ضاعت دماء الشهداء الذين سقطوا منذ عام 1963 بعد ان اعدم البعث الفاشي وجبات جديدة في عام 1979 واصبحوا في راس القائمة, حملات الاعدام في بداية الثمانينيات لكوكبة من المعارضين
من شيوعيين واسلاميين وعلى راسهم السيد الشهيد محمد باقر الصدر انست الناس شهداء الستينيات والسبعينيات , شهداء الانتفاضة صاروا في راس القائمة الجديدة ونسي الناس الذين سقطوا في الحرب مع ايران , في التسعينيات سقط شهداء جدد على راسهم السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر, وعندما اقول نسوا اقصد بان حقوقهم لايمكن لاحد المطالبة بها ـ سوى كافراد او كطوائف ـ في ظل توارد الكوارث وولادة مشاكل جديدة اكبر واوسع, سقط النظام البعثي وبدأت مجاميع لاتحصى من الشهداء تسقط بيد نفس القاتل مع اختلاف الاساليب والمسميات, فضاعت حقوق من قتلوا قبلهم , الان استعرت حرب الارهاب القذرة مرة اخرى تحت راية حزب البعث الداعشي الاشتراكي ,حرب تزف الينا الشهداء بسخاء في الجبهات وفي المدن بالمفخخات , فهل سيضيّع السلام او لنقل التوافق المنتظر ان حدث مستقبلا دمائهم ودماء من سيسقط حتى ذلك الحين !!! ممكن وممكن جداً في ظل الانبطاح الدائم للقيادات الجديدة والانحناء لكل ريح عاتية ولكل مطلب يطلق من اربيل او من ساسة السنة البائسين في الحكومة.
وحتى نستطيع معرفة ماهية هذه المعضلات وطريقة صياغتها من قبل العدوالازلي ـ داعش ,البعث ـ في العراق علينا الرجوع الى الوراء قليلا لمعرفة اسباب الاستهتار الذي تمارسه السلطة البعثية ضد المعارضين سابقا وضد الشعب العراقي عموما فانا شخصياً قناعتي لم تتغير بان مصدر الموت والفساد والراعي الرسمي لهما في العراق هو البعث واذنابه, مع قليل من المرضى وضعاف النفوس ,لم يطرأ اي تغيير مطلقا ,وما الشعارات التي تروج في الاعلام , مثل مقاومة , تحرير , رافضة , سب الصحابة وام المؤمنين , مجوس ,صفويين , ايران , صهيونية ، امبريالية ، كلها تنصهر في حقيقتها الجوهرية واهدافها ببوتقة واحدة اسمها ـ السلطة ـ او بتعبير اوضح السعي لاعادة السلطة .
الجميع يعرف كيف وصل البعث الفاشي رغم ضعفه في بداياته الى الحكم على اكتاف الحمير القومية وباعتراف اعضاءه في مذكراتهم, وما ان اشتد عوده وتجمعت زمر العصابات العشائرية من القرى والارياف حاملين معهم غلظة الصحراء وقساوة الرمال ,حتى استطاعوا خلال بضع سنين من تصفية اصدقاء الامس وليس الخصوم فحسب وابتلاع الدولة باكملها , وبذلك اصبح العراق كله ملكاً لهم بما فيه من البشر والاموال والموارد ,يقتلون من لا يروق لهم ويرفعون الى مرتبة الخدم من يرغبون به ليكون ذيلاً لايمتلك حرية الحركة الا باوامر الراس, وبمرور اربعين سنة على احتفاظهم بالسلطة بيد من حديد وبدعامات من المنطقة الغربية من جنرالات ومسؤولين ورؤساء عشائر ومرتزقة قومجية , اعتادوا ان يكون الجميع تحت امرتهم ورهن اشارتهم, فكيف يمكن ان يتصرف مثل هؤلاء الخونة الغادرون ؟ في الوضع الجديد الذي كسر ظهورهم واذلهم ووضعهم في خانة معارضيهم سابقاً , لذا فان ردود افعالهم الوحشية لاغرابة فيها ومتناسبة بشكل كامل مع سياستهم الدموية في السابق ,دع عنك بان هناك شرفاء ومخلصون ورجال دولة داخل الحزب, فدور هؤلاء البائسون لايتعدى دور الدمى الخشبية التي يحركها قائدهم الفظ " هدية السماء " الى الحزب, كما قال عنه عفلقهم المقبور, فالاوضاع في العراق الان اشارات بارزة وواضحة على وضاعة متبنياتهم واهدافهم المعلنة منها والمضمرة من المؤسس حتى اصغر بعثي وضيع يشترك الان بذبح العراقيين الابرياء تحت راية داعش.
فسياسة البعث والساسة الموكلين حصريا لتمثيله داخل الحكومة هي من اجل الخلاص من استحقاقات والتزامات تاريخية ومهمة لفئات معينة من الشعب لاقت الكثير من التهميش الحقيقي ومن البطش والموت خلال حكم النظام البعثي وتكبدت خسائر مهولة بالارواح والممتلكات,لذا فهم يعتمدون نفس النمط التعسفي والمتعجرف القديم في سعيهم لخلق مشاكل جديدة اكثر تعقيداً وقساوة لاعدائهم , كي تتشابك الامور مع بعضها وينشغل الجميع بالواقع المفتعل ومحاولة الخروج منه باي ثمن ـ للحفاظ على الاخوة المزعومة ـ فالاختبار الذي يمر به الشيعة لاثبات وطنيتهم والحفاظ على وحدة التراب العراقي, اختبار صعب جدا ولايطاق, فان هم ضربوا الارهاب صرخ كاولية الاعلام بانكم تقتلون الابرياء والاهالي وتستهدفون اخوتنا السنة الابرياء تنفيذا لمخطط مجوسي صهيوني امريكي ماسوني امبريالي!!! وان سكتواعنه تفاقم الارهاب وتزايد اعداد المسلحين في الشوارع حتى يصعب الفصل بينهم والمسالمين وتتصاعد وتيرة التفجيرات في المدن.
من يظن بان محاولات التهدئة والتنازلات والقبول بكل الشروط المعلنة ستطفأ النار ويعّم السلام ويستقر العراق؟ فهو اما ساذج لايفقه اصول اللعبة, واما حالم يرسم له خياله الخائف المتردد عالم افتراضي زاهي بمفردات لاتمت الى الواقع بصله ولاتصلح الا لافلام الاكشن التي تنتهي عادة بهداية الاخ الشرير وعودة صوابه, وهذا ما لم نعهده في الافلام البعثية طوال تاريخهم المخزي.
ـ الانحناء الدائم للمستبد لايقلل كمية الصفعات
مقالات اخرى للكاتب