تختلف الشعوب, في طباعها وعاداتها الاجتماعية, وتختلف أكثر في مستواها الثقافي, ويرتبط بكل هذا, ردود أفعالها, على مختلف القضايا والمواقف التي, تتعرض لها, وتمر بها.
بعض من الشعوب, تكون إستجابتها, بناء على دعوة من منظمات إجتماعية, وأحزاب سياسية, ولا يشترط أن تكون من أتباع تلك الأحزاب, ومؤيدة لسياساتها, لكن لقناعتها بما طرحته من رأي او فكرة, حول تلك القضية, تتفاعل مع الرأي المطروح وتؤيده.
شعوب أخرى, تستجيب بشكل عاطفي وتتفاعل, مع القضايا, بشكل أني إعتمادا, على ما تنجح جهات في تسويقه, من وجهات نظر وتفاسير, بغض النظر عن مدى قربها من الحقيقة, أو مدى فائدتها, وأهميتها للمواطن نفسه.
هذه التفاعلات الجماهيرية, تعود للفرد نفسه, فان كان تجاوبه مع القضايا, متأنيا معتمدا على تحليل وفهم ولو بحدود مقبولة, فستكون الإستجابة الجماهيرية عقلانية ومنطقية.. وإن كان رد فعل الفرد, إنفعاليا عاطفيا, كانت الإستجابة الجماهيرية, نتيجة حتمية ومطابقة لهذا النموذج.
يشكل البسطاء, غالبية شعبنا.. يضاف لتلك البساطة, عاطفية طاغية, وإنخفاض المستوى الثقافي, نتيجة لتجهيل متعمد, مارسه نظام البعث المقبور, والضغوطات النفسية والإجتماعية والمعيشية التي عاناها المواطن, مما سبب تراكم الغضب, والشعور بالظلم الفاحش.. كل هذا سهل, التلاعب بالرأي العام, وإصطناع صورة ومواقف, من أي قضية, قبل فهمها أو معرفة ماهو الموقف اللازم, لضمان الحقوق والمصالح.
تعرضت مبادرة التسوية الوطنية, لهجمة إعلامية ومن على مواقع التواصل الإجتماعي, وحتى قبل أن تعلن تفاصيلها أو ماهيتها, وما تحتويه من أفكار وأهداف.. وبعيدا عن الدفاع عنها أو إنتقادها, فمن الواضح أن هناك من يهاجمها سرا, وهو يؤيدها علنا, في نفاق سياسي, ليس جديدا, وانساق مع هذا الموقف العشرات, فخونت جهات وشتمت, دون تفهم بل ودون إطلاع على الموضوع.. كما كان هناك مؤيدون يدافعون عنها, وبنفس الأسلوب ربما.
بعيدا عن المثاليات والكلام الإنشائي, فإن حكمنا على الأشياء, يجب أن يكون مبنيا على مبادئ وثوابت, نعتمدها نحن أو من نثق بهم من مرجعيات, دينية كانت أو سياسية أو حتى إجتماعية.. كما يجب ان تحقق لنا, مصالح معقولة ومقبولة, مع حفظها لحقوق الأخرين بشكل عادل.
التسوية كنموذج لقضية تهم مستقبل البلد, وغيرها الكثير من القضايا, يجب أن ندرسها بشكل جيد, ونفهمها بكل تفاصيلها, ونرى نتائجها المتوقعة.. ثم نحكم بعقلانية الواقع والمصالح المشتركة العادلة.. عندها نبني المواقف, بدون إنفعال أو عاطفية فارغة.
يقال ان فهم السؤال نصف.. هلا فهمنا قبل أن نجيب؟!
مقالات اخرى للكاتب