للعراق سلة من الازمات تتناوب بين الحين والاخر في الظهور الى السطح، كلما تراجعت ازمة عوّضت زخمها السياسي والاعلامي أزمة اخرى.. من هنا فليس مفاجئا ان تعيش الساحة السياسية ازمة خانقة ولها تداعيات كبيرة على مجمل الاوضاع في العراق، وليس مفاجئا ايضا ان تختلط الاوراق مع كل ازمة جديدة ويسقط كم هائل من الاقنعة عن هذه الواجهة السياسية او تلك.
ولأن مبدأ ترحيل الازمات لم يعد يعمل بفاعلية كما هو الحال في السابق، من هنا يمكن ان نتصور صعوبة الخيارات المطروحة في سبيل الحل. ما طفى الى السطح في الفترة الاخيرة لم يعد ينفع معه الترحيل الذي كانت تميل له معظم الكتل السياسية لان مسار الترحيل وصل الى نهايته ولم تعد القضايا المهمة التي اجتمعت سوية بقصد او بغير قصد قابلة للتأجيل.
تصريحات رئيس الوزراء حيدر العبادي الاخيرة حول عدم التزام الاقليم بالاتفاق النفطي وما سبقها من تصريحات مستفزة لرئيس حكومة الاقليم، تؤكد ان شهر العسل وصل الى نهايته بين حكومة العبادي والاقليم، وتزامنا مع تلك الازمة ايضا زمجرت تهديدا ووعيدا معظم الكتل السياسية المنضوية في اطار تحالف القوى الوطنية وعادت من جديد لغة التهديدات وهو ما ينذر ايضا بنهاية الهدنة الحذرة التي تولدت اثر التخلي عن المالكي.
المؤشرات تتحدث عن عودة كل طرف الى التمسك بمواقفه السابقة وممارسة كل من القوى السياسية هوايته التي اعتاد عليها طيلة السنوات الماضية، الامور هذه المرة قد تنذر بعواقب وخيمة جدا، حينما كان المالكي على راس الهرم كان هناك طموح ورغبة جامحة عن جميع خصومه من السنة والشيعة، العرب والاكراد بتجاوز ما بينهم من حواجز من اجل تحقيق الهدف رقم واحد وهو اسقاط المالكي، ولكن بعد سقوط الاخير هل ثمة ما يدفع تلك الاخوة الاعداء لتقديم تنازلات فيما بينهم؟! ومع عدم وجود افق سياسي لحل الخلافات فما هي البدائل؟! هل نفقد مدنا جديدة بساعات ثم نعود لكي نستعيدها بمعارك تستغرق شهور على الاقل؟! ان مرحلة انفجار الازمات تجعل ابواب جميع الخيارات مفتوحة على مصراعيها وما تبقى من شعرة تمسك بمكونات هذا البلد الممزق قد تقطعها اي ازمة من ازماتنا المستعصية.
مقالات اخرى للكاتب