الله بن زياد وأتخذ موقفاً بارداً تجاه مسلم ..!! وهو الذي تولّى الحيلولة بين الحسين والماء على خمسمائة فارس يوم عاشوراء , وكلفوه منع الماء عن الحسين {ع}..! وقد لعب دوراً متميزاً في الهجوم على معسكر الحسين , وكان بينه وبين الحسين كلام حاد، وقد اتهم الحسين بالمروق من الدين، ووصف يزيد بـ (الإمام) وله دور واضح في قتل مسلم بن عوسجة , وكان من الوافدين على ابن زياد بالضحايا, ... أنضم إلى أبن الزبير بالكوفة، وقاتل المختار الثقفي .. فتبعه المختار , وهرب على طريق (شراف وواقصة فلم يُرَ له أثرا , وغابت اخبارة, هلك في مكان لا يعرف ولم يكتب عنه التاريخ .( ).
خلاصة تاريخ قيادات الاموين ... المفارقة الكبيرة , إن هذه أهم الأسماء البارزة في جيش بن سعد، وهم من صميم العرب منهم من أهل الكوفة وعشرات من خارجها التحقوا بالمعركة من الشام ومصر ..، منهم من عدنان ومنهم من قحطان، ولكن الصفة البارزة على هؤلاء هي (الانتهازية السياسية)، فإنهم كانوا مع علي في حروب صفين والنهروان، ولكنّهم هم بالذات الذين شهدوا على حجر بن عدي رغبة أو رهبة، وربما بحيلة سياسية كتبوا إلى الحسين إلاّ أنَّهم انضمُّوا إلى عبيد الله بن زياد، وأصبحوا من أعمدة الجيش الذي قاتل الحسين{ع} , ثم تحوَّلوا إلى عبيد الله بن الزبير في الكوفة! وقاتلوا تحت قيادة عبد الله بن مطيع ضد المختار قتالاً عنيفاً . وهؤلاء كلهم ليس بشيعة , ودورهم العسكري طيلة حياتهم ينصب في خدمة بني أمية ..
أهل الشام في جيـش ابن زياد
بعد أن تبيّن أنّ الّذين قادوا عساكر ابن زياد لقتال الإمام عليه السلام هم رجال من الخوارج، وزعماء الحزب الأُموي في الكوفة, ليس فيهم شيعي واحد ... غير ان المؤرخين تنكروا لحقيقة كبرى وحاولوا أن يخفوها , هي وصول عساكر جرارة من الشام إلى كربلاء .. من خلال النظر في الأخبار وتتبّع الكلمات: يتبين وجود رجال من أهل الشام في جيش ابن زياد في واقعة الطفّ...
روى الشيخ الكليني بإسناده عن الإمام الصادق{ع} ، عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرَّم، فقال: «تاسوعا يوم حوصر فيه الحسـين{ع} وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه،..!! وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها،حين وصل المدد من الشام وغيرها , واستضعفوا فيه الحسـين صلوات الله عليه وأصحابه رضي الله عنهم، وأيقنوا أنّه لا يأتي الحسـين عليه السلام ناصر، ولا يمدّه أهل العـراق، بعد إحكام الطوق على معسكره ..( ).
وروى الشيخ ابن بابويه الصدوق القمّي بإسناده، قال: «ونظر الحسـين عليه السلام يميناً وشمالا ولا يرى أحداً، فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ إنّك ترى ما يُصنع بولد نبيّك. وحال بنو كلاب { يعني أهل الشام } بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره وخرّ عن فرسه، فأخـذ السهم فرمى به وجعل يتلقّى الدم بكفّه، فلمّا امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته وهو يقول: ألقى الله عزّ وجلّ وأنا مظلوم مخضوب بدمي. ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعاً...وأقبل سنان بن أنس الأيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما الله في رجال من أهل الشام، حتّى وقفوا على رأس الحسـين عليه السّلام...»( ) ..
وروى الشيخ الطوسي بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام، عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «ذاك يوم قتل فيه الحسـين عليه السلام، فإن كنتَ شامتاً فصم. ثمّ قال: إنّ آل أُميّة عليهم لعنة الله ومن أعانهم على قتل الحسـين من أهل الشام نذروا نذراً، إنْ قتل الحسـين عليه السلام، وسلم من خرج إلى الحسـين عليه السـلام، وصارت الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفـرّحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سُـنّة إلى اليوم في الناس.»( ).
أمّا «الحصين بن نمير» فقد تقـدّم كونه من أهل حمص.وهو مشهور انه من الشاميين وكان موجودا وله دور معروف في كربلاء .. فلك يكن شيعيا ولا كوفيا .. الرجل شامي , وأمّا من كان مع شمر، فهم خمسون من الرجّالة،خاصته الذين يأتمرون بأمره وعيونه على العسكر ..منهم أبو الجنوب عبـد الرحمن الجعفي، الذي مرت ترجمته ... وهو ممن خرج مع عبيـد الله بن زياد لقتال المختار في جيش الشام ـ { وهذه اشارة واضحة ان قتلة الحسين هم أهل الشام الذين طلبهم المختار , لان الشام كانت مضطربة وقت نهوض المختار في الكوفة .. رجالٌ من قتلة الحسـين من أهل الشام ..منهم: عمير بن الحباب وفرات بن سالم ويزيد بن الحصين وأُناس غير هؤلاء كـثير( ). ومن المشهورين الذين لم يستطع التاريخ تغطية سوأتهم عمير بن حباب من عشيرة أبي الأعور السلمي المعروف صاحب معاوية.( ) وهو من اهل الشام المعروفين في الكوفة ...
و «فرات بن سالم» الجزري، هو والد: نوفل بن فرات، ترجم له ابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق»، فقال: «ثـقـة»(7).
وفي تاريخ يوم عاشوراء قصة تقول : جاء رجل من أهل الشام يقترح الأمان على عليّ الأكبر بن الحسين عليه السلام..قـال ابن سـعد في طبقاته : «دعـا رجـل من أهـل الشام عليَّ بن حسـين الأكبـر ـ وأُمّه آمنة بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأُمّها بنت أبي سفيان ابن حرب ـ فقال: إنّ لك بأمير المؤمنين قرابةً ورحماً، فإنْ شئت آمنّاك وامض حيث ما أحببت. فقال: أما والله لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كانت أَوْلى أن تُرعى من قرابة أبي سفيان; ثمّ كـرّ راجعا .( ). هذه الرواية واضحة , تبين ان اهل الشام متواجدون بكثرة في جيش ابن زياد ....
كان في جيش يزيد: عبـد الرحمن بن أبزى. ذكره غير واحد في الصحابة، روى عنه أصحاب الصحاح الستّة، قال المزّي: «سكن الكوفة واستُعمل عليها»( )، لكنْ في «الأخبار الطوال» ما هو ظاهر في كونه من أهل الشام، وكان ممّن حضر قتال الإمام عليه السلام بكربلاء، إلاّ أنّه ادّعى أنّه لم يقاتل، بل أتى الكوفة في حاجة; وهذا نصّ الخبـر: «ولمّا تجرّد المختار لطلب قتلة الحسـين، هرب منه عمر بن سعد ومحمّـد بن الأشعث ـ وهما كانا المتولّـيَين للحرب يوم الحسـين ـ، وأُتي بعبـد الرحمن بن أبزى الخزاعي، وكان ممّن حضر قتال الحسـين، فقال له: يا عدوّ الله! أكنت ممّن قاتل الحسـين؟! قال: لا، بل كنت ممّن حضر ولم يقاتل.قال: كذبت، اضربوا عنقه!
فقال عبـد الرحمن: ما يمكنك قتلي اليوم حتّى تعطى الظفر على بني أُميّة، ويصفو لك الشام، وتهدم مدينة دمشق حجراً حجراً، فتأخذني عند ذلك فتصلبني على شجرة بشاطئ نهر، كأنّي أنظر إليها الساعة. فالتفت المختار إلى أصحابه وقال: أما إنّ هذا الرجل عالم بالملاحم.ثمّ أمر به إلى السجن، فلمّا جنّ عليه الليل بعث إليه من أتاه به، فقـال له: يا أخا خزاعة! أظرفاً عند الموت؟! فقال عبـد الرحمن بن أبزى: أنشدك الله أيّها الأمير أنْ أموت ها هنا ضيعـةً. قال: فما جاء بك من الشام؟! قال: بأربعة آلاف درهم لي على رجل من أهل الكوفة أتيته متقاضياً. فأمر له المختار بأربعة آلاف درهم، وقال له: إنْ أصبحتَ بالكوفة قتلتك. فخرج من ليلته حتّى لحق بالشام»( ).
هناك آخرون من أهل الشام بكربلاء, قال بعض المحقّقين في هذا الموضوع ـ بعد نقل رواية الشيخ الكليني المتقدّمة( ) ـ :
«الرواية صريحة في اجتماع أهل الشام في كربلاء، فقد ورد الكوفة عشرة آلاف من جند أهل الشام، حين وصل خبر عن مسلم بن عقيل انه دخل الكوفة , وفيهم عيون استخبارية متمرسة , وهم الذين قوضوا حركة مسلم بن عقيل {ع},هذا الحشد العسكري القتالي ,عشرة آلاف شامي إضافة للحزب الأموي في الكوفة ..بعد هذا كله يأتي الطبري قائد الكذب عن هذه الظاهرة ومروج موضوع قتل الحسين {ع} من قبل شيعته فيقول : أنّـه ازدلـف عليـه ثلاثـون ألفـاً لا فيـهم شامي ولا غيره، وفي كتاب ابن زياد إلى ابن سعد أنّه بعث إليه جنوداً ليس فيهم شامي ولا حجازي، ومثله في بعض كتب المقاتل ـ إنّما أراد بذلك الجند النظامي والعسكر الحكومي الكوفي، وهم ثلاثون ألفاً، ليس فيهم شامي ولا غيرهم، بينما تأتي روايات كثيرة وأسماء مشهورة إنها من أهل الشام ...
اذكر لك .. أنّ أزرق الشامي وأمثاله من جند الشام، فمن أنكر وجود جنود من الشام، فهو بسبب عدم علمه بالتاريخ...... يضاف لهذا في (المناقب) أنّ خيل شمر بن ذي الجوشن كان عددهم أربعة آلاف فارس مدرب , كلّهم شاميّون.
وفي الأربعين الحسينيّة ـ تأليف الفاضل المعاصر المحدّث القمّي قدّس سرّه ـ : رأيت في بعض كتب الأنساب أنّ خيل الشام لمّا ورد كربلاء جاؤوا بأمان من يزيد بن معاوية لعليّ بن الحسـين عليه السلام كما مر ذكره ..»( ).... أما بقية المقاتلين من عامة الجيش فهم ...
نقرأ في الطبري: (... لما خرج عمر بن سعد بالناس كان على ربع (أهل المدينة ) يومئذ عبد الله بن زهير بن سُليم الأزدي، وعلى ربع مذحج وأسد بعد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي، وعلى ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس، وعلى ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي، فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين إلاّ الحر بن يزيد فإنَّه عدل إلى الحسين، وقُتِل معه( ) والعبارة توحي أنَّ جميع من ينتمي إلى هذه العشائر ساهم في حرب الحسين، و الواقع ليس كذلك، فقد مرَّ بنا أن الجيوش أو الجماعات التي ساقها بن زياد لمساعدة عمر بن سعد كانت تصل إلى ساحة المعركة في كربلاء بأعداد قليلة جداً، وقد يعطي النص انطباعاً بأن الذين قاتلوا الحسين هم عرب وحسب مع تحفظنا إن الحر كان ضابطا عند الحكومة الأموية , ولكنه جزء من التضليل ضده ..
لقد عوَّدنا الطبري ذكر الانتماء العشائري الصريح وهو يستعرض وقائع كربلاء، ولم يكن النص السابق الشاهد الوحيد على هذه الظاهرة، حيث يطالعنا , اعني الطبري (... ولمَّا قُتل الحسين بن علي عليه السلام جيء برؤوس من قُتِل معه من أهل بيته، وشيعته، وأنصاره، إلى عبيد الله بن زياد، فجاءت كندة بثلاث عشر رأساً، وصاحبهم قيس بن الأشعث، وجاءت هوازن بعشرين رأساً وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن، جاءت تميم بسبعة عشر رأساً، وجاءت أسد بستة رؤوس، وجاءت مذحج بسبعة أرؤس، وجاء سائر الجيش بسبعة عشر رأساَ ..( ).
عادة الطبري حين يكتب يشير إلى القادة وتابعيهم الذين يأتمرون بأمر قادتهم ورؤساء عشائرهم ,كما في الرواية في نقل الرؤوس الطاهرة من كربلاء إلى الكوفة .عامة الجيش مع القواد والرموز, وهي مسألة طبيعية، لأن العشيرة هي السائدة، هي ذات الموقع السيادي في الحرب والسلم، ومراجعة بسيطة للحروب في صدر الإسلام تكشف عن توكيد مركزي للحضور القبلي.
هذا الرأي غير دقيق , يريد الطبري أن يبرر كذبه إن التابعين لشيوخ عشائرهم ملزمين في الحروب العقائدية أتباع شيوخهم .هذا غير دقيق كذب ودجل . نعم في حال تعرض العشيرة للغزو يكون كلامه صحيحا , أما الحروب العقائدية , تكون العقيدة والانتماء هو من يحدد الموقف , بدليل إن الجيش الأموي فيه عدد كبير من الأسدين , وفي الجانب الآخر شيخ بني أسد حبيب بن مظاهر , والحر بن يزيد الرياحي , زعيم بني تميم اليربوع , وفي المقابل مئات التميميين ... وفي معارك الإسلام العقائدية كان الابن في جانب والأب في جانب آخر أو الأخوة وهكذا ...
بينما هؤلاء الذين حملوا الرؤوس في كربلاء , كانوا مع شيوخهم , إنما هم جيش عقائدي انتهازي ينتمي فكريا إلى الدولة الأموية كقادتهم , ويعتقدون برأي وعقيدة الخليفة الأموي , وليس لهم علاقة بال أبي طالب {ع} وبالتشيع ,من قريب ولا من بعيد .. ولكن الأستاذ الطبري اعتبرهم من شيعة الحسين {ع} وهي اكبر كذبة مررها الطبري وأمثاله في التاريخ ..
دور الموالي في قتل الحسين :...
الطبري وغيره لم يذكر لنا هويّة الأربعة آلاف مقاتل الذين كانوا مع عمر بن سعد! هذه بلا ريب ظاهرة ملفتة للنظر ، كل ما نعرفه عن هؤلاء ما يرويه الطبري نفسه فيقول: (... وكان سبب خروج ابن سعد إلى الحسين عليه السلام أنَّ عبيد الله بن زياد بعثه على أربعة آلاف من أهل الكوفة سير بهم إلى دستبي ، وكانت الديلم قد خرجوا إليها، وغلبوا عليها، فكتب إليه بن زياد عهده بالري، وأمره بالخروج) ( ) فهؤلاء كانوا قد أُعدُّوا لاستعادة الديلم، ثم حوَّلهم عبيد الله بن زياد بقائدهم وعدتهم إلى قتال الحسين{ع}، ولكن لم يذكر الطبري أو غيره انتماء هؤلاء العشائري!
الحقيقة هؤلاء الأربعة آلاف من الديالمة، من الموالي الذين سبق أنْ أسرهم المسلمون العرب سنة 17 للهجرة في عين تمر بقيادة سعد بن أبي وقاص، والذين نزحوا مع العرب إلى المدائن ثم الكوفة، وكانوا في تقسيم الكوفة عشائريا مع عبد قيس في السُبع مع بني قيس رغم أنّهم ليسوا عرباً اقحاحا ( )ـ ... يقول أسد حيدر: (.وكان هؤلاء بقية الفرس أيام الفتح وهم المعروفون بحمر الديلم)( ).
وحين يتحدَّث الطبري وغيره عن الحوادث قبل المعركة يقول : أنَّ الحصين بن نمير كان على شرطة بن زياد، وقد بعثهم لمحاصرة الحسين{ع} ،وهم من قطعوا الطرق والإمداد عنه ما بين القادسية وكربلاء , وكانوا أربعة آلاف( ).
كل هؤلاء التحقوا بعمر بن سعد في كربلاء في قتال الحسين{ع} طيلة فترة القتال ( ).. وهم موظفون في الدولة الأموية زمن زياد بن أبيه ... هم الموالي الذين سلَّطهم زياد بن أبيه على شيعة الكوفة حين انتقم من شيعة علي بن أبي طالب {ع} ، ومن بعده احتضنهم ولده عبيد الله، وقد أجادوا مهنة الإرهاب والاستذلال( ).كانوا أشرار المرتزقة في المجتمع الكوفي...
من الطريف أن نقرأ هذه الرواية ...عن شمر بن ذي الجوشن ما ينقله أبو إسحق حيث يقول: (كان شمر بن ذي الجوشن يصلي معنا الفجر، ثُمَّ يقعد حتى يصبح، ثم يصلي فيقول: اللهم إنَّك تحب الشرف، وأنت تعلم أني شريف، فاغفر لي، فقلتُ ــ أي أبو إسحق ــ يغفر الله لك وقد خرجت إلى ابن بنت رسول الله{ص} وأعنت على قتله؟ قال: ويحك فكيف نصنع، إنَّ أمراءنا هؤلاء أمرونا بأمر فلم نخالفهم، ولو خالفناهم كنَّا أشرَّ من هذه الحمر) ( ) ..!
موقع الشاهد هنا تاريخ هؤلاء الحمر ومشاركتهم في قتال الحسين{ع} وأنهم القوة الضاربة التي يرهب بها ابن زياد أي جهة تحاول , أو أرادت أن تتعاطف مع الحسين {ع} ويذكر لهم التاريخ جولات وصولات مع شيعة علي {ع} في الكوفة ، إذ يحق لنا السؤال عن دور هؤلاء في المجتمع الكوفي، فهم محلَّ أشارة واستشهاد؟ تُرى ما هي الممارسات التي كانوا يزاولها مع الشيعة..؟
ولا ننسى (معقل) مولى أبن زياد كان من الموالي ـ ثورة الحسين لشمس الدين ــ وابن زياد أساسا منهم وربيبهم وأخوهم وصل إلى السلطة , وتسلق بهم ,وقواهم على الناس لتثبيت موقعه الحكومي
وابن زياد ربيب الفرس الخلص، ولما أراد ولده عبيد الله بعث الرؤوس إلى يزيد كان لابدَّ من استنفار الناس، فكان الذي أذَّن بالناس في الرحيل (حميد بن بكير الأحمري أي الحمر) ( )..
هناك معلومات عن الجهات غير العربية التي ساندت الاموين في تثبيت حكمهم , وحاربت شيعة الكوفة , على عكس ما يقوله الآخرون , إن أصل التشيع فارسي.. واليك النصوص التي تبين حجم هذه القوة في الكوفة ودورهم معروف في كربلاء ...ز
" بلغ عدد الموالي في الكوفة عشرين ألفاً في زمن زياد بن أبيه ـ( ) , وحين شعر هؤلاء بدورهم ومسؤوليتهم في الدولة زحف غيرهم من الفرس إلى الكوفة بعد شهادة أمير المؤمنين {ع} , وانفتاح الفرص أمامهم في الوظائف فاشتغلوا بالشرطة وبعض الوظائف المهمة , فكم كان عددهم في زمن ابنه عبيد الله بن زياد ؟ وكيف لعبوا دورا محوريا ليكون لهم موقف وسطوة بين قبائل عربية تحتقر الأعاجم ..؟ لقد كان الموالي يشكلون نسبة عالية من المجتمع الكوفي، بل وفي رأي فلهاوزن كانوا أكثر من { نصف سكان الكوفة} ، يحتكرون الحرف والصناعة والتجارة والمهام الأمنية ، وكان أكثرهم فرساً, ومعهم بعض القوميات الأخرى ..! ( ). فمن الطبيعي أن يشكلوا نسبة عالية في ذلك الجيش، وأي نداء لأهل الكوفة , إنَّما موجَّه إلى هؤلاء بقدر ما هو موجَّه إلى عشائرها ....
فنستنج من هذا إن الذين قاتلوا الحسين {ع} وأصحابه , كانوا من الخوارج الذين قاتلوا مع علي بن أبي طالب {ع} ,ثم خرجوا عليه , ومعهم الموالين للحزب الأموي , ورجال السلطة الأمويين وميليشياتهم , من الفرس والمنافقين وغيرهم ممن ذكرناهم ... فأين هؤلاء من الشيعة ...؟
مقالات اخرى للكاتب