ذات مرة سألت إمرأتان شقيقتان تدعى إحداهما لبيبة و الاخرى زبيبة عن عدد الزيجات في حياتهما، فأجابت لبيبة بأنها تزوجت مرة واحدة فقط أما أختها زبيبة فقد بادرت للإجابة بأنها واختها لبيبة قد تزوجتا ثمان زيجات!
التهديد الاخير الذي أطلقه رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي على خلفية دعوته الى الحضور للبرلمان و مناقشة التدهور الامني الحاصل في العراق، يتطابق تماما مع موقفي تلك المرأتين، ذلك أن المالکي يهدد بأن"في جعبته من الحقائق ما سيقلب الدنيا رأسا على عقب إن هو کشفها"، والحق أن لعبة التهديد"بکشف المستور"الذي بات محببا و مرغوبا لدى مختلف أطراف العملية السياسية الفاشلة في العراق، يجد المالکي نفسه مضطرا للجوء إليه وهو يواجه دعوة دستورية تنتصب أمامه تفرض عليه الحضور الى البرلمان و الإجابة على الاسئلة التي ستطرح عليه، ولأنه يعلم بأن الاسئلة المطروحة عليه ستکون من عيار خاص لکونها تنبع من مصادر خاصة جدا، فإن عدم الحضور أفضل من الحضور، لکن عدم الحضور على خلفية التهديد سالف الذکر، يکاد أن يکون مشابها"من حيث المضمون و المعنى"لموقف زبيبة في حکايتنا المدرجة آنفا، إذ أن الملفات التي يهدد المالکي بکشفها ضد خصومه هي قطعا"غيض من فيض"قياسا الى ملفاته الطويلة العريضة في مجال المساس بالامن و السياسة و الاقتصاد في العراق، لکننا مع کل ذلك لنا ثمة مؤاخذة خاصة على رئيس الوزراء العراقي، مؤاخذة تتعلق بتصريحه الناري الذي نحن في صدد البحث و الاستقصاء في ثناياه لکننا سنأتي عليه في نهاية المطاف.
نوري المالکي الذي يدفع الان الضريبة الباهضة جدا للنظام الايراني على خلفية إبقائه لولاية ثانية على الرغم من هزيمته المفضوحة أمام خصمه أياد علاوي، لايدرك لحد الان بأن ثمن هذه الضريبة تصاعدي و يتضاعف دائما ولن يتمکن أبدا و مهما حاول من الافلات من تبعاتها و إلتزاماتها"الاثقل من کل أزماته و مشاکله"، لأن النظام الايراني عندما يقدم حاجة ما لأحدهم فإنه يفکر في إکتساب أضعاف مضاعفة لما قدمه، وان الاوضاع الوخيمة التي يمر بها النظام الايراني حاليا يجبره على مضاعفة الواجبات و الالتزامات و الفاتورات على المالکي خصوصا وانه محشور الان في زاوية ضيقة جدا وان الوحيد الذي بمقدوره تقديم خدمات"مفيدة"لهم هو المالکي و ليس الخائب حسن نصرالله الذي يعتبر الخط الامامي الاول للملالي و المرشح للسقوط في حال حدوث مواجهة"حقيقية"بين الدول الغربية و نظام الملالي.
المالکي الذي يزعم ان الذي "يمنعه من كشف هذه الملفات الآن هو رد الفعل الخطير، الذي سيصيب العراق والعراقيين، مفضلا التريث حقنا للدماء، وملمحا إلى أن من بين المتورطين نواب من التحالف الوطني وبقية الكتل، من خلال استخدام نفوذهم وبطاقات تنقل عناصر حماياتهم." کما جاء في حديثه مع قناة الفضائية العراقية، لکنه يتناسى من أن البطل الاوحد و الفريد من نوعه للفضيحة التي ستقع أن بادر هو بکشف تلك الملفات لن يکون سواه، بل واننا نرى أن أم الفضائح ستکون مع المالکي نفسه من دون أن نستثني أي طرف عراقي او کردي آخر من تبعات الفضائح الثقيلة التي ستثبت للعراقيين هشاشة و وضاعة العملية السياسية برمتها وان کلهم في الهوى سوى لکن و على قول المثل"کلا الاخوين....ولکن شهاب الدين...."، فإن الذي سيترتب على المالکي سيکون تماما غير الذي سيترتب من إستحقاقات و مضاعفات على الاطراف السياسية العراقية الاخرى المتورطة و المندفعة بعيدا في المستنقعين الآسنين للإرهاب و الفساد.
نعود مرة أخرى للتهديد المبين الذي أطلقه نوري المالکي بوجه خصومه الذين يريدون جرجرته عنوة الى مجلس النواب لکي يعرونه من ورقة التوت التي تستره، هذا التهديد الذي يؤکد فيه المالکي أن: "في جعبته من الحقائق ما سيقلب الدنيا رأسا على عقب إن هو کشفها"، لکننا نسأل زعيم حزب الدعوة الحصيف و رئيس وزراء العراق اللبيب، بماذا ستقلب الدنيا رأسا على عقب؟ ألم يکفيك أن قلبت العراق رأسا على عقب؟ ألم يشف غليلك مافعلته بالعراق حتى جعلت منه إقطاعية للملالي؟ ألايکفيك ماإرتکبته من جرائم و مذابح بحق أناس عزل و أبرياء في معسکر أشرف و مخيم ليبرتي من جرائم فظيعة ترقى الى مستوى جرائم بحق الانسانية؟ ألا يکفيك أنك وضعت تفاحاتك کلها في سلة ملالي إيران المتوجسين ريبة من تداعيات الاحداث و التطورات الجارية في إيران و المنطقة في الوقت الذي لايجد فيه الملالي سلة لکي يضعون تفاحاتهم العفنة فيها؟
ان المشهد الحالي في العراق و التطورات و التداعيات الناجمة عنها تعود الى اسباب متباينة لکن من المؤکد أن السياق السياسي الذي إلتزمه نوري المالکي في تبعيته المفرطة للنظام الايراني ستکون واحدة من أهم الاسباب الرئيسية التي قادت الى خراب و تدمير العراق و وصول الحال به الى ماهو عليه اليوم، لکن إستمرار هذه الوضعية القلقة و الحرجة للاوضاع الحالية في العراق، من المؤکد بأنه لن يستمر طويلا وان اول هزة من نوعها إذا ماتعرض العراق لها، سيکون المالکي و حکومته اول ضحية لها!
مقالات اخرى للكاتب